تواصل المملكة العمل لحجز مكانة رائدة بين دول العالم وفقا لرؤيتها 2030، ترصد "سبوتنيك" في التقرير التالي أهم المراحل السياسية والاقتصادية والاجتماعية، التي عاشتها المملكة خلال تلك العقود الطويلة وتطلعاتها في العقود القادمة.
وتابع "الإجابة المباشرة للسؤال الأول، هي أن توحيد المملكة العربية السعودية تم بطريقة واقعية ومتدرجة، وبأسلوب عبقري لينصهر أبناء هذه الجزيرة العربية في كيان واحد ويعيش أبناؤها إخوة أحباء، بغض النظر عن خلفياتهم القبلية والمناطقية والمذهبية، ولتكون هذه الوحدة الوطنية الراسخة، قاعدة صلبة للتقدم والتطور".
وأضاف الخبير الاستراتيجي "البطل والقائد التاريخي والوطني الملهم، الذي حقق هذه الوحدة الوطنية هو الملك عبد العزيز آل سعود، الذي كان قائدا استراتيجيا وعسكريا محنك، ذو فكرعسكري ثاقب، فاهتم اهتماما كبيرا بالقطاعات العسكرية والأمنية ليسخرهما كأداة ووسيلة لتحقيق هدفه السامي ورؤيته المستقبلية في توحيد المملكة العربية السعودية".
استراتيجية عسكرية
وتابع الظاهري "في عام 1902، قام الملك ومعه 63 رجلا بعملية عسكرية خاطفة اقتحم بها حصن حاكم مدينة الرياض آنذاك، وطهر جيوب المقاومة داخل وخارج الحصن، ثم انطلق في توحيد مناطق المملكة منطقة جغرافية بعد الأخرى.
وخلال قرابة ثلاثين عاما (1902 ـ 1932) تمكن الملك عبد العزيز بفكره الاستراتيجي الثاقب، وإدراكه للتماثل الجغرافي والبشري للجزيرة العربية من توحيد الجزيرة العربية لبنة بعد الأخرى مستثمرا جغرافية هذه البلاد، وطاقة الصبر ودهاء الانتظار، حتى اكتمل بناء هذه الدولة الفتية وتأكد من سلامة البنيان.
واستغرقت عملية التوحيد 30 عاماً، وفي عام 1932 أعلن تأسيس وقيام "المملكة العربية السعودية.
وأشار الخبير الاستراتيجي، إلى أن مجلة "لايف- LIFE" الأمريكية في عددها الصادر في 31 مايو/أيار 1943، نشرت لقاء تاريخيا مع الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود.
وتصدرت صورته جالسا على كرسي، غلاف المجلة وكان عنوان اللقاء "ابن سعود ملك السعودية" ملك صنع مملكة ووحدها.
الأحفاد والأبناء
وقال الظاهري "رعى هذه الوحدة الوطنية الراسخة من بعده أبناؤه ملوك هذه المملكة فتمسكوا بالثوابت والمبادئ، التي وضعها موحد هذا الوطن وعبقري التوحيد، وأبدعوا في التعامل مع المتغيرات والتحديات والظواهر السياسية والاجتماعية والعسكرية والاقتصادية المحلية والدولية المتغيرة، التي تفرضها المستجدات العالمية الآنية، وخصوصا الجانب الاستراتيجي على وجه التحديد، وهو الجانب الذي يهتم بإستخدام القوى الوطنية الناعمة والخشنة، بقيم إسلامية وعربية واضحة وهي القيم الثابتة التى أسس عليها عبقري وموحد هذا الوطن الملك عبدالعزيز.
وأضاف الخبير الاستراتيجي:
يضرب لنا الملك سلمان، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان المثل في المحافظة على وحدة هذه الأمة وتنمية طاقاتها البشرية والاقتصادية والتقنية لتبقى المملكة العربية السعودية مثالا يقتدى في الأمن والاستقرار.
ويقول: "حين سئل الملك عبد العزيز من قبل مجلة "لايف" كيف تود أن توصف وتسجل سيرتك، ويتذكرك المواطن السعودي قال "لقد فتحت لهم (للسعوديين) أبواب الحياة الكريمة والسعيدة، وهيات لهم طرق التقدم والازدهار، وركبنا جميعا قطار الحضارة والمدنية".
