وقال الثني في حواره مع وكالة "سبوتنيك"، إن سيادة الدولة هي التي تتحكم في أن ترعى مصالحها بالاتجاه الذي تراه مناسبا، متسائلا ما هي مصالح مصر أوالإمارات أو السعودية أو روسيا حين تعترف بحكومة الوفاق؟، لذا يجب أن يتخذوا موقفا قويا بأنها غير شرعية، وبرلمانها لا يعترف بها، إذن لا تعترف هذه الدول بها.
وفيما يخص الاتفاق الأمني بين تركيا وحكومة الوفاق، أوضح الثني أن هذه الاتفاقية من الناحية الدستورية والقانونية باطلة، لأنها لم تحظَ باعتماد البرلمان الشرعي الوحيد في ليبيا.
وإلى نص الحوار:
ــ كيف ترى الاتفاق الذي تم توقيعه بين حكومة الوفاق وتركيا؟
الاتفاقية الأمنية هذه من الناحية الدستورية والقانونية باطلة، لأنها لم تحظَ باعتماد البرلمان الشرعي الوحيد في ليبيا. ولا توجد أي اتفاقية تمنح رئيس الوزراء حق توقيع اتفاقية خارج الدولة ما لم تُعتمد من برلمان الدولة، وبالتالي هذه الاتفاقية لا تعني شيئا بالنسبة لي - فهي من الناحية القانونية اتفاقية باطلة وفقا لكل الأعراف والقوانين الدولية.
ــ لكن على أرض الواقع هل ترى أنها ستؤدي إلى تأجيج النزاع في العاصمة وبين القوات؟
بالعكس، رب ضارة نافعة، معظم القبائل معترضة عليها داخل المجتمع الليبي، وكل الدول المحيطة التي لها مصالح: اليونان وقبرص ومصر بدأت تستدعي السفراء الأتراك لمعرفة أبعاد هذه الاتفاقية.
ــ هل ترى أنها ستؤدي إلى عزلة أو مزيد من الضغط على حكومة السراج؟
بكل تأكيد، فهي لها تداعيات خطيرة جدا. إذا وقعوا اتفاقية وأصبحت حيز التنفيذ فستمثل إشكالية؛ لأن القانون الدولي يوجب أن يتم الاعتماد من قبل برلمان الدولة وإلا فلا اتفاقية.
ــ ما يتعلق بعودة المهجرين الليبيين من مصر... ما الجهود المبذولة في هذا السياق، وما حجم الميزانية المرصودة؟
الشق الأول يتعلق بمن يريد الرجوع - فهذا يتم دعمه وتسديد كل ما عليه من رسوم دراسية أو سكن أو علاج - فضلا عن تأمين حياة كريمة له في المناطق الآمنة المستقرة داخل المنطقة الشرقية حتى سرت، إلى جانب مساعدة وحلحلة بعض المشاكل للعائلات الباقية التي لا تسمح لها ظروفها ووضعها السياسي والنفسي بالرجوع، فنحاول بقدر الإمكان مساعدتهم ماليا وكذلك من ناحية العلاج، وبعض المختنقات التي يعانونها، وأن يبقوا في مصر حتى تستقر الدولة.
الميزانية وفقا للمعطيات. في البداية استهدفنا ألف عائلة، لكن حاليا حوالي خمسين عائلة فقط هو كل ما تحصلنا عليهم، والبقية قالوا إنهم مرتبطون بعام دراسي ولا يستطيعون العودة إلا بعد انتهائه في شهر يونيو.
ــ فيما يتعلق بعائدات النفط - هل يصل إلى جميع مؤسسات الدولة في الشرق كما في الغرب؟
بالطبع لا، كل ما وصلنا من عائدات النفط هو 233 مليون رواتب فقط للأجسام والأجهزة المركزية الموحدة مثل الدعم المركزي والحرس البلدي والسلامة الوطنية ومكافحة الهجرة غير الشرعية - هذه أجهزة مركزية تأتي رواتبها من طرابلس، عدا ذلك لا عائدات نفط تأتي من المنطقة الشرقية.
ــ هناك أحاديث تدور عن الإنفاق على الميليشيات والجماعات المسلحة من عائدات النفط - هل هناك دلائل ملموسة؟
صحيح، بدليل الإفراط الكبير في المبالغ التي تصرف لهذه الميلييشات وتصل إلى 5 آلاف دينار في الشهر، ولدينا معلومات شبه مؤكدة أن ما تم صرفه منذ الـ 4 من أبريل/نيسان 2019 وحتى يومنا هذا تجاوز 16 مليار دينار من عائدات الدولة والنفط.
