نشرت وكالة "رويترز"، تقريرا حصريا مطولا، حول ما وصفته بـ"خطة قطر لتوسعة منشآت الغاز الطبيعي الخاصة بها".
وقالت "رويترز": "عندما أرادت شركة رويال داتش شل العام الماضي شراء حصة في امتياز مباشر للتنقيب عن النفط قبالة سواحل جنوب أفريقيا، استخدمت شركة توتال صاحبة الحصة الرئيسية في الامتياز حقها في وأد هذه الصفقة، واشترت الحصة بنفسها لتبيعها فيما بعد لشركة قطر للبترول".
الأكبر في العالم
وأشارت إلى أن شركة "توتال"، كانت مجرد جزء من مسعى أوسع لتوثيق العلاقات مع قطر للبترول في محاولة لضمان الحصول على حصة في خطة التوسعة القطرية المزمعة في منشآت الغاز الطبيعي المسال، التي تمثل أكبر منشآت من نوعها في العالم ومن أكثر المشروعات ربحية في قطاع الطاقة".
وأوضح أن ذلك يبدو أنه خلق ما يشبه بنوع من "السباق" بين كبرى شركات الطاقة العالمية، بما في ذلك شركتي "إكسون موبيل" و"شل"، التي عرضت أيضا على "قطر للبترول" حصصا في بعض من أفضل مشروعاتها.
وترى شركات الطاقة في الغاز الطبيعي، أقل مصادر الطاقة الهيدروكربونية تلويثا للبيئة، نوعا رئيسيا من الوقود في إطار الانتقال إلى اقتصاد يقل فيه إطلاق الغازات الكربونية في الهواء.
وتسمح إسالة الغاز بتصديره للدول المستهلكة، مثل الهند والصين واليابان، ومن المتوقع أن يرتفع الطلب على الغاز الطبيعي المسال بشدة في العقود المقبلة.
وتتيح منشآت إنتاج الغاز الطبيعي المسال القطرية، التي تملك فيها توتال حصة بالفعل مع شل وإكسون وكونوكو فيليبس، للمستثمرين النفاذ إلى موارد هائلة تعد من بين أرخص الموارد من حيث تكاليف الإنتاج.
وقال جيسون فير، رئيس وحدة استخبارات الأعمال في شركة "بوتن وشركاه" للوساطة في سفن الغاز المسال والاستشارات: "هذه قطعة كبيرة من احتياطيات الغاز، وإذا استطعت أن تشتري حصة فيها أو المشاركة بشكل من الأشكال في هذه المشروعات فهذا قد يفيد (الشركات) فيما يتعلق بالاحتياطيات".
وتريد قطر للبترول زيادة إنتاجها من الغاز الطبيعي المسال إلى حوالي 110 ملايين طن سنويا من 77 مليونا، خلال السنوات الخمس المقبلة، وذلك بإقامة أربع وحدات إنتاجية جديدة.
وقالت مصادر بالقطاع لـ"رويترز" إنه "من المتوقع أن تعلن الشركة عن شركائها في الأشهر المقبلة".
ولم يتم حتى الآن الكشف عن شروط الإنتاج الجديد، وقال فير إنه من المرجح أن تكون أقل إغراء من الشروط، التي أقيمت بها وحدات إنتاج الغاز المسال الأصلية، لكنها ستكون مع ذلك من أفضلها في العالم.
وتابع "عوائد التوسعة ستكون أقل لمجرد أن المخاطر التي أحاطت بالوحدات السابقة اختفت إلى حد كبير، وليس هناك ما يدعو القطريين لتقديم صفقة أفضل".
وأشارت رويترز إلى أن الكعبي قال في تصريحات سابقة للوكالة عام 2018: "نحن نتطلع لأمور كثيرة (من شركائنا) بما في ذلك مبادلة أصول. أمور ستفيدني في توسعي الدولي".
وأضاف "إذا لم أحصل على صفقات جيدة، فلن يأتي أحد".
وقالت إن تلك الاستثمارات الخارجية والتعاون مع الشركات الأجنبية، ساعد قطر في تحدي المقاطعة التي فرضتها عليها دول مجاورة بقيادة السعودية في 2017، بسبب اتهامات بدعم الدوحة للإرهاب. وتنفي قطر هذا الاتهام.
التودد لقطر
وكشفت الوكالة أن شركة إكسون، أكبر شركة مساهمة كبرى في قطاع الطاقة تتداول أسهمها في البورصات على مستوى العالم وأكبر مستثمر في الغاز الطبيعي المسال في قطر، عمدت إلى تعزيز شبكتها العالمية مع قطر للبترول في الأشهر الأخيرة بعدد من المشروعات المشتركة البارزة.
ومن هذه المشروعات استثمار مشترك قدره 10 مليارات دولار في مشروع جولدن باس للغاز الطبيعي المسال على الساحل الأمريكي بخليج المكسيك، وحصة في مشروع تطوير غاز تنفذه إكسون قبالة ساحل موزمبيق، من المنتظر أن يصبح من أكبر مشروعات الغاز الطبيعي المسال العالمية في العقد المقبل.
