وعقب انفجار مرفأ بيروت، تحدث الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، عن ضرورة تغيير النظام السياسي في لبنان ليكون قائما على الوحدة الوطنية، الأمر الذي دفع بعض السياسيين اللبنانيين للحديث عن إمكانية عقد مؤتمر تأسيسي.
وكان الرئيس الفرنسي ماكرون قد طالب بإقامة نظام سياسي جديد في لبنان. وقال ماكرون: "يجب بناء نظام سياسي جديد في لبنان قائم على الوحدة الوطنية".
نظام المحاصصة
يقول المحلل السياسي اللبناني، فيصل عبد الستار، إن "الحديث عن مؤتمر تأسيسي في لبنان يظهر دائما بسبب الأزمات التي تعصف بالواقع اللبناني، وهذه الأزمات مصدرها عدم وجود اتفاق واضح حول تفسير الدستور والاتفاقيات التي تمت مثل اتفاق الطائف ووصولا إلى اتفاق الدوحة عام 2008 كلها أبقت على النظام الطائفي والمحاصصة".
وأضاف في تصريحات لـ"سبوتنيك"، أن "المحاصصة منصوص عليها في المناصب الأولى، مثل رئاسة الجمهورية ومجلس النواب والحكومة والمدراء العامون، لكن السلوك اللبناني للطبقة السياسية جعل الأمر ينسحب على كل المرافق الحيوية في لبنان، حتى الوظائف العادية".
وتابع: "الإبقاء على النظام الطائفي ترك الكثير من الانطباعات السيئة، وشكل الكثير من المشكلات، خاصة أن هناك تناقصا واضحًا في عدد المسيحين في لبنان، وتزايد أعداد المسلمين، المنقسمين بدورهم إلى شيعة وسنة ودروز وعلويين، وتختلف حصص كل طائفة منها عن الثانية، باستثناء الطائفة العلوية التي لا تمتلك أي تمثيل يذكر".
وأكد أن
"المشكلة التي تظهر دائما عند الحديث عن مؤتمر تأسيسي مخاوف المسيحين بأن يتم الابتعاد عن قاعدة المناصفة مع المسلمين في المناصب، واللجوء إلى ما يسمى بالمثالثة، بين السنة والشيعة والمسيحين، وهذا يطيح بالمناصفة ويجعل هناك شريكا في اللعبة السياسية تتمثل في الطائفة الشيعية".
وأشار إلى أن "المؤتمر التأسيسي غير مطروح بجدية في لبنان، والكلام عنه ليس بالضرورة أن يهدف لإنهاء المناصفة، بل يكون هناك طرح للمشكلات الأساسية التي يواجهها النظام بعيدا عن هذه الفكرة".
وأكمل: "في حال عقد المؤتمر سيكون من أجل تحديد وظيفة ودور لبنان وماهيتها، وهل إسرائيل دولة عدو، وسوريا شقيق أم عدو، وتحديد مفهوم الحياد، وكذلك طرح البعض لضرورة نزع سلاح حزب الله أو إدماجها بشكل ما لتكون تحت إدارة الجيش، وهذا أمر سيجعل لبنان فريسة للعدو، لأن مصلحة لبنان أن تبقى الدولة بعيدًا عن العدو".
وأنهى حديثه قائلا: "هذا ما يطرح في الساحة، إنما ليس هناك دعوة صريحة للمؤتمر، الكل تراجع لأنه يريد الحفاظ على حصته".
استيلاء طائفي
وأضاف في تصريحات لـ"سبوتنيك"، أن "هناك الكثير من الانقسام حول هذه الفكرة، وهناك من يعتبر أن حزب الله هو من دعا للمؤتمر وهناك من قرأ في الدعوة أنه يريد أن ينهي المناصفة بين المسلمين والمسيحين ويذهب باتجاه المثالثة، بين السنة والشيعة والمسيحيين مجتمعين، وآخرون يعارضون الفكرة لأنها تنهي الكيان اللبناني المعتمد على التوازن الطائفي والمنصافة بين المسلمين والمسيحيين".
وتابع: "يقابل الفكرة طرح من قبل المسيحيين يقوم على الدعوة اللامركزية للإدارة الموسعة، بحيث كل مكون سياسي طائفي يحكم نفسه بنفسه، أي ما يشبه الفيدرالية في لبنان".
وأكد أن "الطرح لا يعني أن القوى السياسية تريده من أجل الذهاب باتجاه دولة مدنية علمانية، فيها مواطنة ومساواة، بل من باب الاستيلاء الطائفي على صلاحيات بعضهم البعض".
وأشار إلى أن "كل الطروحات التي تصدر عن التركيبة السياسية الحالية ما هي إلا لزيادة التنافس الانقسام السياسي، ولن تصل أبدا إلى حل للأزمات السياسية والاقتصادية، بل ستذهب إلى مزيد من الانقسام، ولنجاح أي مقترح يجب أن يتم من خارج المنظومة السياسية الحاكمة في لبنان".