المنافسة على "كرسي قرطاج" حامية، والاستعدادات تجري على قدم وساق، لإجراء الانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها في 15 سبتمبر/ أيلول الجاري.
الشباب التونسي الذي كان وقودا لثورة "الياسمين"، وتصدرت صوره صحف ومجلات العالم دليلا على "ولادة الأمل"، بات منقسما اليوم بين يائس من أي تغيير قادم، وحالم بمستقبل أفضل، ومتفرج يراقب ما يحدث.
وكالة "سبوتنيك" ألتقت عددا منهم حيث اختلفت أرائهم بين اليائسين تماما من حصول أي تغيير بدعوى تكرر نفس الوجوه وجمود المشهد السياسي وبين الحالمين بمستقبل أفضل من خلال المشاركة في الانتخابات وبين المحاولين التغيير بالنزول من ربوة المتابعين إلى ممارسة العمل السياسي الفعلي والإنطواء تحت الأحزاب.
وعود كاذبة و لن يتغير شيء
نور الدين (33 سنة) شاب جامعي تخرج في 2006، يشتغل عامل بناء منذ 2009، بعدما ظل ثلاث سنوات عاطلا عن العمل. يقول إنه دخل عالم البناء بسبب عدم توفر حلول أخرى على الأقل لضمان قوته اليومي.
140 مليار تكاليف #الإنتخابات_التونسية
— nohalasaid (@girloftunis) September 2, 2019
مخّي حبس
بفلوسنا نختارو لصوصنا،فيق يا شعب #تونس_تنتخب pic.twitter.com/cPeyxYF1Y2
وعن الانتخابات يقول نورالدين إنه شارك في استحقاق 2011 بالتصويت لأحد الأحزاب الكبيرة في تونس، ولكنه اليوم غير مستعد لإعادة الكرة، ويضيف في حديثه لـ"سبوتنيك": "الوقت الذي سأضيعه بالذهاب لمركز اقتراع والتصويت لمرشح يتشدق بوعود زائفة أفضل أن أقضيه في العمل فبالنسبة لي ذلك أجدر وأنفع، لقد دمروا البلد، كلهم فاسدون و كاذبون، لقد كذبوا علينا في مناسبتين".
وتوافق شريحة كبيرة من الشباب التونسي رأي نورالدين، وذلك بالنظر إلى التداعيات الكبيرة للأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد وانسداد أفق التشغيل.
افتكاك العمل السياسي عوضا عن المشاهدة
عدد آخر من الشباب في تونس اختار المشاركة السياسية بدلا من الاكتفاء بالتعليق أو المشاهدة. خليل قنطارة أحد هؤلاء الشباب، قرر الدخول في الحياة السياسية بتأسيس قائمة مستقلة عن دائرة أريانة شمالي البلاد.
وفي حديثه مع "سبوتنيك" يقول خليل " من أصعب القرارات التي يمكنها أن تعترض حياتك هي دخولك للحياة السياسية".
ويضيف "لقد قررت أن أكون قائمة مستقلة رغبة مني في الارتقاء بتونس إلى مستوى انتظارات شعبها، الفقير ثم الغني، تونس تستحق أن يأخذ شبابها بزمام الأمور".
وعن انتظاراته من الانتخابات يؤكد خليل أنه متفائل رغم كل الصعوبات والعراقيل التي تمر بها البلاد، "مهما تكن الأمور فستكون أفضل من الماضي لأن الشعب اكتسب خبرة كبيرة".
ممارسة السياسة من خلال المجتمع المدني
حسب أرقام الهيئة العليا المستقلة للانتخابات فقد ارتفع عدد الشاب التونسيين المسجلين في انتخابات 2019 بمليون شاب، وإن كانت هذه الأرقام جيدة مقارنة بنسبة المشاركة في الانتخابات الماضية إلا أنها لم تغير رأي أحمد القادري الذي يرى أن "الانتخابات لن تغير من الواقع الذي تمر به البلاد".
يتابع أحمد في تصريحه لـ"سبوتنيك": "صراحة بالنظر إلى ما يحصل بين المرشحين من تبادل اتهامات وحجم الأموال التي تصرف أثناء الحملة، أرى أن هذه الطبقة السياسية لا يمكن أن يأتي من ورائها الخير، لست متفائلا ولكنني سأشارك في الانتخابات بالتصويت".
فضل أحمد الدخول في الحياة السياسية والشأن العام من خلال المجتمع المدني فهو ينشط في إحدى المنظمات التي تختص في مكافحة الفساد والشفافية. كما أن أحمد سيقوم بدور رقابي في الانتخابات القادمة.
وعلى الرغم من تباين الأراء والمواقف في الشارع التونسي حول مستقبل تونس بعد الانتخابات التشريعية والرئاسية 2019، إلا أن العديد من المتابعين للشأن العام في تونس يعتبرون أنه تم تحقيق جزء من البناء الديمقراطي بعد ثماني سنوات من الثورة، لكن في المقابل ما تزال الأزمة الاقتصادية التي تشهدها البلاد تهدد هذا البناء في حال عدم إيجاد حلول عاجلة.