وبالفعل لم تمض سوى أيام قليلة على إعلان الإدارة الذاتية حتى أطل الانتقالي من جديد ليعلن تراجعه، فهل كانت هناك ضغوط ومناورات سياسية خارجية للإعلان، ثم مورست أيضا الضغوط للتراجع، هل مازال الانتقالي يحظى بشعبية وما هو مستقبله السياسي.
تركيبة المجلس
المشروع الوطني
وأضاف رئيس تاج الجنوب، لـ"سبوتنيك"، "ومن هنا فإن تلك التركيبة المتناقضة في المجلس لا تؤهله لحمل مشروع وطني بحجم الجنوب، ولأن المكونات الجنوبية الحامل الحقيقي للمشروع الجنوبي، كان مشروعها واضحا، وهو استقلال الجنوب، فلم يكن بالإمكان استئناسها، فجيء بالانتقالي من أحزاب يمنية مشروعها السياسي بقاء ما يسمى بالوحدة اليمنية، لهذا فإنهم تعمدوا، بدعم خارجي، إخراج مسرحية التفويض والتمثيل لتمرير أي مشروع ناقص عن هدف الجنوب، إما مشروع الأقاليم أو الإدارة الذاتية وهو أقل من صلاحيات الأقاليم".
وتابع زيد: "نحن لم نتفاجأ بتبنيهم أي مشروع، بسبب تفرد هم بمشروعهم، لأنهم يعلمون أن هناك مكونات جنوبية مشروعها الاستقلال واستعادة الدولة الجنوبية، وعندما ذهبوا إلى الرياض كانت البداية العلنية للتنازل عن مشروع هدف أبناء الجنوب والتخلي عن هدفهم دون استفتاء الشعب الجنوبي، لذا عارضناه في حينه وبشكل مباشر، وكنا نعلم أن إتفاق الرياض لن ينفذ وبالفعل لم ينفذ، بسبب عدم الرغبة لدى الانتقالي ولدى الشرعية اليمنية في التنفيذ، وكل طرف نظر لعملية التنفيذ من الزاوية التي تحقق رغباته".
السيول والانتقالي
وأشار رئيس تاج الجنوب العربي إلى أنه "لهشاشة وضع الانتقالي في الداخل شعبيا بعد عجزه عن إدارة أبسط المرافق الخدمية في الوقت الذي كان يعلن سيطرته على الأرض، رغم أن هذه السيطرة ليست كاملة وإنما على عدن وضواحيها بسبب أزماته الداخلية تنظيميا وعسكريا وماليا، بعد إعلان الإمارات الانسحاب وتسليم الملف للاخوة السعوديين، فقد لاحظوا تآكله شعبيا حتى في إطار المناطق المحدودة التي يسيطر عليها، وانكشف الأمر بعد كارثة السيول، وفقدان ضحايا وتكدس المخلفات وتردي للخدمات وعجز الانتقالي عن فعل أي شيئ على أرض الواقع، في تلك اللحظات لجأ الانتقالي كهروب للأمام إلى فزاعة الإدارة الذاتية انقاذا لوضعه، ومحاولة رمي المسؤولية على غيره".
ولفت رئيس تاج الجنوب "أمام هذا الوضع الجديد للانتقالي وعدم تلقيه تأييدا على تلك الخطوة من حلفائه حتى في الامارات، وبيانات التنديد من قبل منظمات إقليمية ودولية، اضطر للتراجع عن إعلانه العشوائي وخطوته غير المحسوبة التي أساءت إلى قضيتنا الجنوبية وعدالتها".
المخرج الأوحد
وأشار زيد "لهذا لم يبق أمام الانتقالي سوى الاستماع إلى رأي حلفائه في التحالف، وأن يلتزم بخطوط اللعبة، ومن هنا يبقى أمامه مخرج فقط وهو السعي مع التحالف العربي لتنفيذ اتفاق الرياض، خاصة وأن المملكة العربية السعودية والإمارات هما من رعى هذا الاتفاق، تحت مظلة العلم اليمني ومضامين دستورالدولة اليمنية، واليوم أصبح هدف الانتقالي واضحا وهو الدخول في شراكة في حكومة كفاءات يمنية كما يسميها، الإغداق ببعض المناصب في السلطات المحلية والأمنية واستيعاب تركة الإمارات الثقيلة وهي القوات التي رعتها أثناء تواجدها في الجنوب".
تناقضات واضحة
من جانبه قال عبد العزيز قاسم، القيادي بالحراك الجنوبي، "المجلس الانتقالي ليست المرة الأولى التي يعلن عن قرارات ويتراجع عنها، إن لم يكن قد ألغاها أو عجزعن تنفيذها هذا من جهة، ثم إن التناقضات الواضحة في خطوات المجلس السياسية وتحالفاته وعلاقاته غير مستقرة، ولا يمكن بناء موقف ثابت تجاه مساره، لكن وبكل تأكيد كل هذه القفزات التي يقدم عليها بين الحين والأخر تقلص من حضوره وتفقده الكثير من وزنه ومستقبله السياسي، غير أن الواضح وما نستطع تأكيده، هو أن المجلس الانتقالي،لا يبدو هو من يقرر أو يفكر بصورة ذاتية ومستقلة، فلا تخلوا قراراته الارتجالية من دفع خلفي لجهات خفية، تدفعه لاتخاذ خطوات وقرارات غير محسوبة ومدروسة مثل خطوة الإدارة الذاتية الأخيرة والتي تراجع عنها مؤخرا بعد بيان التحالف ومجلس الأمن".
