السفير طلعت حامد الأمين العام المساعد للبرلمان العربي سابقا قال لـ"سبوتنيك"، إن "التحفظ السوداني على بيان وزراء الخارجية العرب نهاية الأسبوع الماضي ومطالبته بعدم ذكر اسمه، يأتي في وقت حرج جدا بعد انسحاب إثيوبيا من مفاوضات واشنطن نهاية فبراير/ شباط الماضي وتوقيع مصر بالأحرف الأولى على الاتفاق الذي تم برعاية الولايات المتحدة الأمريكية، كذلك لم يوقع السودان، الأمر الذي يعني أن هناك تباينات كثيرة في وجهات النظر فيما يتعلق بحصص مصر والسودان وفق اتفاقية عام 1959".
وأضاف الأمين المساعد للبرلمان العربي، أن "الموقف السوداني الحالي مستغرب، لأن هناك اتفاق مبادىء تم التوقيع عليه بين الدول الثلاث مصر وإثيوبيا والسودان عام 2015، ومن الواجب على الدول الثلاث الالتزام بكل ما جاء بهذا الاتفاق والذي سارت المفاوضات بموجب بنوده لمدة خمس سنوات".
وأكد حامد أن "تحفظ السودان على بيان صادر عن الجامعة العربية به الكثير من علامات الاستفهام، حيث إن الذي كان واضحا خلال الفترة الماضية أن السودان يؤيد الموقف المصري، وعندما تأتي المواقف الحاسمة يتنصل من التوقيع على الاتفاقية كما تتحفظ على البيان العربي في القاهرة".
وأشار الأمين المساعد للبرلمان العربي إلى أن الوضع الراهن "يحتاج من مصر المزيد من الجهد الدبلوماسي بين القاهرة والخرطوم، ولا يمكن السماح بأن يكون سد النهضة سببا في إيجاد نوع من الفرقة بين السودان ومصر، لذا على الدبلوماسية المصرية التحرك سريعا نحو الخرطوم لإزالة الخلاف وتوضيح ضرورة تنفيذ ما تم الاتفاق عليه بين الدول الثلاث، بالإضافة إلى إقناع السودان بما تم الاتفاق عليه من قبل".
وأوضح حامد أن النظام السياسي في السودان تغير لكن السياسة التي وضعها البشير ما زالت هي القائمة حاليا، وعلى السودان أن يدرك أن علاقته بمصر أكبر من الحديث عن حلايب وشلاتين أو غيرها من القضايا الجانبية، لأن العلاقة أزلية بين الشعبين، وعلى الدبلوماسية أن تتحرك لسد الفجوة التي ظهرت في موقف السودان الأخير.
وذكر حامد أن "السياسة مصالح، ومصر كانت تتعامل خلال السنوات الماضية بمبدأ حسن النية في الوقت الذي كان يتعامل فيه الآخرون وفق مصالحهم، والإدارة الأمريكية ذكرت مثل هذا الكلام، في الوقت الذي لا تحتاج فيه السياسة لحسن النية في الكثير من الأمور".
من جانبه قال الدكتور أحمد المفتي المسؤول السوداني السابق في مفاوضات مياة النيل لـ"سبوتنيك"، إن ما قام به السودان بتحفظه على بيان الجامعة العربية، هو "أول موقف سليم للخارجية، حيث إن مجلس جامعة الدول العربية، على مستوى وزراء الخارجية، الذي عقد يوم الأربعاء 4 مارس/آزار 2020، قد أكد رفضه أي مساس بالحقوق التاريخية لمصر في مياه النيل"، مشددا على أن "الأمن المائي جزء لا يتجزأ، من الأمن القومي لمصر".
وأضاف المسؤول السوداني، "لقد طالب السودان بحذف اسمه من البيان الصادر عن الجامعة، ورغم ذلك تحفظ على البيان الختامي، وفي اعتقادنا، أن ذلك الموقف هو أول خطوة سياسية في الاتجاه الصحيح، يتخذها السودان، فيما يتعلق بسد النهضة، لأن موقف الجامعة العربية يخلق مواجهة بين الدول العربية وإثيوبيا، لا مبرر لها، وقد تؤدي إلى استقطابات حادة، تضر بالقضية".
وتابع المفتي أن "الموقف السوداني لم يكن يريد إغلاق الباب أمام الدور العربي تجاه قضية سد النهضة، للتوسط لدى إثيوبيا، للموافقة على المقترح الأمريكي، واعتمادا على تجربتنا، في المفاوضات الثنائية، وفي مفاوضات دول حوض النيل، وفي المفاوضات الدولية، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، فيما يتعلق بالمياه الدولية المشتركة وهي الأطول، نتحفظ على ذلك التوجه نحو البيانات الصدامية، لأن ضررها السياسي والقانوني أكبر من نفعها، ونأمل أن لا يتم تجاهل تحفظنا، كما تم تجاهل نصيحتنا عام 2011، بعدم مواصلة تشييد السد أثناء المفاوضات، وذلك التجاهل هو الذي أفضي إلى الوضع الراهن، الذي يهدد بضياع الحقوق المائية للسودان ومصر".
