ونقلت وسائل إعلام عن الناطقة الإقليمية باللغة العربية باسم الخارجية الأمريكية، غيرالدين غريفيث، قولها إن "قانون قيصر، الذي سيبدأ العمل به في يونيو المقبل، يوفر للولايات المتحدة الوسيلة للمساعدة في إنهاء الصراع في سوريا من خلال تعزيز المُساءلة لنظام الأسد".
وتستمر التهديدات الأمريكية بفرض عقوبات اقتصادية إضافية على الدولة السورية، وكذلك رفض واشنطن رفع عقوباتها السابقة من أجل السماح للدولة السورية بمواجهة كورونا، ما يطرح تساؤلًا مهمًا مفاده: "كيف ستواجه الدولة السورية المخططات الأمريكية؟".
قانون أمريكي
أقر مجلس الشيوخ الأمريكي في شهر ديسمبر/ كانون الأول الماضي (2019)، حزمة وثائق وتشريعات بينها "قانون سيزر" الذي يفرض عقوبات على سوريا.
وأوضحت لجنة شؤون القوات المسلحة في مجلس الشيوخ أن هذه الوثيقة تقضي بـ"فرض عقوبات على الأطراف التي تقدم دعما لمحاولات الجيش السوري لتحقيق انتصار عسكري".
ولفتت وكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية إلى أن هذه الإجراءات تشمل تطبيق عقوبات على شركات أجنبية حال تبين أنها تقدم أي دعم لعمليات الجيش السوري.
تأثير بسيط
غسان يوسف، المحلل السياسي السوري، قال إن "الدولة السورية تستطيع مواجهة قانون قيصر من خلال علاقاتها مع الدول الصديقة مثل روسيا والصين وبعض دول آسيا وأفريقيا ودول الجوار كالعراق والأردن ولبنان، كما يمكن إطلاق شعار الاعتماد على الذات الذي طرحه حافظ الأسد في الثمانينيات عندما فرضت الدول الغربية حصارًا على سوريا".
وأضاف في تصريحات لـ "سبوتنيك"، أن "إطلاق هذا الشعار تسبب في زيادة إنتاج الزراعة والصناعة في سوريا، وما زالت الدولة تعيش على هذا المبدأ، الذي يؤسس للاعتماد على الإمكانيات السورية، غير القليلة".
وأنهى حديثه قائلًا: "مهما حاولت أمريكا أن تطبق القانون فلن تستطيع أن تحقق أهدافها، وربما سيكون هناك بعض الانعكاسات على الشعب السوري وليست القيادة".
إحباط أمريكي
من جانبه قال الدكتور أسامة دنورة، المحلل السياسي والاستراتيجي العضو السابق في الوفد الحكومي السوري المفاوض في جنيف، إن "اعتماد قانون قيصر، والقرب المفترض لوضعه موضع التنفيذ، يشير إلى مدى إحباط الولايات المتحدة من فشل خطتها الأساس التي نفذتها تحت اسم Timber sycamore، والتي سعت عبرها، إلى إنشاء وتمويل وتسليح بنى إرهابية واسعة في سوريا لتقوم بدور المحارب بالوكالة ضد الدولة السورية".
وأضاف في تصريحات لـ "سبوتنيك"، أن "الولايات المتحدة لجأت إلى خطة ب لديها وهو سيناريو الخنق الاقتصادي لتحقيق ذات الهدف المتمثل في تطويع الشعب السوري، وليس حكومته فحسب، فالتجارب السابقة أثبتت مرات عديدة أن العقوبات الأمريكية من جانب واحد، وغير المتبناة من قبل المجتمع الدولي ومجلس الأمن، إنما تؤدي إلى اضطهاد الشعوب ومعاناة مواطني البلاد المستهدفة أكثر من حكوماتها".
وتابع: "لجأت الولايات المتحدة إلى أدلة استخبارية مزعومة اعتمدت على مجموعة من الصور المفترض أنها لضحايا سوريين، دون أن يكون بإمكانها تقديم أي دليل مقنع على كون هذه الصور التقطت في سوريا أو أدلة حول جنسية أو هوية الضحايا الموجودين في الصور، وظروف وفاتهم أو اسبابها، وبالتالي فإن الولايات المتحدة التي تتبجح بشفافية نظامها القضائي، اختارت أن تبني سياساتها تجاه شعب برمته على أساس أدلة لا تصمد للحظات ولا يعتد بها ضمن أي منظومة قضائية".
وأكد أن "الاتهام سياسي، والأدلة منحولة ومسيسة طالما لم يثبت العكس، وتهدف لإيجاد ذرائع لفرض عقوبات والحفاظ على حالة عداء وعزل لدولة ترفض حكومتها وشعبها السير في الركب الأمريكي، وترفض التخلي عن حقها في أرضها المحتلة في الجولان السوري المحتل".
إرهاب اقتصادي
وأشار إلى أن "اعتماد هذه العقوبات الأمريكية هي إجراءات اقتصادية أحادية الجانب من خارج إرادة المجتمع الدولي يمثل سلوكا منافيا للشرعية الدولية، ويجعل منها واحدة من أكثر مظاهر الإرهاب الاقتصادي تجلياً على الساحة الدولية، فالحديث هنا ليس عن إجراءات مقاطعة أمريكية ضد سوريا، فالولايات المتحدة ليست شريكاً تجارياً ولا اقتصادياً لسوريا، بل الحديث هنا عن سياسة أمريكية متغوّلة أداتها الهيمنة على المنظومة المالية والمصرفية العالمية، هذه الهيمنة التي يتم استغلالها لأجندات التطويع السياسي كوجه آخر مكمل للعدوان العسكري".
وأنهى حديثه: "مما لا شك فيه أن التكامل مع الحلفاء، وزيادة منسوب الاكتفاء الذاتي والاعتماد على الإنتاج المحلي تمثل البدائل السورية المتاحة في مواجهة الإرهاب الاقتصادي الأمريكي، وهي إجراءات تثبت فعاليتها باضطراد في عالم متغير تفقد فيه الولايات المتحدة تدريجياً موقعها على قمة الهرم الاقتصادي في العالم، بذات المستوى الذي يتراجع فيه مشهد الأحادية القطبية على مستوى العلاقات السياسية الدولية".
تمديد العقوبات
الأسبوع الماضي قال بيان نشر على قاعدة البيانات الإلكترونية في السجل الفيدرالي الأمريكي، إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قرر تمديد العقوبات الاقتصادية الأحادية الجانب المطبقة على سوريا لمدة عام آخر.
أشار البيان إلى أن هذه العقوبات تأتي ضمن التدابير التقييدية المختلفة التي وضعتها واشنطن ضد دمشق على التوالي منذ عام 2012 إلى عام 2014.
وكانت 10 دول بينها روسيا والصين وإيران وسوريا قد أرسلت رسالة رسمية إلى المفوضية السامية لحقوق الإنسان طالبت فيها بالعمل الفوري على رفع العقوبات الأحادية التي تفرضها الولايات المتحدة على الدول.