يقول المحلل السياسي في كردستان العراق طارق جوهر، إن الدافع الحقيقي وراء التظاهرات الأخيرة في محافظة السليمانية باقليم كردستان، هو الأزمة الاقتصادية التي يمر بها الإقليم منذ سنوات، جزء منها بسبب الخلافات بين أربيل وبغداد على حصة الإقليم من الموازنة، وأيضا حصة الإقليم من معاشات موظفي الإقليم التي تأتي من بغداد وكذلك بسبب انخفاض سعر النفط.
مطالب مشروعة
وأضاف لـ"سبوتنيك"، كما أن استمرار عمليات الفساد بشكل واسع في العراق وفي الإقليم، وعدم تحقيق تطور في المسعى الذي أعلنته الحكومة والبرلمان في الإقليم بأنهم شرعوا قانون الإصلاحات، لكن إلى الآن لم يشعر المواطن والموظف الكردستاني بأن القانون حقق نجاحا أو قطع شوطا في اتجاه تصحيح المسار من الإتيان بالإصلاحات الاجتماعية وصرف معاشات الموظفين في موعدها المحدد، هذا علاوة على إجراءات الحكومة التي أدت إلى اقتطاع جزء من مرتبات موظفي الإقليم والتي تصل إلى 20 في المئة والدرجات الخاصة 50 بالمئة، ومع ذلك عجزت حكومة الإقليم عن صرف معاشات الموظفين كل 30 يوم.
وأكد المحلل السياسي أن موظفي الإقليم يعيشون حالة اقتصادية صعبة أثرت على كل مناحي حياتهم بشكل عام، لذلك خرجوا في تظاهرات كنوع من الضغط المدني على الأحزاب السياسية المشاركة في حكومة الإقليم وطالبوا بإجراءات سريعة من أجل صرف المعاشات في وقتها وإلغاء اقتطاع نسبة من معاشات ومرتبات الموظفين، هذه هى الأسباب التي دفعت الناس للخروج في تظاهرات بعدة مناطق في السليمانية.
ضرورة التعاون
ويرى أن هذا الأمر يتطلب وجود تعاون وتحرك جدي من قبل الحكومة والبرلمان في الإقليم وأيضا الأحزاب السياسية الكبرى مثل الاتحاد الوطني والحزب الديمقراطي من أجل وضع برنامج والتوصل إلى اتفاق مع بغداد لحل مشكلة الموازنة والقدرة الاقتصادية لإقليم كردستان، لأن الاعتماد الأول في الموازنة على بيع النفط وقد رأينا ما حدث لاسعاره خلال الفترة الماضية واستمرار الخلافات مع بغداد حول تمرير قانون قرض خاص بالحكومة الاتحادية وعدم تثبيت حصة الإقليم من هذا القرض، ما خلق صعوبات أمام حكومة كردستان.
ولفت جوهر إلى أن من حق المواطن أن يخرج للتظاهر السلمي ويطالب بمستحقاته الشهرية والامتيازات الأخرى وحتى من ناحية الخدمات وتوفير فرص عمل للشباب، كل هذا تأثر بشكل كبير بسبب الأزمة الاقتصادية والأمنية التي عصفت بالعراق وكردستان خلال السنوات الماضية.
أزمة كبيرة
وحول ما إذا استمرت الأوضاع كما هى لفترة قادمة قال جوهر، لا إذا ما استمر الوضع الاقتصادي الصعب في العراق وخصوصا مع بداية العام الجديد والموازنة الجديدة والأزمة التي ستواجه الحكومة الاتحادية في صرف معاشات موظفيها، وأرى أن العراق بشكل عام يواجه أزمة كبيرة تحتاج إلى التعاون بين الحكومة الاتحادية والإقليم لوضع سياسة جديدة لحل المشاكل بمشاركة الإقليم في توفير الموازنة الاتحادية.
مناطق النفوذ
وقال مصدر كردستاني لـ"سبوتنيك" إن تظاهرات السليمانية كانت محصورة في فئة المعلمين، والأمر يقع في مناطق نفوذ حزب الاتحاد الوطني الكردستاني وعقد اجتماع بين الحزبين الكبيرين لحل الأزمة.
وأشار المصدر إلى أن التظاهرات والاعتصامات حق يكفله القانون في الإقليم ويحترمه ما لم يتعد الأعراف والقوانين التي تمنع القيام بأعمال تخريبية، والتظاهرة التي حدثت كانت سلمية ولم يكن بها أعمال شغب، و تدخلت القوى الأمنية وفضت تلك التظاهرات، وفي نفس اليوم قرر مجلس الوزراء إطلاق نصف رواتب الموظفين عموما بإنتظار أن ترسل بغداد النصف الآخر.
وكان المئات من أبناء محافظة السليمانية بإقليم كردستان العراق قد خرجوا نهاية الأسبوع الماضي على خلفية تأخر مرتباتهم، مطالبين بإلغاء الخصومات والاستقطاعات فيها، إلى جانب سوء إدارة الموارد الطبيعية في اقليم كردستان، قبل أن تتدخل القوات الأمنية أمس السبت وتفض تلك الاحتجاجات مما أوقع عدد من القتلى والجرحى وسط انتقادات إقليمية ودولية للعنف الذي استخدم ضد المتظاهرين السلميين.
وذكر مصدر أمني أن "مئات المتظاهرين من مواطنين وموظفين في ميدان التحرير "ساحة السراي" وسط محافظة السليمانية كانوا يحتجون، على خلفية تأخر الرواتب وسوء إدارة الموارد الطبيعية، فيما طالبوا باستئصال الفساد والإصلاح الإداري" قبل أن تفض القوات الأمنية تلك التظاهرات.