وقالت داليا يوسف عضو لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان المصري لـ"سبوتنيك"، إن "التحفظ السوداني على بيان وزراء الخارجية العرب بشأن التضامن مع حقوق مصر والسودان في مياه النيل غير مفهوم، فقد كان هناك اتفاق بين الدول الثلاث في 2015، والأمر غريب، بالأمس تعتذر إثيوبيا عن التوقيع الاتفاق الذي نتج عن الوساطة الأمريكية واليوم السودان يتحفظ على بياض الضامن، الأمر غير مفهوم".
وأضافت عضو العلاقات الخارجية بالبرلمان، أن "قضية سد النهضة إن لم يتم التوافق عليها بالشكل الذي يؤمن مصالح الدول الثلاث وحقوقها سوف يضر السودان قبل مصر، وأتمنى أن تكون الخارجية والحكومة السودانية لديها الوعي الكافي لعدم الإضرار بمصالح الشعب السوداني".
وأعلنت وزارة الخارجية الإثيوبية رفضها قرار الجامعة العربية بشأن سد النهضة برمته، معتبرة أنه يقدم دعما "أعمى" لبلد عضو (في إشارة إلى مصر) دون مراعاة حقائق رئيسية في المحادثات بشأن سد النهضة.
وأشاد البيان أمس الجمعة بالموقف الذي اتخذته حكومة السودان لرفضها تأييد "قرار" جامعة الدول العربية، لافتة إلى أن "السودان أثبت مرة أخرى موقفه المتمثل في كونه صوت العقل والعدالة".
وأعربت الخارجية عن تقديرها العميق للموقف السوداني الذي قالت إنه "يساعد في تقديم الحلول المربحة لجميع الأطراف المعنية، من خلال الالتزام بالحوار".
وأعربت الخارجية عن "اعتقاد إثيوبيا الراسخ بأنه من خلال استمرار الحوار المفتوح والشفاف، توجد إمكانية كبيرة للتوصل إلى حل ودي، وأن وضع الهيمنة غير مثمر ولا يلزم أن يكون له مكان في نظامنا العالمي المترابط".
وجددت "التزامها باتفاق إعلان المبادئ الذي ينص على التعبئة الأول لخزان السد بالتوازي مع الإنشاء".
واختتمت الوزارة البيان بأن إثيوبيا "على ثقة في أن جامعة الدول العربية سوف ترقى إلى مستوى الموضوعية والعلاقات الطويلة الأمد والقيم المشتركة في علاقاتها مع إثيوبيا"، معربة عن "تطلعها إلى شراكة معززة والعمل بشكل وثيق على الأهداف المشتركة".
وقالت الوكالة الرسمية المصرية، الخميس الماضي، إن السودان تحفظ على قرار وزراء الخارجية العرب بالتضامن مع مصر والسودان في ملف "سد النهضة".
وأضافت الوكالة أنها "علمت أن السودان تحفظ على مشروع قرار من مجلس وزراء الخارجية العرب، وهو القرار الذي أكد تضامن الجامعة العربية مع موقف مصر والسودان الخاص بسد النهضة الإثيوبي باعتبارهما دولتي المصب".
وأشارت المصادر للوكالة المصرية، إلى أنه "خلال اجتماع المجلس الوزاري لجامعة الدول العربية، تقدمت مصر بمشروع قرار يصدر عن الجامعة العربية بالإعراب عن التضامن مع مصر والسودان في ملف سد النهضة لمراعاة مصالح دولتي المصب، وتمت موافاة الجانب السوداني مسبقا بمشروع القرار للتشاور حوله مع التأكيد على أن قرار كهذا يدعم موقف دولتي المصب مصر والسودان ويعكس الدعم العربي لحقوق مصر والسودان المائية".
وتسبب السد الهائل الذي يتوقع أن يكون أكبر مصدر للطاقة الكهرومائية في أفريقيا، بتوتر بين أديس أبابا والقاهرة منذ بدأت إثيوبيا بالعمل على تشييده في 2011.
وتدخلت وزارة الخزانة الأمريكية، العام الماضي، لتسهيل المحادثات بين إثيوبيا ومصر والسودان، الواقع كذلك عند مصب نهر النيل، بعدما دعا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للتدخل.
وكان من المفترض أن تختتم المفاوضات بحلول منتصف يناير/ كانون الثاني الماضي، لكن مسؤولين أجّلوا الموعد النهائي حتى نهاية فبراير/شباط، ومع ذلك لم تثمر المحادثات عن حل جذري.
ولم تتضح بعد نتائج الوساطة الأمريكية، بينما اختارت إثيوبيا الامتناع عن إرسال وفد إلى جولة المحادثات الأخيرة التي جرت في واشنطن هذا الأسبوع.
وأعلنت مصر أنها ستستخدم "كل السبل الممكنة" للدفاع عن مصالح شعبها، موضحة أنها "تأسف لغياب إثيوبيا غير المبرر في هذه المرحلة الحرجة من المفاوضات"، ووصفت الاتفاق بأنه "عادل ومتوازن".