ــ المعارك في العاصمة طرابلس مستمرة منذ عدة أشهر وتتعقد، ما احتمالية أن تتوقف هذه المعارك أو يتراجع الجيش؟
تراجع الجيش مستحيل، من الصعب جدا أن يتراجع الجيش لأنه أصبح قاب قوسين أو أدنى من الانتهاء، وتراجعه سيكون كارثة وخيبة أمل لكل من يتمنى التخلص من هذه الميليشيات.
الاتفاق السياسي يكون مع جسم يقبل الطرف الآخر؛ والإخوان لا يتقبلون إلا أنفسهم ولا يرضون سوى أن يكونوا السادة والبقية عبيد تحتهم، وهذا طبعا غير مقبول لأبناء الوطن الواحد؛ فنحن أبناء دولة واحدة وبلد واحد، ومن حقنا أن نمارس حقنا في بلادنا ونرحب بمن يأتي عن طريق الصندوق. لكنهم يرفضون بدليل أنهم حين فشلوا في انتخابات 2014 خلقوا ما يسمى "فجر ليبيا" ودمروا البلد وحطموه.
ــ في حال دخول الجيش وسيطرته على كامل طرابلس، هناك تخوفات من بعض أصحاب المشاريع الكبرى والأشخاص العاديين تجاه تصرف الجيش حيالهم والخطوات التي ستتخذ فيما بعد، كيف يعتزم الجيش التعامل مع هذه الأمور؟
الجيش أولا لم يأتِ للانتقام من أحد. دخول الجيش هو توحيد للبلاد. الجيش الآن هو الذي قضى على المجموعات الإرهابية في بني غازي التي لم يكن أحد يستطيع السير فيها عام 2014، الآن بني غازي الحمدلله. مشكلة الجيش ليست مع المواطن العادي وصاحب رأس المال، مشكلة الجيش مع المؤدلجين ومن يحملون سلاحا وفكرا ومن يريدون تدمير البلاد. هؤلاء طبعا يقاتلهم الجيش أما صاحب الشركة والمشروع وغيره فلا مشكلة للجيش معه.
ــ هل سيكون هناك خطط للإدماج والمصالحة؟
بكل تأكيد، البلد سيكون مفتوحا للكل، من يترك سلاحه مقبول، ومن يأتي ليندمج مقبول، ومن يتراجع مقبول، يعني ستلتئم البلد بإذن الله.
ــ هل ستكون هناك دعوات لترك السلاح والانضمام للجيش؟
بدأ ذلك الآن، بالأمس كان هناك وفد من الأمازيغ مع القيادة العامة، وهم كانوا متطرفين بشكل كبير، وداعمين للمجموعات المتطرفة، الآن، الأمازيغ - ككتلة كبيرة - حينما تخرج وتنضم للقوات المسلحة - فهذا مكسب.
في هذه الظروف من الصعب الحديث عن تشكيل حكومة، ينبغي أن تنتهي المعركة أساسا، وبعد ذلك يجب أن يتم تشكيل حكومة جديدة لا هي مؤقتة ولا حكومة الوفاق، وأن تكون بأعضاء جدد، وأن تكون متنوعة من كل الشعب الليبي، وبكفاءات محددة – تسير أمور البلد عامين أو ثلاثة حتى إجراء انتخابات لاختيار رئيس دولة، وإجراء تصويت على الدستور، ثم بعد ذلك يتم تشكيل حكومة.
ــ عن الدور الروسي تحديدا، هناك محاولات للزج باسم روسيا في الأحداث الجارية في ليبيا، هل يمكن أن تحدثنا عن طبيعة العلاقة مع روسيا وكيف ترون التعامل والتعاون معها؟
روسيا دولة عظمى في الحقيقة، وقد رأينا دورها في الصراع السوري، ولولا الدور الروسي لانتهت سوريا، فهي قطب، وقد استخدموا حق الفيتو بقوة، وحافظوا عليها، وعلاقاتنا قديمة منذ السبعينيات. وروسيا - نتمنى أن يكون لها موقف جاد. ولدينا دعوة هذا الأسبوع من ميخائيل بوغدانوف ومستشار رئيس الدولة ووكيل وزارة الخارجية لزيارة وزير خارجيتنا يوم 5 أو6، وهذه خطوة جيدة من روسيا لفتح الآفاق في التعاون ما بين الحكومة المؤقتة وروسيا.
ــ هل هناك مواضيع محددة مقترحة ستتم مناقشتها خلال اللقاء؟
بكل تأكيد، يعني ندعم الجانب الروسي، فكلمة روسيا في الأمم المتحدة قوية، وحين يقف الجانب الروسي والصيني ستتغير المعادلة بالكامل، وبالتالي بقاؤهم في جانب ليبيا سيكون له تأثير كبير في استقرار الوضع الأمني، وليكون هناك توازن حتى لا تترك الساحة لجماعة الغرب أو الاتحاد الأوروبي أو الولايات المتحدة أو ما إلى ذلك.
