وأعلن رئيس مجلس النواب اللبناني، نبيه بري، عن توصل لبنان وإسرائيل إلى اتفاق إطار للتفاوض حول ترسيم الحدود البرية والبحرية، برعاية أمريكية وبإشراف الأمم المتحدة.
واختلف المراقبون بشأن طبيعة المفاوضات، ففيما أكد بعضهم أن انطلاقها مقتصر على ترسيم الحدود البرية والبحرية وحفظ حقوق بيروت في هذا الإطار، ذهب بعضهم الآخر إلى كونها بداية لمرحلة جديدة من الصراع بين الطرفين، يمكن أن تنتهي بالتطبيع.
ترسيم أم تطبيع
وقال موقع "واللا"، العبري إن "الإدارة الأمريكية تسعى إلى إحداث اختراق آخر في الشرق الأوسط عبر الضغط مجددا لانطلاق مفاوضات مباشرة بين إسرائيل ولبنان، بدعوى حل تحديد المياه الاقتصادية لكل منهما، وحل الخلاف حول قضية التنقيب عن الغاز في البحر المتوسط".
ونقل عن مسؤولين إسرائيليين وأمريكيين القول إن هناك انطباعا بأن الجانب اللبناني أصبح أكثر مرونة للدخول في اتصالات بشأن هذه القضية، وذلك في أعقاب الانفجار الكارثي في مرفأ بيروت، والأزمة الاقتصادية في لبنان، والانتقادات الداخلية لـ"حزب الله".
وأشار الموقع الإلكتروني العبري إلى أنه لم تجر مفاوضات لبنانية إسرائيلية مباشرة منذ 30 عاما، وأن الإدارة الأمريكية تحاول إعادة هذه المفاوضات من جديد.
علّق البطريرك الماروني الكاردينال، بشارة الراعي، على التوصل إلى اتفاق إطار لترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل، معتبرا أنه يضع لبنان على مسار التفاوض السلمي، دون أن يعني ذلك تطبيعا.
وأعرب الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، عن ترحيبه بإعلان إسرائيل ولبنان الاتفاق على بدء مفاوضات بشأن ترسيم الحدود البحرية.
مرحلة لبنانية جديدة
الناشط السياسي اللبناني أسامة وهبي، قال إن "اتفاق الإطار لترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل، والذي أعلن عنه الرئيس نبيه بري يوحي بأننا قادمون على مرحلة مختلفة من الصراع العربي الإسرائيلي، واللبناني الإسرائيلي".
وأضاف في تصريحات لـ "سبوتنيك"، أن "بري قال خلال كلمته ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل، دون أن يستخدم كلمة فلسطين المحتلة كما كان في السابق، خاصة أن هذا الفريق لطالما حسب على المقاومة، ورفع شعارات تحرير فلسطين".
وأكد أن "هذا يعني اعتراف بالكيان، وأننا دخلنا في مرحلة جديدة نبحث فيها عن حقوقنا فقط، ما يعني أن في حال النجاح بترسيم الحدود سينتهي الصراع اللبناني الإسرائيلي، وهذا أول مطالب التطبيع".
وأشار إلى أن "لبنان ذاهب إلى مرحلة أقل عداوة مع إسرائيل، وهذا قد يسبق التطبيع، أو هدنة طويلة، لبنان يدفع ثمن أزماته السياسية والاقتصادية، حيث أن الطبقة الحاكمة مهددة بأموالها وثرواتها".
ومضى قائلًا: "نجحت أمريكا في استغلال الأوضاع لجر لبنان للجلوس على طاولة تفاوض بشروط أمريكية إسرائيلية، والاعتراف بإسرائيل وحدودها ومياهها الإقليمية، وهذا ثمن بقاء الطبقة الحاكمة في سدة الحكم".
ترسيم فقط
بدوره قال المحلل السياسي اللبناني فيصل عبد الستار، إن "المفاوضات كانت تدور بواسطة الوسيط الأمريكي والأمم المتحدة، وكان هناك لقاءات عديدة على مدار عامين حاول لبنان فيها تثبيت حقه الأساسي في الموضوعات المتنازع عليها، مثل بلوك 8 والقضايا التي تحفظ عليها لبنان".
وأضاف في تصريحات لـ "سبوتنيك"، أن "لولا المقاومة لما قبل العدو المفاوضات، فإن لم تكن هناك مقاومة كان الاحتلال قد انتزع كل المنطقة، لكن بوجود المقاومة وقدرتها أفهمت العدو أن ثروات لبنان ليست لقمة سائغة لأحد".
وتابع: "المفاوضات ستكون غير مباشرة وبحضور الوسيط الأمريكي وكذلك الأمم المتحدة، وهي لترسيم الحدود فقط، ولا علاقة هنا لمناقشة بقاء المقاومة، أو سلاحها، أو قضية التطبيع التي يتحدث بها عنها البعض من قريب أو بعيد".
وأعلن بري، خلال مؤتمر صحفي، عن نص "اتفاق الإطار العملي للتفاوض حول ترسيم الحدود"، وجاء فيه أن "الولايات المتحدة تدرك أن حكومتي لبنان وإسرائيل مستعدتان لترسيم الحدود البحرية بالاستناد إلى التجربة الإيجابية للآلية الثلاثية المعتمدة منذ تفاهم أبريل/نيسان عام 1996، وحالياً بموجب القرار 1701، والتي حققت تقدماً في مجال القرارات حول الخط الأزرق".
وأشار الاتفاق إلى أنه "في ما يخص الحدود البحرية سيتم عقد اجتماعات في الناقورة (مقر الأمم المتحدة عند الحدود اللبنانية - الإسرائيلية) تحت راية الأمم المتحدة برعاية فريق المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان، لإعداد محاضر الاجتماعات بصورة مشتركة ستوقع وتقدم إلى إسرائيل ولبنان للتوقيع عليها"، على أن يتولى الجيش اللبناني إدارة المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي.
ونص الاتفاق على أن "الولايات المتحدة تعتزم بذل قصارى جهودها للمساعدة في تأسيس جو إيجابي وبناء والمحافظة عليه لإدارة المفاوضات واختتامها بنجاح في أسرع وقت ممكن".