يرى مراقبون، إن لم تكن لتلك الحكومة صلاحيات مطلقة في إدارة شؤون البلاد ومفوضة لإنقاذ الوضع الراهن والمتردي في كل الملفات، فلا جدوى لكل هذا الضجيج والتصفيق لها طوال كل تلك المدة، في حين يرى آخرون أن تلك الحكومة لا تملك قرارا ولا يتعدى دورها الوكالة الخدمية.
وقال رئيس تحضيرية مؤتمر عدن الجامع ورئيس حزب العمل الديمقراطي النهضوي وعضو الهيئة الدولية لفض النزاعات الدبلوماسية والسياسية إيهاب عبد القادر، إن: واقعة المطار جريمة أدناها واستنكرناها، ومشكلتنا في عدن كعاصمة مؤقتة اللجوء للعنف بأقصر الطرق في ظل الاحتفاظ بالسلاح الخفيف أو المتوسط والثقيل.
وأضاف لـ"سبوتنيك": هناك ضرورة لتنفيذ الشق العسكري وجمع كافة الأسلحة والقوى المسلحة في إطار وزارتي الدفاع والداخلية وهذا يدل على عدم وعي واقتناع بالعمل السياسي وتطبيقه.
وتابع عبد القادر: وعلى التحالف العربي العمل على تحقيق الاستقرار السياسي والأمني حتى نتيح للحكومة الجديدة العمل الجاد والمسؤول على المستوى المحلي، وتوحيد الجهود المتفق عليها في اتفاق الرياض سياسيا وعسكريا للمعركة الكبرى وهي تحرير صنعاء، ولكننا لن نستطيع تقييم قدرة الحكومة في ظل أوضاع غير مستقرة.
العودة إلى الرياض
من جانبه قال القيادي في الحراك الجنوبي عبد العزيز قاسم، إن: تفجيرات مطار عدن التي تزامنت مع وصول الحكومة الجديدة ما زالت تخيم على المشهد العام في عدن وألقت بظلالها على المستوى الداخلي والخارجي، وهناك اجتماعات يومية للحكومة تم تخصيصها لمناقشة حادثة المطار.
وأضاف لـ"سبوتنيك": لم تشرع الحكومة حتى الآن في تنفيذ أي من مهامها الاقتصادية والخدمية، والأوضاع كما هى باستثناء ماتم من إعادة تأهيل مطار عدن وتسلم إدارة الأمن في المحافظة للمدير الجديد.
وتابع قاسم: إن من بين القرارات التي اتخذتها الحكومة هى تشكيل لجنة للتحقيق في حادثة المطار، بعد أن وجهت اتهامها للحوثين وهي مسألة مربكة للحكومة، وقد تعتزم المغادرة إلى الرياض للقاء الجانب السعودي بشأنها، لكن الأوضاع والملفات الكثيرة لم يتم تنفيذ البرنامج المفترض أن يكون معدا على وجه السرعة.
ليست حكومة حرب
أما رئيس مركز جهود للدراسات باليمن عبد الستار الشميري فقال إن: الحكومة الجديدة تحمل نسيجا وطنيا مكتملا لجميع الطيف السياسي والمجتمعي باستثناء بسيط، هو غياب تهامة ويمكن معالجته عاجلا بطرق مختلفة، والمستثنى الوحيد هو جماعة أنصار الله بصفتها انقلابا، كما يمكن إضافة ميزة أخرى هي أن الحكومة الجديدة قلصت الاستحواذ الإخواني على كل الحكومة والسلطة، الذي كان منهجا ساري المفعول منذ أربع سنوات وأنها بشكل أو بآخر كبحت جماح الجماعة وكذلك جماح جناح مراكز نفوذ أخرى، على صلة وتماهٍ بذات المشروع، هذه بعض المزايا للحكومة الجديدة، لا بد من الإشارة إليها ابتداء.
وأضاف لـ"سبوتنيك": من الناحية النظرية فإن الحكومة، أي حكومة، مهمتها ممتدة في كل شؤون الدولة بشتى جوانبها من العسكري مرورا بالاقتصادي إلى السياسي، لكن من الناحية العملية يبدو ذلك غير صحيح لحكومة المناصفة الجديدة وما سبقها، فليست كل الخيوط بيد الحكومة كي تنسج الحلول لا سيما في الشق العسكري، باستثناء مسمى وزارة الدفاع في الحكومة التي تشرف على تفاصيل إدارية أكثر من إشرافها على مسرح عمليات وقرار عسكري.
واعتبر أن الأمر لا يزال بيد التحالف أولا، والرئيس ونائبه ثانيا، حيث ينفردان بكل التفاصيل، وهذا الوضع يمكن أن يجيب على سؤال أنها ليست حكومة حرب ولا تحرير دون عناء أو جهد، واستجلاب مهام للحكومة ليست حقيقية ولا يمكن القيام بها واقعا على الأرض، ليس من الحكمة فهو يحملها فوق طاقتها أو ما لا تملك ابتداء، ليست حكومة تحرير إذا.
