يرى مراقبون أن إعلان العودة مجددا لاتفاق الرياض والتوافق حول النقاط الخلافية المتمثلة في الجانب العسكري والترتيبات الأمنية جاء نتيجة إدراك كل الأطراف أن أية مواجهة جديدة سوف تقضي على النسيج الاجتماعي ولن تكون في صالح الجنوبيين أو الشرعية، ولن يستقر أي طرف حتى لو سيطر على عدن.
نقاط الخلاف
قال فؤاد راشد رئيس المجلس الأعلى للحراك الثوري الجنوبي، إن نقاط الخلاف التي كانت بين الحكومة اليمنية والمجلس الإنتقالي فيما يتعلق باتفاق الرياض، كانت تتركز حول الجانب العسكري وتعيين المحافظ ومدير الأمن في العاصمة عدن، حيث تصر الحكومة الشرعية على إدخال قوات الحماية الرئاسية أولا حتى تتمركز في منطقة معاشيق والتي بها القصر الرئاسي، ثم بعد ذلك يتم تعيين المحافظ ومدير الأمن، وهم من يقومون بعد بعد ذلك على إيجاد قوة أمنية تابعة للشرعية، في الوقت ذاته كان الانتقالي يصر على تعيين المحافظ ومدير الأمن قبل دخول الحماية الرئاسية.
وأضاف رئيس الحراك الثوري لـ"سبوتنيك"، وحينما تم التوافق على ماطرحته الشرعية بإدخال القوات الرئاسية أولا، جاء اعتراض الانتقالي بأن هناك أسمال شمالية في كتيبة الحماية الرئاسية وهذا لا يجوز، وخضعت العملية لمشاورات بين الطرفين برعاية التحالف، وأنا متفائل بالعودة للاتفاق واعتقد أنه تم التوصل إلى حلول حول تلك العقبات، وأول تلك العقبات الأسماء التي قال الانتقالي أنها شمالية وهم جميعا جنوبيون وكانوا ضمن الحماية الرئاسية قبل أحداث أغسطس/آب الماضي.
خسارة الجميع
وأشار راشد إلى أن حالة الاحتقان الزائدة والتي سادت عدن خلال الفترة الأخيرة وذهاب جميع الأطراف إلى مقر التحالف في عدن، قد يكون بداية لتنفيذ المراحل الأولية لإتفاق الرياض على أقل تقدير.
وأكد رئيس الحراك الثوري على أن استمرار عملية الشد والجذب وعدم تنفيذ اتفاق الرياض، كل هذا سيؤدي إلى إضعاف القضية الجنوبية، وأي اشتباك عسكري قادم سوف يضرب التماسك والتلاحم الجنوبي، سواء بدأت العملية عن طريق الشرعية أم الانتقالي وسواء تمكن هذا الطرف أو ذاك سيؤدي لتمزق النسيج الجنوبي، واعتقد أن الجميع سيتجنب المواجهة العسكرية.
أسباب الفشل
قال عبد العزيز قاسم القيادي الجنوبي، توقعنا انهيار وفشل اتفاق الرياض بعد التوقيع عليه ومعرفة بنوده بعد رصدنا لمجريات الأحداث لاعتبارات وعوامل عديدة، منها أن الأطراف الموقعة عليه غير مقتنعة، ولديها أجندات وحسابات ذاتية تبعا لكل طرف، لكنها وقعت عليه نزولا عند رغبة الراعي الرسمي لهذا الاتفاق، وقبلت به على مضض ولكسب ود السعودية ليس إلا.
صراع جنوبي
وأضاف القيادي الجنوبي لـ"سبوتنيك"، هذا إلى جانب أن وجود الصراع في الجنوب وبين قوى منخرطة ضمن التحالف والشرعية يمثل انكسار وفشل للدور السعودي الذي لا يرغب في الظهور أمام المجتمع الدولي بعدم قدرته على احتواء الصراع، وإدارة المناطق الجنوبية المحررة، وهو ما يعزز موقف الحوثيين أمام المجتمع الدولي بعدم جدوى التمسك بالشرعية، والعودة إلى الحوار ووقف الحرب، والقبول بالأمر الواقع هذا كان توقعنا وهو ما أكدنا عليه من البداية.
