قال الدكتور الطيب زين العابدين، أستاذ العلوم السياسية في معهد الدراسات الآسيوية والأفريقية بجامعة الخرطوم لـ"سبوتنيك"، إن "ملف العقوبات الاقتصادية الأمريكية وقائمة الإرهاب بالنسبة للسودان بدأ منذ فترة مع إدارة ترامب، وصدر قرار من الكونغرس الأمريكي يدعو الإدارة الأمريكية لمساعدة الديمقراطية الجديدة في السودان وتغليب كفة المدنيين على العسكريين في السلطة، وهو المطلب الذي يؤيده الكثيرون من قوى الحرية والتغيير، ووصلتنا معلومات أن الجهة الأمريكية المختصة بالعقوبات على الدول في آخر اجتماع لها، لم ترفع اسم السودان من الدول التي تقر عليها العقوبات ولم تضعه تحت طائلة العقوبات".
الجناح المدني
وأضاف زين العابدين أن "محاولة اغتيال رئيس الوزراء عبد الله حمدوك في الخرطوم، لم يتم حتى الآن كشف غموضها، والحكومة السودانية لا تعلم أكثر مما يعلمه عامة الناس حتى الآن، فلم يتم القبض على المتهمين بصورة لها مصداقية، وتلك المحاولة في اعتقادي لها صلة بالجناح المدني في البلاد ووزير الدفاع هو ضابط ولكنه مدني لأنه خارج الخدمة، لذا يمكن أن يكون من بين أهداف العملية تقوية الجناح المدني".
عاجل
— 🇸🇩 الترند السوداني 🇸🇩 (@Sudan_Trending) March 9, 2020
محاول اغتيال رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك pic.twitter.com/htMC1Dd0Jy
التحفظات الأمريكية
وأشار أستاذ العلوم السياسية، إلى أن "الأزمة الاقتصادية غير المسبوقة التي يعيشها السودان بدأت تهدد وجود الحكومة الانتقالية وبقاءها، وربما تريد الإدارة الأمريكية التدخل في هذا الأمر ومساعدة الحكومة لتجاوز الأزمة بعدما رأت الكثير من الإشارات الإيجابية من رئيس الحكومة عبد الله حمدوك ومن رئيس المجلس السيادي الفريق عبد الفتاح البرهان بخصوص لقاء نتنياهو والاستجابة لبعض المطالب الأمريكية فيما يتعلق بتعويضات ضحايا الإرهاب في أمريكا".
وأوضح زين العابدين، أن "الانفتاح الأمريكي على الحكومة السودانية لن يكون على مصراعيه بلا تحفظات، وقد رأينا أنه كلما استجابت الحكومة السودانية لبعض مطالب واشنطن، نجد الحكومة الأمريكية تجدد مطالب أخرى، لكن من الممكن أن تحدث استجابة هذه المرة ويكون الأمر مفيداً للحكومة السودانية".
وحذر أستاذ العلوم السياسية الولايات المتحدة من "البطء في مساعدة السودان، لأن الأزمة الاقتصادية تتفاقم وعدم وجود حلول أو بوادر انفراج لتلك الأزمات قد يولد انفجارا جماهيريا جديدا، وعندها ستكون كل الأمور قد انتهت ولا تصبح هناك حاجة لرفع العقوبات أو بقائها، لكنني اعتقد أن الإدارة الأمريكية حريصة هذه المرة على أن يكون لها دور في تحقيق ديمقراطية في السودان ولو لمرة واحدة في بلد عربي، بعدما نجحوا في صناعة الكثير من الدكتاتوريات في البلدان العربية، ويريد ترامب أن تكون علاقته بالكونغرس جيدة قبل الانتخابات، لأن الكونغرس هو من دعا لمساعدة السودان للخروج من أزمته الحالية.
في نهاية هذا المقطع يقول مصوره دي عربية حمدوك يجب البحث عنه لمعرفة كيف عرف انها عربيه حمدوك ويتم التحقيق معاه pic.twitter.com/6BXyVlr59c
— علي متن الكلمات (@abuleem1) March 9, 2020
علامات استفهام
من جانبه قال الفريق جلال تاور الخبير الأمني والاستراتيجي السوداني لـ"سبوتنيك"، إن "محاولة اغتيال رئيس الوزراء عبد الله حمدوك بسيارة مفخخة في الخرطوم هي عملية جريئة وغريبة في نفس الوقت وليس لها مثيل سوى في تفجير أحد الفنادق بالخرطوم عام 1978".
وأضاف: "هذا الحادث قامت به منظمة تسمى "أيلول الأسود" كانت متواجدة وقتها بالسودان، والغريب أيضا في تلك العملية أنها تمت في الفترة الصباحية في توقيت مرور رئيس الوزراء وتواجد عدد من الجهات للتغطية والحماية، وحتى الآن لم نسمع بالقبض على الجناة رغم الجهود التي تبذل، والكثير من علامات الاستفهام ما زالت قائمة حول تلك العملية، وهناك مخاوف من أن تكون تلك العملية بداية لعمليات أخرى".
