يقول أمين عام اتحاد القبائل العربية بالعراق ثائر البياتي، إن "تمثيلية القط والفأر بين المليشيات والكاظمي من الممكن أن تتحول إلى واقع يستمر حتى انتهاء أزمة الانتخابات في الولايات المتحدة الأمريكية".
وأضاف لـ"سبوتنيك": "كما أن التقية التي تمارسها إيران والتصعيد الأمريكي مقابل تصعيد المليشيات الولائية المرتبطة بطهران، وكل ما يحصل بينهم هو كسر الإرادات ولوي الذراع واستعراض القوة وجس النبض، وفي النهاية ردود الأفعال ستكون في صالح واشنطن، ذات النفس الطويل والقدرات الكبيرة التي لا مجال للمقارنة بينها وبين ما تمتلكه إيران من تدهور اقتصادي وتذمر مجتمعي ضد النظام وأسلحته التي تعتبر من جيل الثمانينات، إلا أن كل قوة إيران تكمن في أذرعها الخارجية التي أصبحت منبوذة من الجميع، وتعاني نقص التمويل بل أكثر من ذلك هو تحولها إلى مافيات يمكن أن تغير ولائها في أي لحظة تستشعر فيها ضعف الطوق الإيراني عليها".
وتابع البياتي، "نحن نعتقد أن المواجهة واقعة لا محالة، لأن هناك قرار دولي غير معلن بتغيير المعادلة في الشرق الأوسط لضمان ما تطمح له تلك القوى الدولية الغربية والنظام العالمي الجديد الذي يريد (قضم) الدول المساندة للصين وهو هدف النظام العالمي الجديد ومقرريه، علاوة على إعطاء دروس وتأديب أي من شعوب العالم التي تفكر في معارضة القوة الأمريكية، الأمر الذي يؤكد أن الأرض العراقية هي ساحة المعركة القادمة التي ستنهي المشاريع الإسلامية كما أنهت من قبل المشاريع القومية" على حد تعبيره.
تأجيج الصراع
من جانبه أكد استاذ العلوم السياسية بجامعة النهرين العراقية الدكتور قحطان الخفاجي، أن "المواجهة بين الحكومة العراقية والميليشيات المسلحة باتت قريبة جدا، حيث تدفع كل من الولايات المتحدة الأمريكية والأحزاب المسلحة التابعة لإيران باتجاه تلك المواجهة، لأن تلك الأحزاب تعتقد أن التنسيق لم يتم بشكل كبير بين القوات الحكومية والقوات الأمريكية، لذا فإنها تحاول أن تستبق المواجهة القادمة لعلها تحقق واقعا جديدا على الأرض، كما أن واشنطن تساعد على زيادة التوتر لأن المواجهة بين الكاظمي وتلك الفصائل تفسح المجال لتدخل واشنطن سواء طلب الكاظمي ذلك منها، أو من الناحية الدولية باعتبار أن العراق طرف في التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب، وبالتالي أي عملية ضد القوات الحكومية الرسمية تعتبرها نوع من الإرهاب".
وأضاف لـ"سبوتنيك"، علاوة على ذلك "تحاول إيران الضغط على العراق من عدة جهات سواء عبر الفصائل المسلحة أو عبر الجوانب اللوجستية مثل الغاز الذي يصل العراق من إيران، حيث قطع أو تم تقليل الغاز خلال الأيام الماضية لأسباب غير معلنة، الأمر الذي يصب في جانب الضغط على الحكومة العراقية حتى لا يذهب الكاظمي بعيدا ويقلل التنسيق مع أمريكا".
عودة للتدخل الأمريكي
وأشار الخفاجي إلى أن "المواجهة بلا شك قادمة والنتائج سوف تكون لصالح الولايات المتحدة الأمريكية والحكومة، واشنطن تحاول التصعيد في الموقف، وأي صدام بين الفصائل المسلحة والجانب الرسمي الحكومي ستدفع أمريكا للتدخل لأن العراق جزء من التحالف الدولي الذي تقوده أمريكا، كما أن واشنطن تريد إنهاء الوجود العسكري لتلك الفصائل عبر جهات في الحكومة العراقية مثل قوة مكافحة الإرهاب، وأعتقد أن المواجهة قريبة وستكون النتائج لصالح أمريكا وسوف يتم تحجيم تلك الفصائل بشكل كبير وهو أمر ليس صعبا، لأن تلك الفصائل أصبحت خاوية من الداخل والشعبية التي كانت تتمتع بها لم تعد موجودة، وبالتالي تلك الفصائل أصبحت مرفوضة من الشارع والجهات الدولية".
