أوقعت الطائرات التركية المسيرة خسائر بشرية ومادية كبيرة على الجبهتين السورية والليبية، وأعلن المتحدث بالسم الجيش الوطني الليبي، اللواء أحمد المسماري قبل أيام، وقوع عدد كبير من الضحايا، في منطقة الرواجح جنوب العاصمة طرابلس، ونشر المتحدث مشاهد لأضرار كبيرة وقعت في مكان الاستهداف.
من جهة أخرى، شنت الطائرات التركية المسيرة، هجوما واسعا في الأيام الخمسة الماضية على أغلب الجبهات السورية الموازية لمحافظة إدلب، استهدفت فيها نقاط تمركز الجيش السوري، بهدف إيقاف علميته العسكرية لمحاربة التنظيمات الإرهابية المتواجدة في محافظة إدلب السورية.
هل وجدت دمشق حل للمشكلة؟
من المؤكد، أن إعلان الجيش السوري، اليوم بحظر الطيران فوق محافظة إدلب، يستند إلى بيانات ومعطيات عسكرية، وليس مجرد إعلان للتداول الصحفي، أو لخوض حرب كلامية لم تعهدها دمشق في سياستها المعروفة "بصمتها".
المؤشر الأكبر على خلفية هذا البيان، هو إسقاط أربع طائرات مسيرة تركية في يوم واحد، الأمر الذي سيحد من حركة هذه الطائرات في الأيام القلية القادمة، والذي من شأنه إعادة ضبط الجبهات حول إدلب وشمال غرب حلب.
أما المؤشر الثاني فصدر اليوم قبل قليل من قبل رئيس مركز المصالحة الروسية في سوريا، معلنا عدم ضمان سلامة الطائرات التركية بعد إعلان دمشق، وإعلان المتحدث باسم الرئيس الروسي، استمرار عملية دمشق بمحاربة الإرهاب في محافظة إدلب.
وقال إن روسيا لم تعد قادرة على ضمان سلامة الطائرات التركية في سوريا، بعدما أغلقت حكومة البلاد المجال الجوي في إدلب
من المؤكد أن دمشق على علم مسبق باحتمال وقوع الكثير من الخسائر، لكن المعركة بالنسبة لها، أمر محتوم لأنها ستحدد مسار العمل السياسي والعسكري مستقبلا.
أيام يمكن أن تحدد مصير المنطقة
يمكن اعتبار الحرب التي تخوضها دمشق اليوم، من أشرس الحروب التي خاضتها في تاريخها، حرب مباشرة بين جيشين بعد تسع سنوات من المعارك، لكنها مصيرية، ومن المؤكد أنها لن تسمح بخسائر جغرافية كبيرة، خصوصا وأن لقاء الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بات قريبا، لذلك ستستمر بالضغط عسكريا، مهما كلف الثمن، تنفيذا لما قاله أردوغان أمس "تم حبك الأزمة في إدلب للتضييق على تركيا".
#عاجل | #أردوغان: تم حبك الأزمة في #إدلب للتضييق على #تركيا
— ANADOLU AGENCY (AR) (@aa_arabic) February 29, 2020
تنسيق سوري ليبي بدأ اليوم سيطال تركيا
العلاقات الدبلوماسية التي بدأت اليوم بتوقيع وزارة الخارجية السورية ونظيرتها في الحكومة الليبية المؤقتة على مذكرة تفاهم بشأن إعادة افتتاح مقرات البعثات الدبلوماسية والقنصلية وتنسيق مواقف البلدين في المحافل الدولية والإقليمية، من المؤكد أنه لن يتوقف على الجانب السياسي، بل سيشمل جوانب أخرى تم التلميح عليها بنص بيان الخارجية السورية.
وأشارت الخارجية السورية، إلى أن اللقاء بين الجانبين تناول "التنسيق المستمر بينهما لمواجهة الضغوط والتحديات المتشابهة التي تستهدفهما، وفي مقدمتها العدوان التركي السافر على سيادة كلا البلدين واستقلالهما والتدخلات الخارجية في شؤونهما الداخلية".
من المؤكد أن الأيام القادمة ستكون قاسية، لكنها ليست كما يتوقعها البعض، خصوصا من الجانب التركي، فالحرب السورية الليبية استمرت لأعوام طويلة، تغيرت فيها موازين القوى وتقلبت، لكن الجيشان السوري والليبي استطاعا التغلب عليها والالتفاف على تقلباتها سياسيا وعسكريا.
(المقال يعبر عن رأي كاتبه)