وتابع قاسم، انتهاء الفترة المحددة لاتفاق الرياض وما رافقها من تصعيد إعلامي وعسكري بين الطرفين وصل حد المواجهة، لولا التدخل السعودي لاحتواء الموقف دون الإعلان عن فشل او نجاح الاتفاق وتنفيذ بنوده على أرض الواقع، واكتفت الرياض بالصمت وإدخال قوات تابعة لها، إلى أن جاء التصعيد الأخير بعد أن منعت السعودية قيادات جنوبية محسوبة على المجلس الانتقالي من العودة إلى عدن دون الإفصاح عن سبب هذا الإجراء، رغم طلب ومناشدة المجلس الانتقالي توضيح الأسباب.
اتفاق جديد
وأشار قاسم إلى أن "التصعيد عاد للمرة الثالثة ودعت قيادة التحالف قيادات محسوبة على الشرعية ومن المجلس الانتقالي للاجتماع في مقرها بعدن،ولم يد أي طرف بتصريح عن نتائج هذا الاتفاق الجديد والاكتفاء فقط بالتوافق، دون تحديد جوهر وبنود الاتفاق على غرار اتفاق الرياض الذي لم يعرف الرأي العام، جوهره ومضمونه وما هي نقاطه.
وقال القيادي بالحراك، أعتقد أن السعودية تمضي بعيدا عن الاتفاق ولا ترغب في إثارة أي صراع وانذرت الأطراف بذلك، والإصغاء فقط لتوجيهاتها إذ يفهم من ذلك أن اتفاق الرياض جاء بهدف جذب الحوثيين والايحاء لهم بالورقة الجنوبية، لكنها عاجزة عن إدارة الملف جنوبا بشكل صحيح، ونستطيع الجزم بأن التحالف يعاني من تصدعات على مستوى القوى المنضوية فيه داخليا وحتى إقليميا ودوليا وتظل كل الإجراءات مجرد ترقيعات ومسكنات سرعان ما تعود للمواجهة.
وأكد قاسم أن العقبات كثيرة وفي الوقت ذاته هناك ضغوط دولية بضرورة إنهاء الحرب ووقفها وضع التحالف خاصة السعودية أمام موقف صعب مع انتشار وباء كورونا وانهيار الاقتصاد أسعار النفط وعدم إحراز أي تقدم شمالا، فضلا عن كوارث السيول الأخيرة وكذلك الخدمات، كل ذلك يضع التحالف في موقف صعب لا يمكن أن يتجاوز العقبات إلا بالوضوح والتعاطي مع الواقع.
كانت الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي، وقعا، برعاية سعودية، في الخامس من تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، اتفاق الرياض لإنهاء التوتر والتصعيد العسكري بينهما على خلفية سيطرة قوات المجلس على العاصمة المؤقتة عدن في العاشر من آب/ أغسطس الماضي، عقب مواجهات دامية مع الجيش اليمني استمرت أربعة أيام وأسفرت عن سقوط 40 قتيلاً و260 جريحاً. بحسب الأمم المتحدة.
وينص الاتفاق على "مشاركة المجلس الانتقالي الجنوبي في وفد الحكومة لمشاورات الحل السياسي النهائي لإنهاء انقلاب جماعة أنصار الله "الحوثيين" على الشرعية اليمنية.
ويحدد الاتفاق، في ترتيباته السياسية، تشكيل حكومة كفاءات لا تتعدى 24 وزيرا بالمناصفة بين المحافظات الجنوبية والشمالية، يعينهم الرئيس عبد ربه منصور هادي بالتشاور مع رئيس الوزراء والمكونات السياسية خلال 30 يوما من توقيع الاتفاق على أن يؤدي أعضاؤها القسم أمام الرئيس في اليوم التالي بعدن، وهي المهلة التي انتهت بالفعل دون تنفيذ ذلك.
كما ينص على عودة جميع القوات - التي تحركت من مواقعها ومعسكراتها الأساسية باتجاه محافظات عدن وأبين وشبوة منذ بداية آب/ أغسطس الماضي- إلى مواقعها السابقة، وتحل محلها قوات الأمن التابعة للسلطة المحلية في كل محافظة خلال 15 يوما.
وتقود السعودية، منذ مارس/ آذار 2015، تحالفا عسكريا من دول عربية وإسلامية، دعما للحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، في سعيها لاستعادة العاصمة صنعاء ومناطق واسعة في شمال وغرب اليمن، سيطرت عليها الجماعة أواخر 2014، وبالمقابل تنفذ جماعة "أنصار الله" هجمات بطائرات بدون طيار، وصواريخ باليستية، وقوارب مفخخة؛ تستهدف قوات سعودية ويمنية داخل اليمن، وداخل أراضي المملكة.