دراما سياسية
أما الخبير الأمني والاستراتيجي العراقي اللواء مؤيد الجحيشي، قال إن "التصريحات المتبادلة بين رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي وميليشيات (عصائب أهل الحق)، لا تعدو كونها (تمثيلية) بين رئيس الحكومة والمليشيات لإبعاد تهمة قصف السفارة الأمريكية عن إيران".
وأضاف في تصريحات سابقة لـ"سبوتنيك" أن: "الحوار الدائر الآن يهدف إلى إيصال رسالة بأنه تم القبض على من أطلقوا الصواريخ مؤخرا على السفارة الأمريكية في المنطقة الخضراء، وأنه ينتمي إلى العصائب، وفي المقابل قامت العصائب بحركة مسلحة في الشارع العراقي وهددت الحكومة إن لم تطلق من تم القبض عليهم والمنتمين لها، وفي الحقيقة هي (دراما)، من أجل تهيئة الرأي العام بأن من أطلق الصواريخ هي العصائب العراقية وليست إيران".
وأكد الخبير الأمني أنه "لن يحدث أي صدام بين الحكومة والميليشيات والفصائل المسلحة، ويرجع هذا إلى أن الكاظمي ما وصل إلى كرسي رئاسة الحكومة إلا بعدما تعهد بعدم المساس بالفصائل المسلحة التابعة لإيران ولا يقوم بأي شيء يضر بإيران".
وتابع: "لن يستطيع الكاظمي فعل أي شيء في مواجهة إيران، ولو عدنا قليلا إلى قرار غلق المنافذ الحدودية مع إيران، نجد الآن المنافذ مفتوحة أمام البضائع الإيرانية بلا جمارك أو ضرائب رغم الغلق بالشكل الرسمي".
وأشار الخبير الأمني إلى أن "الأمريكيين يخشون تكرار الأمر السابق ذكره بشأن السفارة الأمريكية في بغداد، حيث تتشابه كل المعطيات الآن، وربما تريد طهران إحراج ترامب قبل رحيله عن البيت الأبيض".
وأعلنت حركة "عصائب أهل الحق" في العراق، الجمعة الماضية، "تأهبها" لـ "المواجهة" بعد أن هددت رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، فيما رد الأخير قائلاً: "نحن مستعدون إذا اقتضى الأمر".
وبعد هذا الإعلان كتب الكاظمي على حسابه في تويتر: "أمن العراق أمانة في أعناقنا، لن نخضع لمغامرات أو اجتهادات، عملنا بصمت وهدوء على إعادة ثقة الشعب والأجهزة الأمنية والجيش بالدولة بعد أن اهتزت بفعل مغامرات الخارجين على القانون".
وأضاف: "طالبنا بالتهدئة لمنع زج بلادنا في مغامرة عبثية أخرى، ولكننا مستعدون للمواجهة الحاسمة إذا اقتضى الأمر".
وأكد رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، نهاية سبتمبر/أيلول الماضي أن يد القانون فوق يد الخارجين عليه، مشيرا إلى أن تحالف الفساد والسلاح المنفلت لا مكان له في العراق.
وقال الكاظمي في تغريدة عبر حسابه الرسمي بموقع "تويتر"، "ندعم المقترحات التي قدمها سماحة السيد مقتدى الصدر بتشكيل لجنة أمنية وعسكرية وبرلمانية للتحقيق في الخروقات، التي تستهدف أمن العراق وهيبته وسمعته والتزاماته الدولية".
وأضاف الكاظمي، "نؤكد أن يد القانون فوق يد الخارجين عليه مهما ظن البعض عكس ذلك وأن تحالف الفساد والسلاح المنفلت لا مكان له في العراق".
وطالب زعيم التيار الصدري العراقي، مقتدى الصدر، الأربعاء الماضي، فصائل الحشد الشعبي بوقف القصف والاغتيالات.
ونشر مقتدى الصدر على حسابه الرسمي في "تويتر" قبل تعليق الكاظمي تغريدة جديدة، طالب من خلالها بعدم التدخل في شؤون العراق الداخلية من جميع الأطراف.
وقال الصدر في تغريدته: "اعلموا أيها الأخوة المجاهدون في الحشد الشعبي أن ما تقوم به بعض الفصائل المنتمية لهذا العنوان الكبير فيه إضعاف للعراق وشعبه ودولته، وإضعافهم يعني تقوية القوى الخارجية وعلى رأسها كبيرة الشر أمريكا".