وبلغ الوضع المالي اللبناني مستويات غير مسبوقة من التدهور، بحسب تأكيد الخبراء لـ"سبوتنيك"، ما دفع المسؤولين للبحث عن جدولة الدين العام والتفكير في أكثر من مقترح، مرورا بالتعاون مع صندوق النقد الدولي، والتفكير في احتياطي الذهب الذي يعد من المحظورات في لبنان.
الخبراء أوضحوا، في حديثهم لـ"سبوتنيك"، أن طرح مسألة تسييل الذهب أو بيعه بمثابة مؤامرة تستهدف لبنان، وأن الخطة لا تقف عند الذهب، بل تستهدف كل الأصول اللبنانية السيادية.
لعله حان الوقت للتفكير باستخدام الذهب لإعادة هيكلة الإقتصاد وحماية الناس وحفظ سيادتنا، شرط أن لا نبدده لتسديد الدين ولا لتمويل الهدر وأن يكون ضمن خطة شاملة. ويفترض أيضا مساءلة للمسؤولين وفهما لأسباب الكارثة. لماذا لا نبدء بالذهب في نيويورك وقد يكون ثلث الكمية؟ #لبنان__ينتفض
— Jawad Adra (@JawadAdra) February 23, 2020
وذكر رئيس مركز "الدولية للمعلومات" جواد عدرا، في تغريدة على حسابه بتويتر، أنه "حان الوقت للتفكير باستخدام الذهب لإعادة هيكلة الاقتصاد وحماية الناس وحفظ سيادتنا، شرط أن لا نبدده لتسديد الدين ولا لتمويل الهدر وأن يكون ضمن خطة شاملة".
وتساءل عدرا "لماذا لا نبدأ بالذهب في نيويورك وقد يكون ثلث الكمية؟"، في إشارة إلى كمية الذهب التي يحتفظ بها لبنان في الولايات المتحدة كجزء من الاحتياطي.
ما حجم الذهب اللبناني؟
يؤكد الخبير الاقتصادي اللبناني، عماد عكوش، أن حجم احتياطي الذهب في لبنان يبلغ نحو 286.5 طن، وأن قيمته السوقية اليوم 15 مليار دولار، إلا أن معظمه غير موجود في لبنان، وأن وجوده يتوزع ما بين الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا .
هل يمكن تسييله؟
وبشأن جدية طرح تسييل الذهب أو بيعه، يوضح عكوش أن الأمر طرح عدة مرات، إلا أنه دائما" كان يواجه رفضا قاطعا على المستوى الشعبي، نظرا لعدم وجود ثقة بالطبقة السياسية التي ستستخدم هذا الاحتياطي وكيفية استخدامه".
هل يرفض الشارع؟
يوضح عكوش أن طرح هذا الموضوع مجددا "هو طرح غير جدي، ولن يقبل به أي طرف سياسي، إضافة إلى الرفض الشعبي له، خاصة بعد الأزمة المالية والمصرفية الحالية، على اعتباره الملجأ والحماية الأخيرة لأصحاب الودائع الصغيرة في المصارف اللبنانية".
قدرته على حل الأزمة؟
أما من ناحية إمكانية حله للأزمة المالية، فإن هذه الأزمة لا تحلها السيولة فقط، كما أن مبلغ احتياطي الذهب، لن يكفي بكل الأحوال، بحسب عكوش.
وشدد على أن ما يحتاجه لبنان اليوم يتمثل في قرارات جريئة تصدر عن الحكومة اللبنانية ومجلس النواب، لحماية أصحاب الودائع وخاصة صغار المودعين، إضافة لوضع خطة اقتصادية كاملة وشاملة للنهوض بالاقتصاد اللبناني وتحويله إلى اقتصاد منتج.
أمن قومي
ويرى الكاتب والمحلل اللبناني، وسيم بزي، إن الذهب هو أمن قومي غير قابل للنقاش والطرح تحت أي ظرف، ولا يتجرأ أحد على مجرد مناقشته، وأنه بحاجة إلى إجماع القوى السياسية، وأن مجرد الإشارة إليه يشوبها الكثير من الشبهة.
مؤامرة على لبنان
ويرى أن هدفه المس بآخر جدران الحماية الوطنية، وأن ذلك يكشف بعض الترددات للمؤامرة الحالية، التي يتعرض لها لبنان، وهدفها المس بكل الاحتياطي الوطني للدولة من المرافئ البحرية، إلى المطار والسندات السيادية، وكذلك شبكات الهاتف على تنوعها.
ضمانات دولية
وتابع أن الذهب وقيمته بحدود الستة عشر مليار دولار حسب السعر السوقي المتحرك، موجود خارج لبنان بضمانات دولية، وخاضع لمحددات سيادية، وبالتالي فإن مجرد طرح الأمر له علاقة بدفع لبنان إلى المزيد من الإفقار وتشريع إضافي لاستمرار النهب الداخلي، والابتزاز الخارجي، والذي يريد إدامة الأزمة، ربطا بصفقة القرن والمتطلبات اللبنانية المرتبطه بها.
وأضاف "بانتظار انتهاء انتخابات كيان العدو، وإعادة جدولة أولويات الأجندة المشتركة، بين ترامب وكيان العدو، ومن هنا المطلوب للمأزق الداخلي للدول المحيطة بفلسطين أن يبقى سائدا وضاغطا، لاستثماره لاحقا في لعبة التنازلات والمقايضات، التي ستفتح على مصراعيها".
ويتصدر لبنان قائمة الدول المدينة في العالم، إلا أنه من بين الدول العشرين الأولى في العالم الأكثر استحواذا على الذهب، كونه يملك نحو 286.6 طن من الذهب بقيمة 16 مليار دولار.
وبدأ لبنان تجميع الذهب بعد سنوات قليلة من نيله الاستقلال عام 1943، حتى عام 1971.
مع اندلاع الحرب الأهلية عام 1975 أرسل لبنان إلى ولاية كنتاكي الأمريكية جزء من احتياطي الذهب لحمايته.
هل تتجمد الأصول اللبنانية في الخارج؟
الذهب البناني محمي بقانون صدر عام 1986 يمنع بيعه أو رهنه، إلا أن الخبير الاقتصادي ياسر صبان، يقول لـ"سبوتنيك"، إنه حال عجز الدولة عن سداد دينها لحاملي سندات "اليوروبوند" فإن الأمر سيمثل كارثة بمجرد إقامة دعوى جزائية دولية واحدة تتجمد كافة الأصول اللبنانية في الخارج، بما فيها مساهمته في البنك الدولي.
ويرى أنه على اللبنانيين البحث عن حلول أكثر جدية.