حوار جدد فيه الرجل تأكيده وقوف تونس إلى جانب الشعب الفلسطيني ومناصرته للقضية الأم، معتبرا أن التعامل مع الكيان الصهيوني خيانة عظمى ولا يحتاج إلى مبادرة تشريعية بل إلى موقف سياسي واضح".
وعن قرار تمديد حالة الطوارئ جدد سعيد تمسكه بأنه قرار غير دستوري ولكنه ضروري، مؤكدا أنه طالب بإضافة فقرة إلى فصول قانون مكافحة الإرهاب تتيح لوزير الداخلية وضع أشخاص تحت الإقامة الجبرية بعد إذن من النيابة العمومية.
تشكيل الحكومة
تضمن الحوار أيضا حديثا عن مشاورات تشكيل الحكومة الجديدة، شدد فيه سعيد أن اختياره لشخصية إلياس الفخفاخ كان مبنيا على أساس الكفاءة، نافيا تعرضه لأي ضغوطات من قبل بعض الأحزاب لاختيار شخصية بعينها.
كما نفى سعيد نيته تأسيس أي حزب سياسي مجددا القول أنه سيبقى مستقلا عن أي انتماءات حزبية ووفيا لتعهداته التي قطعها مع الشباب التونسي.
هذا ووعد سعيد بإنشاء مدينة صحية في محافظة القيروان بالوسط التونسي تتوفر فيها كل التجهيزات والاختصاصات، مؤكدا أنه سيعمل على إيجاد التمويلات الضرورية لإنشائها في أقرب الآجال بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية وعد من الدول المانحة من أجل تجنب إغراق تونس بالقروض.
الأزمة الليبية
أما في ما يتعلق بالملف الليبي فقد تمسك سعيد بالحل الليبي - الليبي، موضحا أن مبادرته مع القبائل الليبية ذاهبة نحو التوسع بعد أن عبرت قبائل من الغرب الليبي عن رغبتها في الانضمام إلى هذه المبادرة.
وأشار قسيس سعيد إلى زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان التي قال إنها أخذت الكثير من الاهتمام الخاطئ، مبينا انه يبحث عن مصلحة تونس.
حوار خارج الانتظارات
وفي تعقيبه على هذا الحوار بين المحلل السياسي باسل الترجمان لوكالة "سبوتنيك" أن 100 يوم ليست بالمدة الكافية التي تخول الخروج بتقييم واضح لعمل رئيس الجمهورية، خاصة في ظل حالة اللاحكم التي تعيشها البلاد بعد تعطل سير المشاورات الأولى مع رئيس الحكومة المكلف الحبيب الجملي وتواصل عمل حكومة تصريف الأعمال.
ومن حيث المضمون، قال الترجمان إن "رئيس الجمهورية كان عاجزا عن تطبيق وعوده ذات المنحى الدستوري التي وعد بها خلال حملته الانتخابية بالنظر إلى حالة الشلل التي تسيطر على القضايا الدستورية في ظل تعطل انتخاب أعضاء المحكمة الدستورية المعطلة منذ سنة 2014.
ويعتقد محدثنا أن "الأطراف السياسية والشعب التونسي عامة لم يستوعبا بعد أن دستور 2014 لا يمنح لرئيس الجمهورية صلاحيات أو إمكانيات من أجل أن يكون له دور في الحياة السياسية اليومية في تونس باستثناء ملف الدفاع والخارجية الذي لا يمكن أن ينجز في 100 يوم فقط".
ويبين الترجمان أن هذا العجز قاد رئيس الجمهورية إلى الانتقال إلى مهام رئيس الحكومة للوفاء بوعوده التي قطعها خلال حملته الانتخابية، مستدلا في ذلك بوعد قيس سعيد بإنشاء قطب صحي في القيروان وهو وعد يقول الترجمان إنه خارج صلاحياته باعتبار أن وزارة الصحة لا تتبعه.
خلل منهجي
ويذهب الترجمان في القول بوجود خلل منهجي واضح في عمل رئيس الجمهورية خاصة فيما يتعلق بوزارة الخارجية، مردّه بالأساس الشغور الحاصل في ترأس هذه الوزارة، متابعا أنه "لا يمكن أن نطلب إنجازات من وزارة سيادية تعيش بلا ربان".
وأضاف ترجمان أن قيس سعيد ما يزال يفتقد القدرة على التواصل مع الشعب التونسي بصفته رئيسا للجمهورية وأن يقدم خطابا يتضمن أجوبة صريحة وواضحة ومباشرة، وهو ما يفسر محاولته الابتعاد عن الإجابة عن الأسئلة بقراءته الخاصة وفلسفته.
ويرى الترجمان أن "تونس اليوم في مواجهة استحقاق حكومة وإنجازات إدارية وليس استحقاقا لنتائج عمل رئاسة الجمهورية".
أخطاء اتصالية
من جانبها ترى الباحثة في علوم الإعلام، والمختصة في الاتصال السياسي، سمية بنت رجب، في حديثها لـ"سبوتنيك" أن الحوار الذي دار بين رئيس الجمهورية والصحفيان في القناة الوطنية الأولى تضمن العديد من الأخطاء الاتصالية.
وتضيف بنت رجب أن مضمون الحوار كان رديئا وسيئا في العديد من المواقع خاصة فيما يتعلق بعملية إعداد المحاور التي اتسمت باللخبطة والتداخل ونوعية الأسئلة التي كانت مفتوحة ومتضمنة لأكثر من زاوية، وهو ما "قدم فرصة للضيف للتنصل من كل الأسئلة تقريبا".
ومن جانب رئيس الجمهورية، قالت بنت رجب إن "الارتباك والتلعثم كانا واضحين في حديث قيس سعيد"، مضيفة أن سعيد حاول في العديد من المواقع التهرب من الأسئلة أو طمسها.
وترى المختصة في الاتصال السياسي أنه بالرغم من الهنات المسجلة في هذا الحوار، إلا أنه يعكس سير تونس على خطى الدول الديمقراطية التي تريد النهوض بنفسها.