تاريخ اقتصادي حافل
وحول التطورات الاقتصادية، التي مرت بها المملكة، قال الدكتور أحمد الشهري الخبير الاقتصادي السعودي لـ"سبوتنيك"، تاريخ الاقتصاد السعودي حافل بالكثير من التغيرات الكبرى ففي عام 1970 كان الناتج المحلي لا يتجاوز 5 مليار دولار، لكنه تجاوز782 مليار دولار في العام 2018 ميلادية، وبذلك أصبح الاقتصاد السعودي ضمن أكبر 20 اقتصاد عالمي في مجموعة العشرين، ويعزى كل ذلك النمو إلى النفط بالدرجة الأولى وبالرغم من ذلك قدم الأمير محمد بن سلمان رؤية لتنويع الاقتصاد السعودي بحيث يصبح اقتصاد منتج ويعتمد على الصناعة والقيمة المضافة والاستثمار.
تحولات هيكلية
وأضاف الخبير الاقتصادي، قد حدثت منذ عام 2016 تحولات هيكلية وجوهرية في تكوين استثمارات داخلية وخارجية شملت الاستثمار المحلي والدولي وتحسين بيئة الاستثمار الأجنبي المباشر وفتح الأسواق المالية للأجانب، علاوة على ذلك السعودية تمتلك خامس احتياطي من الغاز كما قامت مؤخرا بفصل الصناعة عن الطاقة بهدف أن تجعل الصناعة ضمن محركات النمو الاقتصادي الأساسية، كما أن إدارة الاقتصاد السعودي اتسمت بدرجة كبيرة من العمل المخطط، الذي جعل الحياة في السعودية من حيث المعيشة والعمل خيار مفضل، فمنذ 1980 ومعدل التضخم في المعدل النموذجي أقل من 5٪.
تطورات مجتمعية
ومن جانبه قال الدكتور خالد بن عبد الرحمن الشايع، أستاذ الثقافة الإسلامية والأخلاقيات الطبية لـ"سبوتنيك": "الراصد لتاريخ المملكة العربية السعودية خلال العقود الماضية وحتى يومنا هذا منذ تأسيسها على يد الملك عبدالعزيز بن عبد الرحمن الفيصل - رحمه الله - لا تخطئ عينه تلك التحولات المتلاحقة في المجالات كافة تعليمية وسياسية واقتصادية واجتماعية وتنموية.
وأضاف الشايع "إذا حاولنا رصد الجانب الاجتماعي فإن التحولات التنموية فيه كانت تقفز قفزات رائعة، حيث تجمع بين الثبات والتطور، ثبات في المبادئ والقيم، وتطور مذهل في التعاطي مع القضايا الحياتية وتعايش مع التطورات العالمية التي تقود إلى "أنسنة" الروابط والتعاملات المجتمعية كافة.
وأوضح الشايع: "المجتمعات كافة تعيش حركة ديناميكية مع محيطها الدولي في ظل العولمة والثورات المعلوماتية والتقنية فإن المجتمع السعودي لم يكن بمعزل عن ذلك، بل شارك وتعايش مع هذه التحولات وأخذ حظه من كل ذلك وافراً، مع ضبطها بقيمه السامية وعقده الاجتماعي الراسخ.
وأضاف أستاذ الثقافة الإسلامية، في عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز كانت المواكبة الحكومية للتطور الاجتماعي تركز على جانبين أساسيين وهما توفير الرفاه الحياتي للمجتمع السعودي مع ترسيخ قيمه وأعرافه الإسلامية والعربية، وبدا ذلك واضحا في إتاحة فرص المشاركة الحياتية في شتى المجالات للشباب وللمرأة، بجانب سن القوانين التي تجعل هذه المشاركة المجتمعية في أفضل وأسمى صورها.
وتحتفل المملكة العربية السعودية بيومها الوطني في اليوم الأول من الميزان الموافق 23 أيلول/ سبتمبر من كل عام، في ذكرى توحيد المملكة وتأسيسها على يد الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود.
وجاء اختيار هذا اليوم بمرسوم ملكي نص على توحيد كل أجزاء الدولة السعودية الحديثة تحت اسم المملكة العربية السعودية، واختار الملك عبد العزيز يوم 23 سبتمبر/ أيلول 1932، هذا اليوم لإعلان "قيام الوطن".