يرى محللون أن عملية التخفيض هدفها الرئيسي رفع كاهل الفائدة عن نير الحكومة التي تعد أكبر مستدين من البنوك، حيث أن كل واحد في المئة تخفيض في الفوائد يوفر مليارات من الدولارات على خزينة الدولة ويرفع نسبة سد عجز الموازنة، علاوة على أن الهدف الثاني قد يكون تحفيز الاستثمار بعد أن تكدست تريليونات الجنيهات داخل القطاع البنكي ولا تجد من يستخدمها، وإن لم يحقق التخفيض الأخير ما تريده الحكومة، يمكن أن تكون هناك تخفيضات أخرى، وفي ذات الوقت استبعدوا رفع سعر الفائدة مجددا.
القطاع العائلي
قالت خبيرة سوق المال المصري حنان رمسيس، عند الحديث عن تأثير تخفيض سعر الفائدة على الودائع والقروض في البنوك يجب أن نقسم المجتمع إلى فريقين، الفريق العائلي وهم أصحاب المدخرات في البنوك من الذين خرجوا على المعاش، تلك الفئة استطاع البنك المركزي الاستحواذ على رضاهم حتى لا تكون هناك موجة من السخط نتيجة الانخفاضات المتتالية، واستحدث لهم شهادة ذات معدل فائدة عالي "15 في المئة تحت اسم رد الجميل".
وأضافت لـ"سبوتنيك"، أما باقي الفئات التي هى في سن العمل وتستطيع العطاء، أراد البنك المركزي تشجيعهم على الاستثمار وترك مجال الادخار، لأن المستهلك الوحيد للقروض من البنوك هى الدولة والتي قاربت على استكمال كل مشاريعها، وفي فترة من الفترات سوف تقوم البنوك بدفع فائدة على أموال موجودة لا تجد من يستثمرها، حتى أن البنك المركزي كان يعاني في فترة ماضية من ارتفاع الودائع بحجم مهول ولم يجد وسيلة لتوظيفها.
تحفيز المشروعات الصغيرة
وأشارت خبيرة سوق المال إلى أن عملية تخفيض سعر الفائدة يقلل من عجز الموازنة للدولة، لأن كل واحد بالمئة تخفيض في سعر الفائدة يوفر تريليونات الدولارات، وهذا يدعم الموازنة ويجعل بها فائض، كما أن تخفيض سعر الفائدة على القروض والودائع يعطي مصر فرصة لجدولة الديون الخارجية ويصبح الحمل قليل على الموازنة العامة، كما يتيح التخفيض أيضا استكمال مشاريع البنية التحتية، كما يتيح للدولة استخدام القروض بفائدة قليلة ويتيح لها الاستثمار وفق طاقتها، ما يساعدها على تخفيض سعر المنتج.
وتوقعت خبيرة سوق المال أن تكون هناك عمليات تخفيض أخرى للفوائد في البنوك، مشيرة إلى أن عملية الارتفاع غير واردة في المدى القصير وتشجيع الاقتراض لتنشيط التنمية.
وتستهدف الحكومة المصرية في موازنة العام المالي 20/21 أن يصل العجز الكلي لـ 6.3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، بينما تبلغ تقديرات فوائد خدمة الدين العام المطلوب سدادها لنفس العام المالي حوالي 33 في المئة مـن إجمالي المصروفات في مشروع الموازنة.
التحكم في التضخم
وتابع لـ"سبوتنيك"، "عملاء البنوك في مصر سوف يظلوا كما هم حتى لو وصلت الفائدة إلى الصفر، وكذلك بالنسبة للعقارات خوفا من المخاطرة، ولا يفضل هؤلاء أي من الأدوات الأخرى التي يسهل تحويلها إلى السيولة في زمن قياسي مثل الذهب والدولار، إذا إيقاف شهادات العائد الأعلى لن يعزز من إقبال الناس على الإنفاق، وبالتالي لن يضبط معدلات التضخم كما يريد البنك المركزي".
أكبر مستدين
وأوضح الحويطي، أن "الأمر له علاقة أيضا بالديون الداخلية للدولة من البنوك، حيث تعد الدولة أكبر "مستدين" والبنوك الحكومية هي أكبر "مقرض"، حيث ترى الدولة أن أعباء خدمة الدين أصبحت مرتفعة جدا، وبالتالي تسعى الدولة لتخفيض سعر الفائدة من أجل تخفيض أعباء خدمة الدين، وغالبا سيكون هناك قرار من البنك المركزي المصري خلال أيام بتخفيض سعر الفائدة بشكل عام تتراوح بين 1 و2 في المئة".
وأردف، "من الطبيعي أن هذا التخفيض يكون له مردود إيجابي على الاستثمار، بأن يقوم المدخرون بسحب أموالهم من البنوك و يستثمرونها في السوق، ما يخلق حركة رواج في العقارات والاستثمار المباشر وغير المباشر على سبيل المثال، لكن الحقيقة أن تخفيض سعر الفائدة لن يجعل عملاء البنوك يسحبون أموالهم إلى السوق كنوع من الاحتياط".
ويرجع المركزي قرار تخفيض الفائدة إلى تراجع الضغوط التضخمية، حيث أن المعدل السنوي للتضخم انخفض ليسجل 3.4 في المئة في أغسطس/آب من العام الجاري، وهو ثاني أقل معدل مسجل منذ ما يقرب من أربعة عشر عاما.
وطبقا للبنك المركزي المصري، فإن القطاع العائلي يستحوذ على 81.9 في المئة من إجمالي ودائع البنوك العاملة في السوق المصرية بنهاية شهر مارس/آذار 2020.
وأعلنت مصر منذ أيام عن ارتفاع احتياطي النقد الأجنبي إلى 38.425 مليار دولار في نهاية سبتمبر/أيلول الماضي قادما من مستوى 38.366 مليار دولار في نهاية أغسطس/آب، وكان الاحتياطي المصري تجاوز خمسة وأربعين مليار دولار قبل تفشي وباء كورونا في مارس/آذار الماضي.