وتابع الشميري: كما أن وصفها بأنها حكومة كفاءات تكنوقراط وبإمكانها أن تحل عقد ملف الاقتصاد وتدهور العملة كما يقول رئيسها وآخرون، ربما أن الإجابة غير مشجعة في هذا الاتجاه فليس هناك أسماء في الحكومة لها أدنى تاريخ يقود إلى هذا الوصف وليس منهم تكنوقراط، ولن تستطيع ابتكار حلول خارج الصندوق، ذلك أن هذا الأمر له رجاله ومواصفاتهم الفريدة وقدراتهم النوعية.
واستطرد قائلا: وهذا بكل وضوح غير متوفر إطلاقا، لذا فإن أفضل ما يمكنها تقديمه وما هو ممكن أن يكون مطروحا على برنامجها وموازنتها الأولية هو ملف الخدمات ليس إلا، وهو أمر مهم جدا ومعركته توازي المعركة العسكرية ومكملة لها، والنجاح فيه سوف يقود إلى إعادة شيء من جسور الثقة بين الشارع والشرعية بعد أن فقدت تماما، وانعدمت الفروق الجوهرية بين حكومة الحوثي والشرعية فيما سلف من سنوات الحرب.
ملف وحيد
وأشار إلى أن الملف الخدمي هو الملف الوحيد الذي يجب أن تذهب له الحكومة دون إضاعة للوقت في السجالات السياسية ومصارعة طواحين الهواء في الحل الشامل واتفاق استكهولم وادعاء قرب التحرير، فهذا الأمر سيضيع وقت الحكومة.
وقال إن هذا سيفقد أي أمل خاصة مع ارتفاع سقف التوقعات لدى البعض في هذه الحكومة كأول حكومة معبرة عن معظم الأطراف، بعد فشل حكومات الشرعية السابقة وعجزها في الإيفاء بالحد الأدنى من متطلبات الناس وأسر الشهداء والجرحى وكل من صيرته الجراح قعيدا، ومن يلهث في طوابير الخبز ودعم المنظمات لأجل رغيفات يسكت بها جوع أسرته، فالناس وأبناء اليمن ضاقت عليهم الأرض بما رحبت ونفد صبرهم ، وهُم في انتظار شيء من عمل يعطي أملا جديدا، وهو في حده الأدنى خدمات ورواتب وتعزيز دور الإعانات وتلمس حالات الجوع وإغلاق طرق الموت البطيء.
وطالب رئيس مركز جهود الحكومة الجديدة، بسرعة البدء في تشكيل جيش وطني حقيقي بعيد عن المناطقية والحزبية، وعدم إضاعة الوقت بتشكيل لجان التحقيق في الاعتداءات من جانب أنصار الله، المطلوب جيش يكون رادع لأنصار الله "الحوثيين" ، وليس لجان تحقيق، - كون جرائم الحوثي يومية وحصرها والتحقيق فيها يحتاج إلى سبعة آلاف لجنة وعشر سنوات عمل، وعلى الحكومة بعد الثبات في عدن التخلي التام والخروج من ماراثون الجلسات المفرغة من أي محتوى لأي حل ممكن مع المليشيات تحت مسمى حوار شامل أو منقوص والذهاب إلى مدينة الحديدة عسكريا وليس بالتفاوض الرئيسي.
واعتبر أن الخلاصة هي أن الحكومة الحالية ليست حكومة حرب ولا تحرير، ولا كفاءات، لكنها رغم ذلك كله أفضل ما أنتج من فريق حكومي خلال خمس سنوات الحرب.
وكان الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، قد أصدر في 18 ديسمبر/كانون أول الماضي، مرسوما بتشكيل الحكومة اليمنية الجديدة برئاسة الدكتور معين عبد الملك، تضم 24 وزيرا بينهم وزراء من المجلس الانتقالي الجنوبي، تنفيذا لاتفاق الرياض الموقع بين السلطة الشرعية والمجلس الانتقالي في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر العام الماضي، الذي نص على تشكيل حكومة كفاءات سياسية مناصفة بين الشمال والجنوب.
وهزت ثلاثة انفجارات صالة مطار عدن الدولي، الأربعاء الماضي، بالتزامن مع وصول طائرة تقل الحكومة قادمة من السعودية إلى مدرج المطار، ما أسفر عن مقتل 25 وإصابة أكثر من 100 آخرين من المتواجدين قرب الصالة، في حين جرى نقل رئيس الحكومة وأعضائها إلى قصر معاشيق الرئاسي في المدينة.
ووجه الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، بتشكيل لجنة للتحقيق في تداعيات العمل الإرهابي الذي استهدف مطار عدن.
وأكد رئيس الجمهورية، أن: "الأعمال الإرهابية التي تفتعلها مليشيات الحوثي المدعومة إيرانيا والجماعات الإرهابية المتطرفة لن تثني الحكومة الشرعية من ممارسة مهامها من العاصمة المؤقتة عدن".