وبين من عبر عن دعمه المطلق لها وبين من وضع لدعمه شروطا وبين من أعرب منذ البداية عن رفضه الاصطفاف فيما أطلق عليه بـ"التحالفات المتخفية خلف حكومة الكفاءات المستقلة"، ما يجعل مهمة مرور حكومة الحبيب الجملي من قصر الضيافة إلى باردو أشد صعوبة.
حكومة تتستر بغطاء المستقلين
حركة الشعب المنسحبة مؤخرا من المشاورات التي أدارها الحبيب الجملي طيلة ستة أسابيع بدار الضيافة، تصدرت قائمة المعارضين لهذه التركيبة، لاعتبارات حصرها المتحدث الرسمي باسمها أسامة عويدات بأنها "حكومة تنطوي على تحالفات حزبية بين حركة النهضة وحزب قلب تونس وتتستر بغطاء المستقلين"، وهو ما أثبتته التركيبة التي أعلن عنها الحبيب الجملي.
ويضيف عويدات أن تركيبة الحكومة الجديدة "أثبتت إصرارا من مشكّليها على اعتماد نفس السياسات العامة للدولة التي أدت إلى نشوب الثورة ونفس المنوال التنموي الذي أنتج ثماني سنوات من الفشل وعجز عن خلق الثروة وتقليص البطالة وتعديل الميزان التجاري".
كما أبدى عويدات تحفظه من اختيار الجملي تكليف كل وزير بإعلان برنامجه على حدى، وهو ما يتنافى مع مبدأ الدولة الواحدة والتضامن الحكومي، وفقا لقوله.
التيار الديمقراطي اصطف هو الآخر في صف شريكته في الكتلة الديمقراطية، إذ اعتبر القيادي في الحزب غازي الشواشي أن "مصطلح حكومة الكفاءات المستقلة بعيد كل البعد عن الواقع وقد فضحت التحالف غير المعلن بين النهضة وقلب تونس".
ودعا الشواشي حركة النهضة صاحبة التمثيل الأكبر في البرلمان (54 مقعدا)، إلى "تحمل مسؤولية خياراتها ومصارحة الشعب التونسي بحقيقة هذه التركيبة والابتعاد عن أسلوب المغالطة بالقول إنها حكومة كفاءات مستقلة".
ويعتبر القيادي في التيار الديمقراطي أن التركيبة الحكومية الجديدة غير قادرة على مواجهة التحديات الراهنة في ظل الوضع الاقتصادي والاجتماعي الهش الذي تمر به البلاد والذي يتطلب كفاءات حقيقية.
من جانبه صرح رئيس كتلة تحيا تونس في البرلمان مصطفى بن أحمد لـ"سبوتنيك" أن قيادات الحزب وهياكله أجمعت على عدم التصويت على حكومة الحبيب الجملي.
ويعتبر مصطفى بن أحمد أن حكومة الكفاءات المستقلة لا تنسجم مع رؤية المجلس الوطني للحزب الذي أكد سابقا على حاجة البلاد في المرحلة الراهنة إلى حكومة مصلحة وطنية تقودها كفاءات حزبية وازنة وتحظى بحزام سياسي يضمن مرورها في البرلمان ويدعم عملها وتوجهاتها لاحقا.
ويتوقع مصطفى بن أحمد أن يكون الحزام السياسي لهذه الحكومة ضعيفا اعتبارا إلى أنها لم تقم على أسس حقيقية وتضمنت أسماء تقلدت مناصب وزارية في حكومة الترويكا وأخرى لديها ارتباطات وثيقة بحركة النهضة التي احتضنتها منذ البداية ودعمتها سواء في المواقع المهنية أو السياسية.
ويضيف محدثنا أن مسألة الحسم في مرور حكومة الجملي من عدمه يبقى رهين استقرار المواقف السياسية لبقية الأحزاب التي لم تكشف بعد عن موقفها الرسمي.
موقف متململ لقلب تونس
في المقابل سارع حزب قلب تونس (38 مقعدا برلمانيا) منذ الدقائق الأولى من تسريب التشكيلة الحكومية - التي تبينت صحتها لاحقا- إلى التأكيد على أن منحه الثقة لحكومة الحبيب الجملي يبقى رهين التشاور الرسمي والمسؤول مع قيادة الحزب وإطلاعه على برنامج الحكومة بصفة رسمية.
وردا على ما وصفته أحزاب الخط الثوري بأن الحكومة الجديدة تنطوي على تحالفات بين حزبيْ قلب تونس والنهضة، قال الناطق الرسمي للحزب حاتم المليكي إن "قلب تونس لم يتدخل في خيارات الحبيب الجملي ولم يرشح أيا من قياداته لتولي حقائب وزارية معينة".
وفيما يتعلق بمسألة دعم الحكومة من عدمه أكد المليكي أن قيادات الحزب تدعم فكرة حكومة الكفاءات المستقلة وهو ما يعني التصويت لها مبدئيا، على أن يدرس المكتب السياسي للحزب الشخصيات المكونة للحكومة بهدف التثبت من كفاءتها واستقلاليتها.
حركة النهضة تتشبث بدعم الجملي
وفي كل هذا ما تزال حركة النهضة متشبثة بدعم خيارات الحبيب الجملي الذي زكته لتولي مهمة تشكيل الحكومة كما يؤكد ذلك الناطق الرسمي باسمها عماد الخميري، الذي شدد على أن الحركة ستحسم موقفها من التركيبة الحكومية خلال مجلس الشورى الذي سينعقد نهاية الأسبوع الجاري.
ولم تخفِ قيادات الحركة احترازها من بعض الأسماء الواردة في حكومة الجملي مؤكدة أن إمكانية إدخال تغييرات على التركيبة الحكومية يبقى واردا استنادا إلى أن المهلة الدستورية المقررة لتشكيل الحكومة لم تنته بعد.
ومن المنتظر أن يجتمع غدا مكتب مجلس نواب الشعب لتحديد موعد الجلسة العامة المخصصة للتصويت على منح الثقة لحكومة الجملي والتي من المنتظر أن تنعقد بداية الأسبوع المقبل، جلسة ستكون الفيصل بين فرضية مرور حكومة الجملي وبين فرضية الذهاب إلى حكومة الرئيس كما ينص على ذلك الدستور التونسي.