نشرت صحيفة "هآرتس" العبرية تقريرا تحدثت فيه عن كواليس الساعات الأولى، بعد إعلان عبور القوات المسلحة المصرية، قناة السويس وسقوط قطاعات عديدة من خط "بارليف".
وأوضحت الصحيفة العبرية أن تلك المعلومات حصلت عليها من المؤرخ الإسرائيلي، عوديد مجيدو، 70 عاما، الذي تحدث عن السلاح الصغير الذي كسر غطرسة القيادات الإسرائيلية.
وكان عمر مجيدو 24 عاما، عندما كان مقاتلا في سلاح المدرعات والدبابات الإسرائيلية خلال حرب أكتوبر 1973.
المفاجأة المصرية
وأوضحت الصحيفة أنه بعد عبور القوات المصرية بساعات قليلة، بدأت القيادات العسكرية الإسرائيلية في دراسة طرق الرد، وكان الخيار الأول هو "سلاح الجو" الذي كانت له اليد الطولى في حرب 5 يونيو/ حزيران 1967، وكان للطيارين الإسرائيليين باع وخبرات طويلة.
فكان الخيار الثاني، هو سلاح المدرعات، الذي كان غير بعيد عن خط "بارليف"، حيث كانت تمركز إسرائيل نحو 300 دبابة في سيناء وحدها.
وأوضح مجيدو أنه انطلقت الدبابات الإسرائيلية، على أمل إيقاف العبور المصري قبل نجاح القوات المسلحة المصرية في فتح ثغرات في الحائط الترابي، ونقل الدبابات المصرية إلى سيناء.
ولكن فوجئت تلك الدبابات الإسرائيلية بسلاح مصري صغير، لم تكن الاستخبارات الإسرائيلية على علم بوجوده مع القوات المصرية، ألا وهو المدفع المحمول المضاد للدبابات "ساغر".
وفوجئت القوات الإسرائيلية بأن الجنود المصريين نقلوا "ساغر" داخل سيناء، ونصبوه في أماكن عديدة لمواجهة أي هجوم بالدبابات الإسرائيلية.
وأوضح المؤرخ الإسرائيلي أن كان "ساغر"، سلاح سوفيتي حينها حديث، ويبدو أن مصر حصلت عليه قبل حرب أكتوبر بفترة قصيرة، مشيرا إلى أن هذا كان "قصورا" استخباراتيا خطيرا من إسرائيل.
وكبد المصريون بفضل هذا السلاح، القوات الإسرائيلية خسائر فادحة في ساعات قليلة.
ليل 8 أكتوبر
ويروي مجيدو، واقعة حدثت في 8 أكتوبر/تشرين الأول 1973، حيث حاول سرب دبابات السيطرة على أحد منطقة استراتيجية، لتسهيل الدعم اللوجيستي للقوات المحاصرة في سيناء.
ولكن بمجرد ظهور دبابة واحدة فوق أحد الكثبان الرملية، تم استهدافها بـ"ساغر" وتدمير السرب بأكمله المكون من 8 دبابات وقتل 4 جنود وأسر قائد السرب بعد إصابته خلال العملية.
وقال مجيدو: "كان مشهدا مليئا بالفوضى، أيام الحرب الأولى فاجئنا المصريون بذلك السلاح، الذي تسبب في فشل كل محاولاتنا لإحباط التقدم المصري".
وتابع "حرب يوم الغفران كانت من الحروب المؤلمة بالنسبة لسلاح المدرعات الإسرائيلي، لا يمكن أن أنسى يوم معركة المزرعة الصينية في سيناء، لقد كانت مأساة كان المصريون يتحركون بخفة وكأنهم يحاربون على تلك الأرض منذ سنوات".
واستمر
"ما نتوقعه دائما أن يفر جنود المشاة عندما يشاهدون الدبابات تبدأ في الهجوم، لكن الغريب أننا كنا نجد الجنود المصريين واقفين صامدين أمامنا يحاولون بكل الطرق إيقاف تقدمنا، وهذا ما كان بمثابة الصدمة بالنسبة لنا".
واستطرد
"كان هناك قناعة يمكن وصفها بالغطرسة لدى قادة سلاح الدبابات الإسرائيلية بأن أي هجوم تشنه الدبابة الإسرائيلية قادر على هزيمة أي قوة مصرية وتشتيتها في جميع الاتجاهات، وهذا ما كان خاطئا، كان المصريون يهاجموننا وكأننا نحن من وقعنا في المصيدة لا العكس".
وقال مجيدو "يبدو بكل قوة أن المصريين قاموا بتحليل كل نقاط ضعف الدبابات الإسرائيلية، لذلك استعانوا بكل ما لديهم من أسلحة لهزيمتنا وعلى رأسها هذا السلاح الصغير الذي فاجئنا (ساغر)".
مجزرة حوتال مخشير
وقال المؤرخ الإسرائيلي إنه شهد بأم عينه ما وصفه بـ"مجزر حوتال مخشير" للدبابات الإسرائيلية بعد ساعات من العبور المصري لقناة السويس.
وقال: "في الأسبوع الأول من الحرب، فقدنا مئات الدبابات، وتآكلت ثقتنا بأنفسنا، وكان ذلك بسبب المجزرة التي تعرضت لها الدبابات في حوتال مخشير يوم 8 أكتوبر.
وأشار إلى أن وحدات الاحتياطي المدرعة الإسرائيلية، واجهت تشكيل مصري مجهز جيدا بتلك الأسلحة الصغيرة المضادة للدبابات.
وواصل، "كان هناك فشل استخباراتي كامل، ولم نكن على علم بأنظمة الصواريخ المضادة للدبابات المصرية، لقد كان سلاح ساغر السوفيتي مع مصر مفاجئة بالنسبة لنا بصورة كبيرة".
واستمر
"كان المصريون يخرجون من قلب الظلام مستخدمين تلك الأسلحة ضد دباباتنا المحموة على الكتب، حتى أن القائد المساعد لسلاح الدبابات، يوسي كلاين، أصيبت دبابته بسبب صاروخ مصري أطلقه جندي يختفي خلف أحد التلال".
واستطرد "اضطررت لأن اترك جنود زملائي قريبين مني في الميدان وأهرب، رغم أننا نتدرب على ألا نترك خلفنا أي جندي إسرائيلي حتى لو كان مقتولا، وعندما حاولوا تكريمي عقب الحرب، قلت لهم لا استحق تلك الميداليات، فأنا تركت زملائي وهربت في الميدان، تلك لم تكن حرب لقد كانت مأساة".