بعد ساعات من مرسوم زيادة الرواتب في سوريا الذي صدر منذ أيام ولاقى ارتياحا كبيرا وتفاعلا في الشارع السوري، بدأت الكثير من الفعاليات الخاصة برفع أسعارها حتى قبل استلام الموظفين للدفعة الأولى من الزيادة، وبدأت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بالتحرك إلى الأسواق لضبط ومخالفة المتلاعبين بالأسعار، وهب الكثير من المواطنين للتبليغ عن حالات رفع الأسعار، وأغلقت على إثر ذلك الكثير من المحلات. وعززت الحكومة السورية عمليات البيع في صالات مؤسسة التجارة الحكومية التي تخلق منافسا قويا أمام بعض تجار القطاع الخاص الذي يسعى فقط لزيادة أسعاره وأرباحه. ورغم ذلك ارتفعت بعض الأسعاربنسب متفاوتة.
في المنافسة الحاصلة الآن داخل السوق السورية، يمكن لسلاح زيادة الإنتاج الزراعي والصناعي أن يخلق قوة اقتصادية فعلية وليست وهمية ستحد من جنون أسعار الصرف الذي تتلاعب به أحيانا صفحات خارجية وأحيانا يكون حقيقي ناتج عن معادلات العرض والطلب، إنما من المؤكد أن زيادىة الإنتاج المحلي سيحقق استقرارا نسبيا في بعض الأسعار مهما ارتفع سعر الصرف.
الإنتاج يجب أن يدعم بإجراءات حكومية تعزز مرونة توفير المواد الأولية للمنتجين، وزيادة التوسع بفتح منافذ المؤسسة السورية للتجارة التي تبيع المواطنين بأسعار مقبولة، واستمرار مراقبة كبح الأسعار من قبل بعض القطاعات، وكل ذلك سيكون في مواجهة المضاربين الذين يلعبون بأسعار الصرف ويدفعونها للأعلى، وجشع بعض القطاعات الرأسمالية التي ترفع أسعارها في ظل عدم وجود منافسة، بالإضافة إلى الحصار الغربي المفروض على سوريا والذي يحد من دخول الدولار إلى سوريا.
وحول أن الإنتاج هو السلاح الذي يقوي الاقتصاد السوري، اعتبر رئيس اللجنة الاقتصادية في مجلس الشعب السوري ورئيس اتحاد غرف الصناعة السورية فارس الشهابي أن هذا ما يجب أن يدركه الجميع، وعلق حول ارتفاع الأسعار:
"اتهام التجار بشكل أعمى خطأ كبير، هناك أقلية مسيئة لكن الباقي وطني و عنده كلف ترتفع"، مضيفا: "ثبات الأسعار ممكن لفترة وجيزة فقط.. بعدها سترتفع اذا لم تتحسن أسعار الصرف. لكن بحدود متناسبة و ليس جشعة".
الإنتاج الزراعي ارتفع هذا العام في كثير من القطاعات، وكذلك الإنتاج الصناعي، ولكن ما زال الإنتاج أقل من المستوى المطلوب وخاصة أن الإنتاج يجب أن يشمل قطاعات التصدير للحصول على القطع الأجنبي.
المنافسة إذا هي التي تخفض الأسعار، وإذا أتقنت سوريا تعزيز المنافسة، سيبدأ الجميع بخفض أسعاره وهنا ستبدأ القوة الشرائية للمواطن بالارتفاع بشكل نسبي.
ويجب ذكر أن الإنتاج المحلي يحتاج أيضا لسعر جيد حتى يضمن استمراره، ولكن الذي يحدث أن الإنتاج الزراعي مثلا يباع من المزارع إلى التاجر في أسواق الهال بسعر، ويصل للمواطن بسعر أكثر من مضاعف، بحيث يتجمع القسم الأكبر من الربح عند حلقة التجار.
وأوضح الدكتور أحمد: "الذي حدث أن بعض التجار استغلوا مكرمة السيد رئيس الجمهورية بزيادة 20 ألف ليرة على الرواتب، مع العلم أن هذه الزيادة ستؤدي إلى تحريك وتنشيط الأسواق وحركة البيع وزيادة نسبة الاستهلاك لدى المواطن وسيعود بالنفع على التجار، ولكن جشع التجار الكبير أدى إلى أن يقوموا برفع أسعار بضائعهم وهي موجودة على الرفوف، ولكن جشعهم لم يجعلهم أن ينتظروا إلى أن يتم تدوير هذه الزيادة في السوق، بل قاموا مباشرة برفع الأسعار، متذرعين أن هاذا سببه ارتفاع سعر الصرف، بالرغم من أن ارتفاع أسعار الصرف في السوق السوداء بدأ منذ أشهر، فلماذا مع زيادة الرواتب أرادوا رفع الأسعار وبالتالي أنا أعتقد أن إجراءات التموين صحيحة والمواطن بدأ يتعاون معها".
وحول نتائج الإجراءات قال الخبير الاقتصادي: "هذه الإجراءات التي تقوم بها الوزارة مع الرقابة الشعبية من قبل المواطنين، اذا استمرت ستكون النتائج جيدة وشعور المواطن أولا بقدرته على الاستفادة من هذه الزيادة، ثانيا يستطيع المواطن أن يجعل أمامه فرصا إضافية أخرى من أجل إما توسيع السلة الغذائية التي يحتاجها أو توسيع الملاءة التي يحتاجها لكي يتعاطى مع تسليفات البنوك من أجل أن يخفف من ضيقة الحالة المعيشية".
وختم: "زيادة عدد منافذ مؤسسة السورية للتجارة حسب الخطة الموضوعة الآن يبلغ عدد المنافذ حوالي 1150 صالة بيع، وهناك خطة لأن تصل إلى 3000 منفذ بيع، وبالتالي ستكون شاملة في معظم أراضي الجهورية العربية السورية".