وفيما يتعلق بطلب وزير الدفاع السوداني المساعدة الأمريكية لمكافحة الإرهاب قال الخبير الأمني والاستراتيجي: "كل الدول الغربية والأوروبية تسعى لتحريك السودان في اتجاه مكافحة الإرهاب والاتجار بالبشر ومنع عبور الأسلحة عبر السودان إلى جهات أخرى، وربما تهدف تلك الدعوة لمحاولة رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب بأي طريقة".
ردة الفعل الأولية والعفوية لجماهير الشعب السوداني في مكان #محاوله_اغتيال_حمدوك pic.twitter.com/jvOhpmqNfe
— Dr. Asaad Ali (@asaadali17) March 9, 2020
وأشار تاور إلى أن السودان "قدم كل أوجه التعاون من أجل مكافحة الإرهاب مع أمريكا والاتحاد الأوروبي وكل دول العالم، لكن المشكلة تكمن في أن السودان يسعى للخروج من تلك القائمة منذ أن دخلها وقدم الكثير من أجل ذلك، وقد تكون تلك الدعوة نتيجة القانون الذي بشر به الكونغرس لحماية الديمقراطية في السودان ويسعى لإجازته خلال الفترة القادمة، ضمن بنوده مساعدة السودان من أجل تحقيق الديمقراطية ومحاكمة مرتكبي جرائم حقوق الإنسان وجرائم الحرب، والمساهمة التقنية والمالية واللوجستية في مكافحة الإرهاب، كل ذلك يمثل بارقة أمل في النفق المظلم الذي تعيشه السودان منذ ثلاثة عقود، لذا فإن طلب وزير الدفاع ايجابي ونتمنى أن تستجيب له أمريكا".
قاعدة أمريكية
ونفى الخبير العسكري أن "تكون هناك نوايا أمريكية لإقامة قاعدة عسكرية بالبلاد، لأن السودان منذ سنوات يشارك الولايات المتحدة الأمريكية في قوات "الأفريكوم" والتي تتمركز على الحدود الفاصلة بين السودان وجنوب السودان وهي قوات كبيرة، علاوة على أن السفارة الأمريكية بالخرطوم تعد من أكبر السفارات في المنطقة، وتكاد تكون قاعدة وليست سفارة".
محمد الفكي الناطق باسم مجلس السيادة يستعرض مخرجات الاجتماع المشترك لمجلسي السيادة والوزراء وقوي الحرية والتغيير ، عقب #محاوله_اغتيال_حمدوك #السودان pic.twitter.com/aDaW0X8kdP
— Sudan News (@Sudan_tweet) March 10, 2020
وأوضح تاور، أن "محاولة اغتيال حمدوك وما يثار حولها، من أنها قد تكون بفعل أجهزة بالدولة، والشارع السوداني ومواقع التواصل الاجتماعي تتناول ثلاث سيناريوهات لهذا الحادث، فالبعض يرى أن العملية مدبرة من قبل عناصر النظام السابق، والبعض الأخر يرى أن العملية من تدبير قوى الحرية والتغيير نتيجة الخلافات فيما بينهم لإخراج صورة بعينها، أما السيناريو الثالث فيرى أن الأجهزة الأمنية هى من تقف وراء هذا الأمر، كل هذه تحليلات وتخيلات لكن الفيصل في الموضوع هو القبض على الجناة وتقديمهم للعدالة".
ودعا وزير الدفاع السوداني، الفريق أول ركن، جمال الدين عمر،أمس الثلاثاء، الولايات المتحدة إلى دعم جهود الحكومة في مكافحة الإرهاب والجرائم العابرة للحدود.
وثمن الوزير السوداني، "تعاطف المجتمع الدولي مع السودان، عقب محاولة الاغتيال الفاشلة التي استهدفت رئيس وزراء البلاد، عبد الله حمدوك، الاثنين الماضي".
ووجه جمال الدين عمر هذه الدعوة، لدى لقائه وفدا أميركيا، برئاسة مارشال دونلنذي، مساعد وزير الخزانة الأميركية، والسفير الأميركي والملحق العسكري في السودان.
وشدد على أن قوى الدولة ستكون حارسا أمينا للتغيير، ودعا واشنطن لتعاون مثمر وبناء وعاجل مع السودان.
محاولة إغتيال حمدوك 💔 pic.twitter.com/uxQ8dwpM36
— K_9 (@K918095376) March 9, 2020
وفي وقت سابق، كشفت الشرطة السودانية، تفاصيل محاولة الاغتيال الفاشلة التي استهدفت رئيس وزراء البلاد، عبد الله حمدوك، يوم الاثنين الماضي، في العاصمة الخرطوم.
وبحسب بيان صادر عن رئاسة الشرطة السودانية، فإن العبوة التي استهدفت موكب حمدوك، كانت شديدة الانفجار، ووصل قطر آثارها إلى 1500 متر.
وأورد البيان أن العبوة التي تزن 750 غراما، تم زرعها على جانبي الطريق، وهي مصنوعة من مادة "أذيد الرصاص".
ووقع الهجوم في وقت تواجه فيه حكومة حمدوك صعوبات جمة في إدارة أزمة اقتصادية حادة كانت سبب خروج احتجاجات لأشهر ضد نظام البشير واستمرت حتى بعد الإطاحة به.
ويقود حمدوك حكومة مؤلفة من تكنوقراط بموجب اتفاق لتقاسم السلطة بين الجيش والجماعات المدنية لفترة انتقالية تستمر حتى أواخر 2022.