لكن كيف يمكن للعراق أن يصل إلى مرحلة "الفراغ الدستوري"، وما الذي جعله يصل إلى ذلك الأمر، هذا ما تفسره المادة 81 والمادة 67 من الدستور العراقي.
مواد دستورية
ووفقا للمادة 76 من الدستور، المهلة القانونية 15 يوما منذ قبول الاستقالة، التي انتهت اليوم الخميسء، ما يهدد العراق بالدخول في مرحلة "الفوضى" والفراغ الدستوري.
وتنص المادة 76 من الدستور العراقي، على الآتي:
أولا: يكلف رئيس الجمهورية مرشح الكتلة النيابية الأكثر عددا بتشكيل مجلس الوزراء، خلال 15 يوما من تاريخ انتخاب رئيس الجمهورية.
ثانيا: يتولى رئيس مجلس الوزراء المكلف تسمية أعضاء وزارته، خلال مدة أقصاها 30 يوما من تاريخ التكليف.
ثالثا: يكلف رئيس الجمهورية مرشحا جديدا لرئاسة مجلس الوزراء خلال 15 يوما، عندما يخفق رئيس مجلس الوزراء المكلف في تشكيل الوزارة، خلال المدة المنصوص عليها في البند "ثانيا" من هذه المادة.
رابعا: يعرض رئيس مجلس الوزراء المكلف أسماء أعضاء وزارته والمنهاج الوزاري على مجلس النواب، ويعد حائزا ثقتها عند الموافقة على الوزراء منفردين والمنهاج الوزاري، بالأغلبية المطلقة.
خامسا: يتولى رئيس الجمهورية تكليف مرشح آخر بتشكيل الوزارة خلال 15 يوما، فى حالة عدم نيل الوزارة الثقة.
الوضع معقد
يرى مراقبون أن الأوضاع في العراق تزداد تعقيدا مع إصرار المتظاهرين على مطالبهم بالتغيير الجذري للسياسة في البلاد، في الوقت الذي يفاضل البرلمان بين المرشحين لخلافة عبد المهدي في ظل تدخل أطرافا إقليمية تؤجج الصراع..مؤكدين أنه لا بديل عن الوساطة الدولية.
قال الدكتور عبد الستار الجميلي الأمين العام للحزب الطليعي الناصري لـ"سبوتنيك": "الوضع معقد في العراق في تلك المرحلة ،فالقوى القابضة على السلطة متمسكة بأن يكون المرشح من قوائمها الرئيسة، إلى جانب الرفض المتبادل لكل مرشح داخلها".
وتابع الجميلي، "في الوقت ذاته يتمسك المتظاهرون بأن يكون المرشح من خارج هذه القوائم ووفق شروط تتعلق بالاستقلالية والنزاهة والقرارات الشجاعة بطرح دستور جديد ومحاسبة القتلة والفاسدين، وبالتالي فنحن أمام فراغ سياسي واضح وفقا لسياقات الدستور".
الاحتمالات مفتوحة
وأشار أمين عام الحزب الطليعي إلى أن السلطات العراقية انتهكت توقيتات الدستور، وبدأت العمل والمشاورات خارج إطار الدستور، الذي لم تحترمه يوما إلا بوصفه حجة بيد كل طرف ضد طرف آخر.
وأكد الجميلي أن "الوضع الراهن يفتح الباب أمام كل الاحتمالات، بما فيه مبادرة الجيش لتولي إدارة المرحلة الانتقالية، في ظل مخاطر الطرق المسدودة والفراغ السياسي الواقع،والشلل الحاصل في كثير من المؤسسات خصوصا التربوية والتعليمية".
صلاحيات الرئيس
وقال ثائر البياتي الأمين العام لمجلس العشائر العربية بالعراق لـ"سبوتنيك"، "كل ما يجري على الساحة العراقية اليوم فيما يخص البرلمان والحكومة والكتل السياسية هو خارج إطار الدستور ومخالف له كليا، المفترض تنتهي المهلة الدستورية اليوم وأن تؤول صلاحيات رئيس الحكومة إلى رئيس الجمهورية برهم صالح، أو أن يتم التمديد لمدة 15 يوم عن طريق الرئيس للوصول إلى توافق حول مرشح لرئاسة الحكومة".
وأضاف البياتي، "في كل الأحوال، الفوضى السياسية في العراق مازالت قائمة والمتظاهرين مازالوا مصرين على مطالبهم، واليوم تم تجديد المطالب بحل البرلمان وطلب التدخل الدولي من أجل وضع نهاية لمآسي العراق".
وتابع أمين عام مجلس العشائر، إن "جميع القرارات التي تصدر عن البرلمان لا تسمن ولا تغني من جوع والمصالح السياسية مازالت مستمرة والضغط الإيراني مازال مستمرا لتنفيذ أجندته، في المقابل هناك ضغط دولي من جانب الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي على الحكومة العراقية لوقف حالات القتل والعنف والإخفاء القسري ضد المتظاهرين".
وحول الوضع السياسي الحالي قال بشير الصبيح المحلل السياسي العراقي لـ"سبوتنيك"، "الكتل السياسية العراقية تحاول تجهيز رئيس وزراء جديد خلفا لعبد المهدي، في الوقت ذاته يرفض المتظاهرون أي من الوجوه التي شاركت في الحياة السياسية خلال الفترة الماضية".
الاستبدال مرفوض
قال الدكتور قيس النوري أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد والسفير السابق في الخارجية العراقية لـ"سبوتنيك"، "الحقيقة أن المنتفضين لم يخرجوا إلى الشارع من أجل استبدال شخصية سياسية بشخصية سياسية أخرى، هذا التصور لم يكن موجودا ولن يكون، شعارات المنتفضين من البداية كانت واضحة بضرورة إنهاء البنية السياسية والنظام الفاسد".
وأضاف أستاذ العلوم السياسية، أن "مطالب المنتفضين والتي تمثلت في إسقاط الدستور الذي وضعه الأمريكي "بول بريمر" والممارسات السلبية من جانب الحكومات والأحزاب المتعاقبة، بالإضافة إلى ضرورة انهاء هيمنة النفوذ الإيراني من العراق".
وأوضح النوري، أن "قضية ترشيح شخصية لخلافة عبد المهدي، من التركيبة السياسية القائمة حاليا، بالتأكيد ستكون مرفوضة من جانب المنتفضين، وفي تقديري أن الحكومة والمنتفضين وصلوا إلى طريق مسدود، فلا الحكومة على استعداد للتنازل، ولا المنتفضين على استعداد أن يتم الالتفاف على انتفاضتهم وأهدافهم، لذلك أرى أن الأمر يتطلب تدخل دولي على مستوى مجلس الأمن بتقديم مشروع جديد ومدعوم دوليا لإنقاذ العراق، في تلك الحالة يمكن أن يقبل المنتفضين هذا الطرح وإن كنت غير مخول بالحديث عنهم ولكنني أطرح تصور سياسي".
ويشهد العراق من الأول من أكتوبر/ تشرين أول الماضي تظاهرات حاشدة في الشارع تطالب بتغيير جذري في الحياة السياسية بالبلاد، وقتل المئات من المتظاهرين وجرح الآلاف منهم بأيدي المليشيات والقوات الأمنية، مادعا الأمم المتحدة ومجلس الأمن لمطالبة الحكومة بالكف عن انتهاكات حقوق الإنسان ضد المتظاهرين السلميين المتواجدين في الشوارع والمعتصمين في الساحات حتى الآن.