مكاسب ضائعة
وأضاف القيادي بالحراك لـ"سبوتنيك" من الأهمية بمكان، "معرفة طبيعة الوضع برمته وماهي قدرات وإمكانيات الانتقالي لتجاوز الواقع، وبكل تأكيد غير قادر على الانفراد باستقلالية القرار بعيدا عن دور التحالف، لأن التحالف هو المتحكم في خيوط الانتقالي والشرعية معا، التراجع بكل تأكيد يفقد ثقة الشعب به إن لم يكن قد فقدها، وهناك شيء مهم يمكن ملاحظته في مسار وخطوات الانتقالي وهو عدم الانضباط والتناغم في خطابه السياسي والإعلامي، وهناك جهة خفية ربما يكون تيار في النظام السابق يعمل على، دفعه لاتخاذ قرارات وخطوات، بهدف خلق إرباك في المناطق الجنوبية، وترك فراغ تحاول الدولة العميقة السابقة استغلاله لتكون بديلا أو خيارا افضل لدى التحالف".
وأكد قاسم أن الواقع معقد، وكل الفرص والخطوات استنفذها الانتقالي ولم يحقق أي تقدم أو مكسب في كل خطواته، حتى اتفاق الرياض الذي اعتبره مكسب سياسي لم يحقق له شي على أرض الواقع.
ليست المرة الأولى
وأضاف الخبير الاستراتيجي، "نحن لا نكترث لمثل هذه البيانات غير المدروسة والغير صادرة عن إرادة شعبية ووطنية مستقلة، الأمر لا يخرج عن صراعات إقليمية للسيطرة على عدن وإزاحة الخصوم السياسيين، وعندما شعرت الإمارات بأن الانتقالي سيحترق بعد الكارثة الأخيرة والخسائر التي تسببت فيها السيول والأمطار، فأوحت إلى الانتقالي بإصدار هذا البيان من أجل تهدئة الناس في عدن، وما يحدث هو من الأمور التي كنا نتوقعها".
أعلن المجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن الحكم الذاتي وحالة الطوارئ في المناطق التي يسيطر عليها في جنوب البلاد، وقال المجلس في بيان له "إن الحكومة اليمنية لم تفعل شيئا بعد اتفاق لتقاسم السلطة خاصة لتحسين الأوضاع المعيشية للمدنيين والعسكريين".
وشهدت عدن العام الماضي قتالا عنيفا بين قوات تابعة للمجلس الانتقالي وقوات تابعة للحكومة الشرعية راح ضحيتها العشرات قبل أن يوقعوا لاحقا على اتفاق سلام في نوفمبر/ تشرين الثاني.
وقالت وزارة الخارجية اليمنية في بيان نشرته على حسابها على تويتر بعد إعلان الإدارة الذاتية من الانتقالي قبل تراجعه مؤخرا إنّ "إعلان ما يسمى بالمجلس الانتقالي عن نيته إنشاء إدارة جنوبية هو استئناف لتمرده المسلح... وإعلان رفضه وانسحابه الكامل من اتفاق الرياض".
وأضافت: "المجلس الانتقالي المزعوم سيتحمل وحده العواقب الخطيرة والكارثية لمثل هذا الإعلان".
وتأسس المجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن في 11 مايو/أيار 2017 من قبل سياسيين ومسؤولين قبليين وعسكريين في عدن، ثاني كبرى مدن البلاد.
وأعلن وقتها عيدروس الزبيدي، محافظ عدن السابق، في كلمة بثها التلفزيون المحلي وإلى جانبه العلم السابق لجمهورية اليمن الجنوبي، عن قرار يقضي بقيام مجلس انتقالي جنوبي برئاسته أطلق عليه اسم "هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي".
وقال الزبيدي إن الهيئة، التي تضم 26 عضوا، بينهم محافظو خمس مدن جنوبية واثنين من الوزراء في الحكومة اليمنية، ستتولى إدارة و تمثيل المحافظات الجنوبية داخليا وخارجيا، وأعلنت حكومة هادي عن معارضتها لتشكيل هذا المجلس.
ويشهد اليمن أسوأ أزمة إنسانية في العالم، بحسب الأمم المتحدة، إذ تقول إن ما يقرب من 80% من إجمالي السكان -أي 24.1 مليون إنسان- بحاجة إلى نوع من أنواع المساعدات الإنسانية.
وكان التحالف أعلن عن وقف لإطلاق النار في الجبهات مع الحوثيين في التاسع من 9 أبريل/نيسان، دعما لجهود الأمم المتحدة لإنهاء الحرب المستمرة منذ خمس سنوات ولتهيئة الأجواء لمواجهة تفشي فيروس كورونا، وقام بتمديده لمدة 30 يوما مع حلول شهر رمضان.