واعتبر الوزير الجزائري في حوار لـ"سبوتنيك" أن هدف هذه المواقف واضح ومعلوم، وهو أنها تحمل في ثناياها دعوة إلى التدخل في الشأن الداخلي للجزائر، وخدمة لمصالح أطراف معينة.
وردا على سؤال بشأن موقف الجزائر من افتتاح الإمارات والبحرين قنصليات في مدينة العيون، قال: "من حيث المبدأ، الجزائر لا تتدخل في السياسات الداخلية للدول".
فيما يلي نص الحوار.
كيف تقرأ مواقف البرلمان الأوروبي تجاه الجزائر بشأن حقوق الإنسان؟
ردنا كناطق رسمي باسم الحكومة الجزائرية على لائحة البرلمان الأوروبي كان واضحا وصريحا، إذ تعد هذه المرة الثانية التي يصدر فيها البرلمان الأوروبي لائحة حول الوضع الداخلي للجزائر ،وهو ما يعكس المخططات الفاشلة التي أحيكت ضد الجزائر من طرف لوبيات وأطراف خارجية تحاول دوما ضرب استقرار الجزائر وزعزعته مستهدفة بالدرجة الأولى الجيش الوطني الشعبي حامي الدولة الأمة وسيادتها وضامن أمنها واستقرارها.
هذا الموقف جاء في سياقه الزمني الذي يفرض على الحكومة الجزائرية إبداء رأيها بخصوص لائحة البرلمان الأوروبي، وتقديم رسالة للداخل والخارج مفادها أن الجزائر الجديدة أصبحت تتعامل بطريقة مغايرة، ولا تقبل الدروس الجوفاء أو الوصاية الأبوية الموروثة عن الاستعمار.
وأشير هنا إلى أن الرأي العام الجزائري في عمومه استحسن هذا الموقف الواضح والصارم تجاه القوى السياسية الداخلية والخارجية، التي تعمل ضد التوجه الجديد للسياسة الجزائرية المنتهجة حاليا والتي ترفض أية وصاية أجنبية كانت.
برأيك ما هي الأهداف وراء هذه المواقف والقرارات؟
إن مثل هذه المواقف والقرارات الصادرة عن البرلمان الأوروبي هدفها واضح ومعلوم لدى العام والخاص، وهي تصرفات تحمل في ثناياها الدعوة إلى التدخل في الشأن الداخلي للجزائر خدمة لمصالح أطراف معينة.
هذه الأطراف المعادية لها مواقف تقليدية تجاه الجزائر، ويتحمل أيضا البرلمان الأوروبي مسؤوليته تجاه هذه العناصر، لهذا كشفنا الغطاء عن هذه الأطراف والجهات التي تعمل ضد مصالح الجزائر، وتبرز الأهداف الخفية من وراء ذلك.
كما أصبح من الواضح ان اللوائح غير الإلزامية التي يصدرها البرلمان الاوروبي تندرج في إطار مخطط يهدف إلى زعزعة استقرار بعض الدول النامية، كالجزائر التي بقيت وستبقى متمسكة بسيادتها وبمواقفها تجاه القضايا العادلة في العالم كالقضية الصحراوية والفلسطينية.
وهنا السؤال يطرح نفسه: لماذا لا يندد البرلمان الأوروبي بالانتهاكات الصارخة لحقوق الانسان في اليمن، التي تعيش مأساة حقيقية، أو في الصحراء الغربية وفلسطين وحتى في بعض الدول الأوروبية.
هل تعني أن البرلمان الأوروبي يمارس دوره بانتقائية؟
من المؤسف أن يمارس بعض أعضاء مؤسسة بمستوى البرلمان الأوروبي دور المرتزقة لصالح لوبيات معروفة، هدفها الأساسي هو القضاء على ما تبقى من الدول في أفريقيا والعالم العربي، وأمريكا اللاتينية، وكذا آسيا عن طريق زرع الفتنة فيها بين الحاكم والمحكوم، وممارسة الضغوط عليها بشتى الطرق وتشويه صورتها على المستوى المحلي والدولي.
كل هذا من أجل إشباع أطماع توسعية بحتة، واستغلال ثروات تلك الدول النامية دون أن تضطر تلك القوى الخفية التي تحرك دمى البرلمان الأوروبي وغيره، لاستعمال القوة العسكرية.
كيف تقيّم خطوة افتتاح الإمارات والبحرين قنصليات لهم في مدينة العيون، وما هو موقف الجزائر من هذه الخطوة؟
فيما يخصّ مسألة فتح الإمارات والبحرين لقنصليات لهما بمدينة العيون فإن أولاً من حيث المبدأ، الجزائر لا تتدخل في السياسات الداخلية للدول، ومن حيث المبدأ كذلك الجزائر تظل مع حق الشعوب في تقرير مصيرها باعتبار أنّ قضية الصحراء الغربية تظلّ قضية تصفية استعمار، وأنّ الجمهورية الصحراوية عضو مؤسس في الاتحاد الإفريقي.
لذلك فإنّ المدن الصحراوية لاسيما العيون هي مدينة تحت طائلة الاستعمار الملكي المغربي، والجزائر تدعو إلى تطبيق القرارات الأممية بخصوص الحل السياسي، الذي يفضي إلى حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره.
نشير أيضا أن قضية الصحراء الغربية كانت حاضرة بقوة خلال أشغال القمة الاستثنائية للاتحاد الإفريقي حول مشروع إسكات الأسلحة، وعبرت الأغلبية الساحقة للمتدخلين عن إدانتهم لانتهاك اتفاق وقف إطلاق النار من قبل المغرب، مجددين تضامنهم مع الشعب الصحراوي ودعمهم لحقه غير القابل للتصرف في تقرير مصيره والاستقلال، وفقا لقرارات الشرعية الدولية.
ورغم المحاولات المتكررة للوفد المغربي لمنع فتح أي نقاش حول هذا الموضوع، إلا أن هذا الموقف لم يحظ موقفه سوى بدعم بلدين إفريقيين من مجموع 55 من البلدان الأعضاء.
إلى أي مدى تؤثر الخطوات المغربية بمعبر الكركرات على العلاقة بين الجزائر والمغرب؟
قضية الكركرات هي انتهاك لوقف إطلاق النار المُوقع بين طرفي النزاع المغرب والبوليساريو، وبطبيعة الحال أيّ نزاع مسلّح يخلُق توتُراً لدى دول الجوار.
السلوك المغربي تسبّب في تفجير الوضع من جديد وإعادة النزاع المسلّح وهو ما حذّرت منه الجزائر مراراً والتي تدعو بالمناسبة السلطات الملكية إلى العودة إلى رشدها وتطبيق القرارات الأممية بتفعيل دور الإتحاد الإفريقي، عن طريق إعادة إحياء دور مجلس السلم و الأمن الذي تم تكليفه رسميا بمتابعة هذه القضية.
حوار محمد حميدة