ويقول بلهادي عيسى، رئيس حزب الحكم الراشد بالجزائر، إن فرنسا مطالبة اليوم وأكثر من أي وقت مضى، بضرورة تسليم خرائط النفايات النووية بالجزائر.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، إنه حال استجابة فرنسا لمثل هذه الخطوة فإنه يعتبر تأسيسا وسندا للمطلب الجماعي للأمة الجزائرية بتجريم الاستعمار الفرنسي، الذي يقتضي من فرنسا الاعتذار، وأيضا تعويض ضحايا الثورة لا سيما منهم أولئك الذين كانوا بمثابة (فأر تجارب نووية) بصحراء الجزائر.
السياسي الجزائري شدد على أنه
لا يمكن التراجع عن هذا المطلب الشعبي، الذي تترجمه القنوات الرسمية، حيث يدخل في دائرة اختصاصها التفاوض في هذا الشأن مع فرنسا، التي غالبا ما تعمد إلى ممارسة الضغط النفسي على الصعيد الرسمي بمثل هكذا أدوات وأدوار يائسة وبائسة تزيد من تعميق جراح الماضي، بحسب نص حديثه.
الاستجابة الفرنسية للمطالب الجزائرية يراها بلهادي غير قريبة، حيث يشير إلى أن فرنسا معروف عنها إدخال هذا المطلب في نفق المراوغة مثله مثل قضية المطالبة بتجريم الاستعمار الفرنسي.
أول تجربة نووية في الجزائر
في 13 فبراير/ شباط 1960، أجرت فرنسا أول تجاربها النووية في الجزائر بمنطقة رقان الواقعة بشمال الصحراء. فرنسا التي كانت تستعمر الجزائر أنذاك أطلقت على العملية اسم "جربواز بلو" أي اليربوع الأزرق وشملت تفجير قنبلة نووية بقوة 42 ألف طن.
بعد مرور 60 عاما، لا يزال سكان منطقة رقان يعيشون في حالة صدمة من الآثار التي تركتها هذه التجارب النووية الخطيرة، فالمنطقة تحصي نسبة كبيرة من مرضى السرطان وحالات ارتفاع ضغط الدم وتشوهات وغيرها من الأمراض المرتبطة بهذه الكارثة التي قامت بها فرنسا على مدار ستة أعوام حتى بعد استقلال الجزائر، بحسب "مونت كارلو".
في هذه الأيام طالب مرصد التسلح في فرنسا من بلاده بالكشف عن أماكن دفن النفايات النووية في الجزائر إبان حقبة الاستعمار الفرنسي، وقال مدير المرصد باتريس بوفري، إن على بلاده أن تبادر إلى حل مشكلة النفايات النووية التي تركتها في بداية الستينيات في الجزائر ولا أحد يعلم مكان وجودها، لأنها سر عسكري.
بحسب الدراسات:
خلف الإشعاع النووي للقنبلة النووية 42 ألف مصاب وتبعها عشرات التجارب النووية الأخرى تحت إشراف الرئيس الفرنسي، شارل ديغول، في وقت يقول المختصون الجزائريون أن التجارب تجاوزت 50 تجربة واستمرت حتى عام 1966.
وأوضح تبون في حواره لجريدة لوبينيون الفرنسية، في يوليو/ تموز الماضي، أن التعويض المادي الذي لا يمكن أبدا التنازل عنه هو تعويض ضحايا التجارب والتفجيرات النووية في الجنوب الجزائري والذي لاتزال تبعاته وتأثيراته على الحياة وعلى البشر إلى غاية الساعة.
في ذات السياق، قال الدكتور صالح لميش، أستاذ التاريخ الجزائري، إن بلاده لا تملك كل المعطيات التاريخية حول فترة الاستعمار.
وفي حديثه لـ"سبوتنيك"، أوضح يميش أن الحصول على كافة المعطيات السياسية والاقتصادية والعسكرية يمكن الجزائر من توافق حول رؤية علمية تجاه الثورة. ويرى أن الإطلاع على الأرشيف يفسر المواقف الفرنسية الآن تجاه الجزائر.
وبشأن مدى مصداقية الأرشيف أو واقعيته، يشدد لميش على أن الأرشيف يخضع لطرق علمية وعمليات نقد ومقارنة مع الأرشيف الجزائري في بعض الدول الأخرى للتأكد من صحة وواقعية ما جاء في الأرشيف الجزائري.
وقبل يوليو/ تموز الماضي، تمكنت الجزائر بعد مطالبات أوساط سياسية وتاريخية، من استعادة رفات 24 مقاوما قتلوا في القرن الـ19 في بدايات الاحتلال الفرنسي.