أعلنت حركة الشعب مؤخرا عن إطلاق مبادرة وطنية يشرف عليها رئيس الجمهورية قيس سعيد لإخراج تونس من المأزق الاقتصادي والاجتماعي وإيجاد حلول جدية بديلة بعيدا عن الحسابات السياسية.
مبادرة شاملة
وقال رئيس الحركة زهير المغزاوي في تصريح لـ"سبوتنيك"، إن الهدف من هذه المبادرة هو بلورة تصور شامل ومعمق لحلحلة المشاكل التي تعاني منها البلاد وإيجاد تصور جديد لمنوال التنمية الذي يجب أن يترجم الانتظارات الحقيقية للتونسيين.
وأضاف أن تعدد المبادرات هو دليل على عمق الأزمة التي تمر بها البلاد، معتبرا أن كثرة المبادرات المطروحة اليوم على رئيس الجمهورية هو أمر محمود ودليل على اتفاق جميع المكونات على ضرورة إنهاء الوضع الراهن.
وأشار إلى أن اختيار رئيس الدولة قيس سعيد لقيادة هذه المبادرة ناجم عن القيمة الدستورية والاعتبارية التي يتمتع بها، مضيفا أن رئيس الجمهورية هو الشخصية الوحيدة في تونس التي حظيت بهذا الكم الهائل من الثقل الشعبي في انتخابات 2019.
وقال "نحن نرى أن رئيس الدولة بوصفه شخصية مجمّعة قادر على طرح هذه الأفكار وبلورتها ضمن تصور شامل يفضي إلى تغيير الوضع المتردي الذي تمر به البلاد".
وأكد المغزاوي وجود تطابق في وجهات النظر بين رئيس الجمهورية وبين حركة الشعب وكذلك الاتحاد العام التونسي للشغل، خاصة في علاقة بالمسببات التي أفضت إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية والاجتماعية وبضرورة معالجة الهنات لإيجاد مخرج لها.
حوار اقتصادي واجتماعي
وبدورها، تطرح الشريكة البرلمانية لحركة الشعب ممثلة في حزب "التيار الديمقراطي" مبادرة تتعلق بفتح حوار اقتصادي واجتماعي للقطع مع حالة الانخرام التي تمر بها البلاد والتي تنبئ بانفجار اجتماعي بدأت ملامحه تبرز في عدد من الجهات التونسية ممن مل متساكنوها الفقر والبطالة.
وقال القيادي والنائب عن حزب التيار الديمقراطي في البرلمان رضا الزغمي في تصريح لـ"سبوتنيك"، إن مبادرة الحزب ترمي إلى إطلاق حوار اقتصادي واجتماعي يجمع مختلف الأطراف الفاعلة في البلاد.
وقال الزغمي "لتجنب أن تشوب المبادرة صبغة سياسية، ارتأينا أن يتكفل رئيس الجمهورية بالإشراف على الحوار الوطني اعتبارا لسلطته الرمزية، مؤكدا أن رئيس الدولة أبدى تفعلا إيجابيا مع هذه المبادرة باستثناء تحفظه على عبارة "حوار وطني".
تغيير المنظومة الانتخابية
ولفت القيادي في التيار الديمقراطي، إلى أن هذه المبادرة تتضمن في جزئها الثاني إعادة النظر في المنظومة الانتخابية الراهنة، في اتجاه تعديل القانون الانتخابي الذي أسهم في تشتت الأصوات وخلق أزمة في مستوى الجرائم الانتخابية.
وأشار إلى أن التعديل الثاني يتعلق بتمويل الأحزاب خاصة في ظل ما أكده التقرير الأخير لمحكمة المحاسبات من دور المال السياسي في العبث بالمشهد البرلماني والانتخابي، مضيفا أن مقترحات التعديل ستشمل أيضا علاقة الأحزاب بالجمعيات، "بالنظر إلى وجود أحزاب تستغل الجمعيات كمطية لتحقيق أهداف سياسية".
وتتضمن التعديلات الأخرى في المنظومة الانتخابية، وفقا للزغمي، تنظيم عمل شركات سبر الآراء التي تؤثر بشكل كبير في العملية الانتخابية وفي توجيه الرأي العام والتي تشتغل بشكل عشوائي دون طرح علمي أكاديمي، إلى جانب النظر في مسألة استغلال الإعلام لغايات انتخابية.
"جبهة الرئيس"
واعتبر المحلل السياسي فريد العبيدي في حديثه لـ "سبوتنيك"، أن هذه المبادرات هي إعادة إنتاج وبلورة لمبادرة الحوار الوطني التي أطلقها الاتحاد العام التونسي للشغل سنة 2014 بإشراف من رئيس الجمهورية الراحل الباجي قائد السبسي.
وتابع "ترجمة هذه المبادرات على أرض الواقع مهمة صعبة في ظل الانهيار الاقتصادي وتراجع النمو إلى مستويات غير مسبوقة"، مضيفا أن الوضع الاقتصادي والاجتماعي في تونس أصبح مترديا إلى الحد الذي يصعب فيه التعامل معه بمنطق السلطة.
ويرى العبيدي أن هذه المكونات قادرة على خلق التوازن في المشهد السياسي خاصة في ظل تغول الائتلاف الحاكم الذي يجمع الطرف الليبرالي ممثلا في حزب قلب تونس والإسلام السياسي ممثلا في حركة النهضة وائتلاف الكرامة.
واعتبر أن جبهة الرئيس تمتلك ثقلا داخليا خاصة بوجود الاتحاد العام التونسي للشغل الذي يملك سلطة التأثير الاجتماعي، وهو ما يعزز قدرتها على تعديل كفة الميزان أمام جبهة الاسلام السياسي التي تمتلك دعما حتى من أطراف خارجية.
ومن المنتظر أن يقدم الاتحاد العام التونسي للشغل خلال الأيام القليلة القادمة مبادرة إلى رئيس الجمهورية قيس سعيد تتضمن خطة لإنقاذ البلاد من الوضع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي المتأزم.