وتعلق تونس آمالا على شركائها من الدول الشقيقة والصديقة في إنقاذ اقتصادها المتهاوي جراء جائحة كورونا، ودعم موازنتها للعام القادم خاصة في ظل حاجتها إلى تمويلات إضافية بنحو 8.1 مليار دينار لتغطية عجز الموازنة.
وتمثل قطر ثاني أكبر شريك اقتصادي لتونس بعد فرنسا، حيث بلغ حجم استثماراتها في تونس نحو 479 مليون دينار (نحو 168 مليون دولار) وفقا للوكالة التونسية للنهوض بالاستثمار الخارجي.
استثمارات بقيمة 3.7 مليار دينار
وقالت الخبيرة في الشأن الاقتصادي جنات بن عبد الله لـ"سبوتنيك"، إن هذه الزيارة ستكون حبلى بعديد من الاتفاقات في المجال الاقتصادي والتي تمثل نتاجا للزيارة التي أداها أمير دولة قطر إلى تونس في فبراير/ شباط المنقضي وتفعيلا لمباحثات واجتماعات اللجنة العليا المشتركة التونسية والقطرية.
ونوهت بن عبد الله بوجود استثمارات قطرية مستقبلية في تونس بقيمة 3.7 مليار دينار. وأضافت: "يمكن تبويب هذه الاتفاقات القطرية التونسية في ثلاثة محاور أساسية، أولها توسيع فرص تشغيل الكفاءات التونسية في قطر وتكثيف عقود التوظيف، وثانيها تفعيل مشروع اتفاقية الشراكة بين الخطوط الجوية القطرية والخطوط الجوية التونسية التي تعطلت سابقا بسبب الرفض الذي جوبهت به من قبل بعض الأطراف التونسية".
أما الملف الثالث، فتقول بن عبد الله إنه يتعلق بفتح خط بحري بين ميناء جرجيس بالجنوب التونسي وميناء حمد الدولي، وهو ما من شأنه أن يكثف التبادل التجاري بين البلدين.
وأشارت محدثتنا إلى أن
المبادلات التجارية القطرية التونسية قد تضاعفت بنحو ثلاث مرات بين سنتي 2017 و2020 وخاصة منها صادرات المنتوجات الفلاحية، "بما يكشف عن امكانيات اقتحام المنتوجات التونسية أسواق جديدة تونس في أمس الحاجة إليها".
عراقيل فرنسية
ونبهت بن عبد الله من أن هذه الوعود الاستثمارية قد تقابل بالعديد من العراقيل، خاصة وأن تونس ما تزال إلى اليوم منطقة نفوذ فرنسي، حيث تمثل الاستثمارات الفرنسية 35 بالمائة من مجموع الاستثمارات الأجنبية في تونس.
وأضافت أن الاستثمارات القطرية أصبحت تنافس الاستثمارات الفرنسية في تونس، حيث بلغ منسوبها من مجموع الاستثمارات الخارجية 31 بالمائة خلال العام الجاري.
وقالت بن عبد الله: "أثبت التجربة أنه كلما بحثت تونس عن تنويع شراكاتها خارج الاتحاد الأوروبي جوبهت بعراقيل عديدة، لذلك فإن على الدولة التونسية وفي ظل الأزمة المالية الخانقة وحاجتها الى الاستثمارات أن تعمل على وضع خطوط حمراء أمام النفوذ الفرنسي".
وتابعت:
بدون ذلك لا يمكن أن نتوقع أن تتحول نتائج هذه الزيارة إلى مشاريع حقيقية تساهم في خلق مواطن الشغل وتخفف من وطأة الأزمة المالية الخانقة على الشعب التونسي.
تعميق أزمة التداين
على الجانب الآخر، نبّه السفير السابق إلياس القصري في حديثه لـ "سبوتنيك" من لجوء تونس إلى قبول ودائع جديدة من قطر بما سيفضي إلى تعميق أزمة التداين.
وذكّر القصري بآخر وديعة تلقتها تونس من قطر سنة 2012 والتي بلغت قيمتها 500 مليون دولار يتم تسديدها على مدى خمس سنوات وبفائض تجاري كبير. وقال إن مثل هذه المساعدات الخارجية أثقلت كاهل ميزانية الدولة.
ويرى القصري أن مثل هذه الحلول السريعة، ليست إلا حلولا ترقيعية وهي بمثابة حبل المشنقة الذي يلف رقاب الأجيال القادمة، مشددا أن "المطلوب من تونس ليس التداين أو طلب الصدقات وإنما تجنيد الامكانيات الداخلية لإرساء منظومة اقتصادية جديدة تقود إلى حلول جذرية تستند أساسا على معالجة الخسائر الناجمة عن التجارة الموازية والتهريب التجاري والجبائي وتوجيه الدعم إلى مستحقيه وحسن الاستثمار في المناطق الداخلية".
وحمل اللقاء الذي جمع الأحد 15 تشرين الثاني 2020 الرئيس التونسي قيس سعيد بأمير دولة قطر تميم بن حمد آل ثاني تأكيدا على استمرار التعاون بين البلدين في مختلف المجالات وخاصة منها الاقتصادية والتنموية والاستثمارية والتجارية.
حيث أكدت رئاسة الجمهورية في بلاغ لها أنه تم الاتفاق على إقامة خط بحري بين البلدين لزيادة حجم التجارة البينية، إلى جانب التأكيد على التسريع في إنجاز منصة الإنتاج بمدينة سيدي بوزيد بالوسط التونسي.
كما تم الاتفاق على دعوة مجلس رجال الأعمال التونسي القطري إلى الانعقاد في أقرب الآجال والذي يمثل منفذا لتونس لتعزيز فرصها الاستثمارية.