ــ هل يمكن القول إن المنطقة الشرقية باتت من الجماعات الإرهابية الآن؟
قد تكون هناك خلايا نائمة بكل تأكيد. لكن على العلن لا يوجد شيء، وبنسبة 85% المنطقة مستقرة بكل أريحية والحياة تدب بشكل طبيعي، ولا توجد مجموعات خارجة عن القانون. ليس هناك سوى الشرطة والجيش والأجهزة الأمنية العادية المتعارف عليها.
تركيا بعدما تغير سياستها وعنجهيتها وغطرستها، سيتم مواجهتها، كل الاتفاقيات الموقعة قبل 2011 متوقفة الآن في المنطقة الشرقية والغربية. الشركات لم تعد، الاتفاقيات متوقفة، وسيتم إعادة النظر، إذا كانت تركيا تود فتح صفحة جديدة والتعامل مع الليبيين كدولة مستقلة ولا تتدخل في شؤنها السياسية فلا بأس. أما إذا كانت تركيا تعتبر نفسها هي الحاكم وتتدخل في شؤننا الداخلية وتخلق فتنة بين مكونات الشعب الليبي خاصة في مصراته، وتحاول أن تعيد النزعة التركية القديمة والإمبراطورية العثمانية - حينها سيقف كل الناس ضدها.
ــ التعاون الاقتصادي مع مصر، ما هي أبرز العقود الموقعة مؤخرا أو المرتقب توقيعها؟
للأسف، لا توجد أي عقود مع الحكومة المصرية لأنها طبعا حتى الآن تتعامل مع حكومة الوفاق وتعترف بحكومة الوفاق وبالتالي لا نتعاون معهم.
ــ وفيما يخص التنقيب عن البترول؟
كما قلت ليس لدينا أي اتفاقية مع مصر سوى اتفاقية واحدة، وملتزمون بها، وهي إمدادنا بالكهرباء في المنطقة الشرقية وندفع لهم وفق الجدولة.
ــ ومع دول أخرى هل هناك اتفاقات بارزة؟
حتى الآن لا يوجد.
ــ على غرار الانتقادات الموجهة إلى الدور التركي هناك انتقادات موجهة للدور المصري والإماراتي في ليبيا، كيف ترى هذه المسألة؟
ــ هل هناك تطلع لأن يتخذ هذا الدعم والتعاون أشكالا أخرى متطورة وأكثر عمقا سياسيا واقتصاديا وعسكريا بين مصر والإمارات وليبيا؟
هذا يرجع إلى رؤية الدول ومدى استعدادها للتعاون.
ــ هل تتطلعون إلى شيء محدد؟
كما قلت نتطلع إلى هذه الدول الداعمة والقوية مثل روسيا ومصر والإمارات أن يكون لها موقف صلب وموحد - يعني كيف يدعمون حكومة الوفاق وهي غير معترف بها ولم تنل ثقة البرلمان. المفروض أن يسحبوا الثقة منها. يعني إذا اعترف العالم كله بدولة معينة وارتأت روسيا مثلا أن مصالحها تقتضي عدم الاعتراف بهذه الدولة - ما الذي سيصير، سيكون بالطبع موقف روسيا قويا، ولن يكون هناك دولة تستطيع أن تفرض على روسيا الاعتراف بدولة معينة. وكذلك مصر؛ لأن سيادة الدولة هي التي تتحكم في أن ترعى مصالحها بالاتجاه الذي تراه مناسبا. ما هي مصالح مصر أوالإمارات أو السعودية أو روسيا حين تعترف بحكومة الوفاق؟ - لذا يجب أن يتخذوا موقفا قويا بأنها غير شرعية، وبرلمانها لا يعترف بها، إذن لا تعترف هذه الدول بها.
ــ هناك مطالب بتعويض بعض الفئات المتضررة داخليا مثل تعويض المهجرين الذي تحدثنا عنه سابقا؟
هذا من الصعب الخوض فيه حقيقة، فالمهجرون ليسوا في بني غازي أو تاورغاء أو بني الوليد أو القواليشي أو درنة فقط، ليسوا في مدينة واحدة، وقد أصبح هذا الضرر مستشريا في جزء كبير من الرقعة الليبية.
هذا يحتاج إلى حكومة مركزية موحدة تخصص ميزانيات بالمليارات حتى يكون التعويض عادلا لكل هذه الفئات.
أجرى الحوار/ سلمى الخطيب ومحمد حميدة.