كما اشترت الشركتان امتيازات للتنقيب قبالة سواحل البرازيل والأرجنتين وقبرص.
أما شل، أكبر مستثمر أجنبي في قطر، فقد قالت مصادر بالقطاع إنها تقدمت مؤخرا بطلب للانضمام لمجلس إدارة مجلس الأعمال الأمريكي القطري.
وفي 2014، باعت شل حصة نسبتها 23% في مشروع بحري كبير بالبرازيل لقطر للبترول الدولية، التي كانت آنذاك صندوق الاستثمار الخارجي القطري.
كما فازت الشركتان معا، بحقوق تنقيب في المكسيك العام الماضي.
وتأمل الشركات المنافسة التي ليس لها دور في منشآت إنتاج الغاز الطبيعي المسال الحالية، ومنها شيفرون وإيني الإيطالية، أن تفوز بموطئ قدم في مشروعات التوسعة.
وقد زار كلاوديو ديسكالزي الرئيس التنفيذي لشركة إيني الدوحة عدة مرات هذا العام.
وذكرت مصادر في الشركة الإيطالية أن إيني باعت لقطر للبترول حصصا في عدد من المشروعات في موزمبيق والمكسيك والمغرب وكينيا.
وفي الشهر الماضي، تعاونت شيفرون مع قطر للبترول في بناء مجمع للبتروكيماويات في قطر، بلغت استثماراته 8 مليارات دولار.
ومن الاشتراطات الرئيسية لشركة قطر للبترول، على حد قول مسؤول تنفيذي بشركة نفط كبرى طلب عدم نشر اسمه، أن تحتفظ الشركات الشريكة باستثمارات كبيرة في أي مشروع مشترك.
وقال المسؤول التنفيذي "الكعبي أوضح تماما أن بوسعهم إنجاز التوسعة بأنفسهم، ولذا فإن ما يمكن لشركات النفط العالمية أن تجلبه هو الصفة الدولية. فقطر للبترول تستغل التوسعة لتحقيق طموحاتها الدولية".
وأضاف أن
تلك الاستثمارات الدولية أصبحت "ذراعا من أذرع السياسة الخارجية" لقطر.
صفقات أفريقية
في كثير من الأحيان يملك المساهمون الحاليون حق الشفعة الذي يتيح لهم شراء الحصص التي يبيعها أي شريك آخر في حقول النفط والغاز.
غير أن تدخل توتال الفرنسية لمنع بيع حصة الشركة الكندية للموارد الطبيعية البالغة 25% في الامتياز 11ب/12ب لشركة شل كان معبرا بصفة خاصة، إذ أن مجموعة شل الانجليزية الهولندية منافسة الشركة الفرنسية هي أكبر شركة في العالم في تجارة الغاز الطبيعي المسال ومنافس كبير في قطر.
وفي فبراير/شباط من العام الجاري، أعلنت توتال أنها حققت كشفا غازيا كبيرا في بئر برولبادا في الامتياز 11ب/12ب، مما يمهد الطريق أمام تطوير أول حقل بحري في جنوب أفريقيا.
وامتنعت شل والشركة الكندية للموارد الطبيعية عن التعقيب.
ومنذ بيع الحصة في جنوب أفريقيا لشركة قطر للبترول، وقعت توتال عدة صفقات استثمارية مشتركة أخرى مع الشركة القطرية.
وفي غضون أيام أعلن الشركاء في الحقل كشفا كبيرا وهم يعتزمون إقامة منشآت للإنتاج هناك.
ويوم الثلاثاء، أعلنت توتال أيضا صفقة لنقل حقوق في عدة امتيازات في ناميبيا إلى قطر للبترول.
وقالت توتال في بيان لرويترز "نحن لنا وجود يرجع إلى 80 عاما في قطر ونعتقد أن هذه العلاقة القديمة مثمرة لقطر للبترول ولتوتال".
وأضافت "قطر للبترول كانت نشطة للغاية وناجحة في السنوات الأخيرة في تطوير وجودها الدولي. ونحن شركاء بالفعل في الكونجو وقد وسعنا هذه الشراكة في جنوب أفريقيا وكينيا وناميبيا وجيانا".
وتابعت "كان هذا التعاون ناجحا للغاية، ونحن سعداء أن حققت قطر للبترول أول كشف دولي لها معنا في امتياز برولبادا بجنوب أفريقيا في وقت سابق من العام الجاري".
وفي وقت سابق هذا العام، باعت توتال حصة في مشروع بكينيا لقطر للبترول.
وبرهن باتريك دو لا شيفارديير، المدير المالي للشركة الفرنسية على ضخامة الفوائد المرجوة عندما قال في أكتوبر/تشرين الأول الماضي إن الشركة "ستشعر بخيبة الأمل إذا لم تشارك في التوسعة القطرية للغاز الطبيعي المسال".