وورد في الصفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية التونسية أن الرئاسة تلقت عشية الاثنين 25 يناير/ كانون الثاني 2021، ظرفا بريديا موجها إلى رئيس الجمهورية خاليا من أي محتوى.
وذكر البيان أن مديرة الديوان الرئاسي نادية عكاشة تولت فتح هذا الظرف ليتعكر وضعها الصحي مباشرة، بشهادة أحد الموظفين بكتابة رئاسة الديوان الذي شعر بنفس الأعراض ولكن بدرجة أقل.
وأكدت الرئاسة أنه تم وضع الظرف في آلة تمزيق الأوراق قبل أن يتقرر توجيهه إلى مصالح وزارة الداخلية "ولم يتسن إلى حد هذه الساعة تحديد طبيعة المادة التي كانت داخل الظرف".
وبررت رئاسة الجمهورية عدم نشرها للخبر بأنها تجنبت إثارة وإرباك الرأي العام، وأن تناقل الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي هو ما اضطرها إلى التوضيح.
محاولة اغتيال
واعتبر النائب عن الكتلة الديمقراطية لسعد الحجلاوي في تصريح لـ"سبوتنيك"، أن "محاولة تسميم رئيس الجمهورية ترتقي إلى محاولة اغتيال، وهو أمر يقول النائب إنه سبق أن حدث في العديد من دول العالم".
وأضاف أنه "من غير المقبول أن يقع التشكيك في مصداقية هذه الحادثة خاصة بعد تأكيدها في بيان رسمي من مؤسسة الرئاسة".
واعتبر النائب أن "المستفيدين من عملية اغتيال رئيس الجمهورية كثر، خاصة من أولئك الذين لم يستسيغوا الانتقال الديمقراطي في تونس ونجاح تجربتها الديمقراطية التي أصبحت أنموذجا يقتدى به في المنطقة العربية".
وشدد الحجلاوي على "ضرورة أن يتم التعامل مع محاولة تسميم رئيس الجمهورية بجدية وحذر، بالنظر إلى أن تونس لها ماضٍ حديث في الاغتيالات السياسية التي طالت الشهيدين محمد البراهمي وشكري بالعيد، والتي كان الهدف الأساسي منها هو ارباك الوطن وإدخال البلاد في فوضى".
واستبعد الحجلاوي أن "تكون أطراف داخلية تقف وراء هذه الحادثة"، قائلا إن "أبناء الوطن بحسهم الوطني ورغم اختلافهم وخلافهم السياسي لا يمكن أن ترتقي ممارستهم إلى محاولة اغتيال رئيس الجمهورية".
سابقة خطيرة
من جانبه، قال الأمين العام للتيار الشعبي زهير حمدي لـ"سبوتنيك": "محاولة تسميم رئيس الجمهورية قيس سعيد لم تكن خبرا مفاجأً، بالنظر إلى تعدد الأطراف التي لها خلاف مع رئيس الدولة والتي تنتمي إلى التيار التخريبي المعادي لتونس".
واعتبر حمدي أن "محاولة تسميم رئيس الجمهورية سابقة خطيرة، وأن الوضع الذي آلت إليه البلاد تجاوز الأزمة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية إلى أزمة أمنية ومحاولة اختراق الدولة ممثلة في شخص رئيس الجمهورية بوصفه الضامن لأمن تونس ووحدتها واستقلاليتها".
وانتقد القيادي في التيار الشعبي تكذيب بعض الأطراف السياسية لرواية رئاسة الجمهورية واعتبارها مجرد مسرحية وهمية، داعيا النيابة العمومية إلى التحقيق مع هؤلاء بتهمة التحريض على محاولة اغتيال رئيس الدولة.
وحمل حمدي مسؤولية "الاختراق الأمني" إلى المنظومة الحاكمة ممثلة في رئاسة الجمهورية وحزامها السياسي، اللذان أسهما في توتير الأوضاع وفتح المجال أمام الاختراقات من خلال محاولة محاصرة رئيس الجمهورية ووضعه في الزاوية والهيمنة على مفاصل الدولة، وفقا لقوله.
قصة مفتعلة
على الجانب الآخر، اعتبر النائب عن كتلة ائتلاف الكرامة في البرلمان زياد الهاشمي (من الحزام السياسي الداعم للحكومة) أن "بيان رئيس الجمهورية هو فضيحة إعلامية جديدة كشفت وأكدت أن أخبار القصر أصبحت غسيلا منشورا على وسائل التواصل الاجتماعي".
ويرى النائب أن "الخطير في رواية رئاسة الجمهورية هو اتلاف الدليل الوحيد (الظرف) الذي يثبت صحة المعلومات الواردة في البيان، خاصة وأن النيابة العمومية طالبت بالحصول على الظرف حتى يتم التدقيق فيه".
وتساءل النائب إن كان تزامن الحادثتيْن مع الأزمة الحاصلة بين رئاستيْ الجمهورية والحكومة محض صدفة، قائلا: "أنزه رئيس الجمهورية أن يكون على علم بهذا، فهو ليس في حاجة إلى مثل هذه الآلاعيب والشعبوية الزائفة".
ورجح الهاشمي أن "يكون المحيطون برئيس الجمهورية هم من يقفون وراء هذه الرواية بغرض الزيادة من شعبيته عن طريق المظلومية ووضعه في صورة المستهدف، خاصة وأن شعبية قيس سعيد قد تهاوت بشكل ملحوظ وهو ما أثبتته استطلاعات الرأي الأخيرة".
ولا يستبعد الهاشمي أن "تكون هذه الرواية محاولة من رئيس الجمهورية للهروب من لقاء الوزراء الجدد الذين نالوا ثقة البرلمان بعد التعديل الوزاري وبالتالي منعهم من أداء اليمين الدستورية، مستخدما تعلة الطارئ الصحي أو الأمني على حد قوله".
يذكر أنه تم تعهيد الإدارة الفرعية للقضايا الإجرامية بالقرجاني بالبحث بخصوص "مدى صحة المعلومات التي تناقتلها وسائل الإعلام حول وصول ظرف يتضمن مادة مشبوهة الى رئاسة الجمهورية وإجراء التساخير العلمية والفنية اللازمة وفق ما صرح لوكالة به الناطق الرسمي باسم المحكمة الابتدائية بتونس 1"، مشيرا إلى أن الفرقة المذكورة تولت الشروع في إجراء هذه الأبحاث و"سيتم إنجاز الأعمال الفنية المطلوبة بما في ذلك حجز الظرف -إن وُجد- واجراء الاختبارات الفنية والسماع لكل من تقتضي الأبحاث سماعه وترتيب النتائج القانونية على ضوء ذلك".