وكان إعلان استقالته هو آخر ظهور له على شاشة التلفزيون، وكان ذلك أمرا نادرا، إذ لم يكن يظهر منذ إصابته بجلطة في عام 2013، بعد أن حاول التمسك بالسلطة إلى آخر دقيقة.
بوتفليقة الذي اعتلى عرش الجزائر لعقود، يعيش الآن بعد سنة على تنحيه من السلطة وحيدا في عزلة تامة في منزله المجهز بمعدات طبية في زرالدة بالقرب من الجزائر العاصمة. ذلك المنزل المطل على ساحل البحر الأبيض المتوسط، والذي لم يغادره منذ 2013 إلا نادرا.
ولكنه في عزلته هذه "يعيش محاطا بشقيقته وفريق طبي"، بحسب ما يقوله مصدر في محيط بوتفليقة لوكالة "فرانس برس".
ويقول الصحفي الجزائري فريد عليلات، مؤلف آخر سيرة ذاتية له، في مقابلة نشرتها، الشهر الماضي، الأسبوعية الفرنسية "لوبوان" "يستقبل القليل من الزوار. ولا يزال مُقعداً على كرسيه المتحرك"، علما أنه غير قادر على الكلام بسبب مرضه. وأضاف: "لكنه يدرك كل ما يجري في الجزائر".
وكانت آخر مرة تم الحديث عنه بشكل رسمي في 12 كانون الأول/ديسمبر يوم بثت وسائل الإعلام صورة بطاقة هويته عندما تقدم شقيقه ناصر للانتخاب نيابة عنه.
ويقول أستاذ العلوم السياسية السابق بجامعة الجزائر محمد هناد إن بوتفليقة لا يزال "يتمتع بجميع الامتيازات" التي يؤمنها له منصبه السابق، لكن لا شيء تقريبًا يتسرّب عن تفاصيل حياته اليومية.
ودعا إلى محاكمته العديد من السياسيين منهم الدبلوماسي السابق عبد العزيز رحابي، الوزير لفترة قصيرة في حكومة بوتفليقة الأولى عام 1999، قبل أن يصبح معارضاً شرساً لنظامه.
وقال في مقابلة مع قناة تلفزيونية خاصة إن الرئيس السابق "يتحمل مسؤولية الفساد. لقد قام بتغطيته. ومحاكمته ستكون رمزية"، إذ إنه لن يُسجن على الأرجح بسبب حالته الصحية.
في المقابل، يقبع في السجن شقيق الرئيس السابق سعيد بوتفليقة، الذي كان مستشاره الأول إلى حد اعتبر "الرئيس الثاني" مع تدهور صحة عبد العزيز.
واعتقل في أيار/مايو 2019، وحكم عليه بالسجن 15 سنة، في أيلول/سبتمبر الماضي، بتهمة التآمر ضد الجيش وسلطة الدولة. وتم تأكيد الحكم عند الاستئناف في شباط/ فبراير.
واتهم الفريق قايد صالح سعيد بوتفليقة بالتآمر مع رئيس المخابرات السابق الفريق المتقاعد محمـد مدين (المعروف باسم "الجنرال توفيق") وخليفته عثمان طرطاق، من أجل عزله من قيادة الجيش بهدف حماية أخيه.