لوحظ ذلك في إعلان وزيرة المرأة والأسرة والطفولة وكبار السن التونسية، أسماء السحيري، أن عدد البلاغات المتعلقة بحالات العنف ضد المرأة تضاعفت خلال فترة الحجر الصحي الشامل بنحو خمس مرات مقارنة بنفس الفترة من السنة الماضية، واعتبرت السحيري أن هذا الوضع يتطلب مجهودا إضافيا للإحاطة بهذه الفئة وتوجيهها.
العنف مازال ذكوريا
كشف تقرير صادر عن المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية أن خارطة العنف في تونس قد تغيرت خلال شهر آذار/مارس الماضي، بسبب الأوضاع الصحية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية في البلاد جراء انتشار فيروس كورونا المستجد وإقرار الحجر الصحي الشامل.
التقرير دعّم أيضا ما جاء على لسان وزيرة المرأة من تزايد حجم العنف ضد النساء خلال هذه الفترة، مؤكدا انتقال العنف خلال العشرة أيام الأخيرة من شهر أذار من الفضاءات العامة إلى الخاصة وداخل الأسرة.
كما أبرز أن العنف في تونس مازال ذكوريا بامتياز، إذ ارتكب الذكور نسبة 88 في المئة من أعمال العنف في حين أن نسبة العنف المختلط لا تتجاوز 9 في المئة وبلغ العنف الجماعي 52 في المئة والعنف الفردي 48 في المئة.
وتصدر إقليم تونس الكبرى وفق للدراسة ذاتها قائمة المناطق الأكثر تسجيلا للعنف بنسبة 34.5 في المئة من مجموع حالات العنف المرصودة، تليها محافظة سوسة بنسبة 15 بالمائة.
الوضع خطير جدا
تقول رئيسة الاتحاد الوطني للمرأة التونسية راضية الجربي لـ"سبوتنيك"، إن هذه الأرقام تدل على أن وضع المرأة التونسية خطير جدا، خاصة أن الإحصائيات الرسمية أثبتت منذ ثلاث سنوات تعرض نحو نصف نساء تونس ممن تتراوح أعمارهن بين 16 و50 سنة إلى العنف مرة على الأقل في حياتهن.
وتضيف الجربي: "العنف المسلط على النساء ليس زوجيا فقط وإنما هو عنف أسري في المجمل"، فالتشكيات الواردة على الاتحاد الوطني للمرأة التونسية تشير إلى اتساع دائرة الاعتداءات لتشمل الحماة وشقيق الزوج، أو أحد أفراد الأسرة عموما.
ولا تنفي الجربي استمرار حالات العنف المسلط على المرأة في الشوارع والتي بلغت حد الجرائم الجنسية على غرار حادثة اغتصاب فتاة بطريقة وحشية خلال الأسبوع الأول من الحجر الصحي وحرمانها من المشي مجددا.
ونبهت محدثتنا من مغبة اعتبار هذه الاعتداءات سلوكا عقابيا ضد من تخالف الحجر الصحي.
انفجار أسري
وتعتبر راضية الجربي أن أسبابا عديدة تقف وراء تنامي العنف ضد النساء خلال فترة الحجر الصحي، أولها الضغط النفسي والخوف من الوضع الوبائي، فضلا عن عامل الفقر وارتهان العديد من الأسر إلى البنوك وعجزها عن سداد قروضها وهو ما يولد حالة من القلق والتوتر داخل الأسرة تتحول تدريجيا إلى صراعات.
وتضيف: "معظم النساء في تونس يشتغلن في قطاعات مهمشة هن اليوم حبيسات البيوت، وجيوبهن خالية من المال بعد خسارتهن لموارد الرزق هذه الوضعية جعلت من هؤلاء النساء عرضة لتعنيف أزواجهن الذين يعتبروهن ملزمات بتوفير مدخول قار للأسرة".
وتشير الجربي إلى عامل آخر تقول إن البعض لا يعطيه الأهمية الكافية، وهو بناء المنازل التونسية القائم على تلاصق الغرف وصغر حجمها وهو ما يقلص من مساحة الخصوصية بين أفراد الأسرة الواحدة.
وتعتبر الجربي أن العمل والخروج إلى الفضاء الخارجي عموما أجلا حدوث هذه الأزمات أو قلصا من حجمها، وهو ما يفسر حالة الانفجار الأسري التي تعيشها بعض العائلات خلال هذه الفترة والتي تمظهرت من خلال العنف وفي هذا الإطار شددت الجربي على ضرورة اهتمام الدولة بالجانب النفسي وتوفير حد أدنى من الترفيه للأسر والتكثيف من العمل الثقافي، والاشتغال أكثر على توفير أماكن لإيواء النساء المعنفات.
رقم أخضر للتبليغ
ولتدارك هذه الوضعية والتقليص من خطر العنف على المرأة خلال فترة الحجر الصحي، فعلت وزارة المرأة والأسرة والطفولة وكبار السن الرقم الأخضر المجاني "1899" مدة 24 ساعة في اليوم وطيلة أيام الأسبوع، بهدف تلقي شكاوى النساء ضحايا العنف فضلا عن تقديم الإحاطة النفسية للمرأة والأسرة عموما.
وقد بلغت المكالمات الواردة على هذا الخط خلال النصف الثاني من شهر مارس/ آذار المنقضي 133 مكالمة، مسجلا ارتفاعا بخمس مرات مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
كما بادرت وزارة المرأة بتخصيص ثمانية مراكز إيواء للنساء ضحايا العنف الزوجي مرفقات بأطفالهن، على أن يتم تدعيمها بمراكز أخرى بغية الإحاطة بأكبر عدد ممكن من هذه الفئات، فضلا عن تدعيم عمل الوحدات المختصة في البحث في جرائم العنف ضد المرأة والأطفال خاصة خلال فترة الحجر الصحي.
وتشير الإحصائيات الرسمية إلى أن 46.7 في المئة من النساء في تونس تعرضن للعنف، وأن العنف المادي والجسدي هو الأكثر شيوعا بنسبة 31.7 في المئة، يليه العنف المعنوي بـ28.9 في المئة، ثم العنف الجنسي بنسبة 15.7 في المئة، وأخيرا العنف الاقتصادي بنسبة 7.1 في المئة.