وبحسب موقع "كوين ماركت كاب"، فإن العملة سجلت رقما قياسيا جديدا في سعرها، وارتفعت قيمتها خلال التداولات، اليوم الثلاثاء، فوق 50 ألف دولار للمرة الأولى على الإطلاق، قبل أن تتراجع عن هذا المستوى قليلا إلى ما دون 49 ألفا.
وطرح الارتفاع الجنوني في سعر عملة بيتكوين تساؤلات بشأن مستقبل العملات الرقمية، في ظل التقدم التكنولوجي والذكاء الاصطناعي، واعتماد بعض الدول على تقنية "البلوك تشين".
ارتفاع جنوني
بدأ الاتجاه الصعودي الأخير في قيمة هذه العملة المشفرة، يوم الاثنين 8 فبراير/ شباط، بعد أن أعلنت شركة "تسلا"، التي يملكها إيلون ماسك، عن استثمار 1.5 مليار في بتكوين. في ظل هذه الخلفية، تجاوز سعر العملة المشفرة مستوى 41.9 ألف دولار الذي تم الوصول إليه في 8 يناير/ كانون الثاني وحطم الأرقام القياسية لمدة يومين على التوالي.
قبل ذلك، ارتفعت قيمة العملية في النصف الثاني من ديسمبر/ كانون الأول، وفي اليوم السادس عشر، وصلت العملة المشفرة إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق -آنذاك- عند 20 ألف دولار تقريبا، متجاوزة المستوى القياسي المسجل في عام 2017، وقبل أن تضاعف مكاسبها الآن.
مخاطر كبيرة
نزار العريضي، الخبير المتخصص في أسواق المال والاقتصاديات العالمية والمقيم في الإمارات، قال: "عملة بيتكوين تشهد ارتفاعا قياسيا في سعرها بالسوق، حيث أعلنت شركات كبرى مثل تسلا وبعض البنوك استخدامها كعملة أصول، لكن لابد من الانتباه أن هذه العملة ليس لها أي جهة تنظيمية أو مرجعية أو رقابية".
وأضاف في تصريحات لـ"سبوتنيك"، أن "مفهوم العملات الرقمية أو الافتراضية يعد مفهوما متطورا جدا يعتمد على البلوك تشين، وهو نوع متطور من عملية نقل وتحويل الأموال ضمن حلقة مفرغة تعطي المزيد من السرعة وتخفف من الإجراءات وتضفي المزيد من الخصوصية".
وتابع:
بيتكوين وغيرها من العملات الرقمية لم تقم حتى الآن باستخدام التكنولوجيا، فلم نر بعد أي عمليات تحويل أموال، ما يتم فقط طرح كود بالعملة يتملكها البعض ويقومون من خلاله ببيع وشراء العملات.
وأكد أن "هذه العملات لم يتم استخدامها في الدور الذي دشنت من أجله، الأسعار المرتفعة نتيجة عمليات المضاربة الكبيرة، حيث وصلت بيتكوين إلى 50 ألف دولار، وهو أمر مخيف نظرا لعدم احتواء هذه العملات على مرجعيات أو أصول مدرجة، ووفقا لمفهوم أسواق المال لا يوجد عملة تظل في حالة صعود دائم.
وأشار إلى أن "الاستثمار في هذه العملات خاصة بيتكوين يعد استثمارا عالي المخاطر، لعدم وجود لها مرجعية تنظيمية، لا بنوك منظمة أو شركات، أو منظمات ومؤسسات، ومن المتوقع هبوط عملة البيتكوين بعد عمليات المراجعة التي ستتم قريبًا من قبل الدول والبنوك المركزية الدولية".
مستقبل كبير
وبيّن أن "الجهات الرقابية وخاصة وزارة الخزانة الأمريكية والبنوك المركزية لن تترك هذه العملات تحل محل العملات الكبيرة مثل الدولار، وسيكون هناك نوع من التنظيم والرقابة".
وعن مستقبل العملات الرقمية، قال: "الكثير من البنوك والشركات أعلنت استخدام عملات رقمية قريبا لكنها ستكون مرخصة، وذلك في ظل المستقبل المذهر الذي يعتمد على التطور التكنولوجي والذكاء الاصطناعي وتقليل الاعتماد على العملات الورقية لتسهيل نقل الأموال".
وأوضح أنه "من الضروري للمستثمرين ضمان استثماراتهم عبر إخضاع تلك العملات للرقابة والقوانين الدولية، والأسس المتعارف عليها في أسواق المال، ووفق التقنيات والدراسات المتبعة في الأسواق لحماية رأس المال".
سبب الارتفاع القياسي
من جانبه قال ماجد بن أحمد الصويغ، المستشار المالي والمصرفي والاقتصادي السعودي، إن "عملة بيتكوين الرقمية التي أصبحت مؤخرا حديث العالم تم طلاقها في عام 2007 من أجل عمليات مالية وتبادل مالي عن طريق الإنترنت، ولكن سرعان ما اتخذت منحى آخر وباتت عملة مضاربة".
وأضاف في تصريحات لـ"سبوتنيك" أنه
في بداية إطلاق هذه العملة حاربها بشدة العديد من الدول والبنوك المركزية، وهناك من جرم التعامل بها أو تداولها، بل أغلقت بعض الدول منصاتها على الإنترنت.
وتابع: "بدأت عملة بيتكوين للظهور في الوطن العربي والعالم بشكل كبير عند سعر 3500 دولار أمريكي، ونظرا لقلة الاستثمارات وصل سعرها إلى 19500 دولار، ثم انخفضت لتصل لسعر 4500 دولار".
وأردف بالقول: "مع وجود أزمة كورونا واهتزاز ثقة الشركات الاستثمارية الكبرى في النقد والمخاطر التي تحتويها عملية نقل الأموال، قام المستثمرون الكبار والشركات بالجري خلف هذه الموضة ليلحقوا بطفرة بيتكوين وخاصة بعد أن ارتد السعر من 4500 دولار وصولا إلى 15 ألف دولار، وأصبح سعر العملة اليوم ما يتخطى الـ47 ألف دولار".
وأكد أنه "لا يزال الكثيرين من أفراد العالم يجهلون كيفية التداول بهذه العملة أو المنصات التي تتعامل بها، وهناك تخوف من قبل الأفراد في التداول مع أي منصة حيث يكثر منصات الاحتيال والتي تقوم بإيهام الناس وأخذ أموالهم والكثير من الأفراد خسروا كل ما يملكون".
وأشار إلى أن "الأزمة الاقتصادية في عام 2008 بأمريكا بسبب الرهن العقاري كانت شرارة انطلاق بيتكوين الأولى، والآن في عام 2021 وأزمة كورونا الصحية كانت بمثابة الانطلاقة الثانية لها وانفجارها السعري، خاصة أن عدد العملات المصدر منها حتى الآن يعادل 13 مليون وحدة، علما بأن أعداد عملات بتكوين 21 مليون عملة فقط، لهذا نجد أن سبب الطلب عليها هو إحدى أسباب ارتفاعها الجنوني".
وأكمل:
عدد كبير من الشركات الآن أصبحت تنافس الأفراد، فشركة تسلا أعلنت عن دخول عالم البيتكوين بمبلغ يقارب المليار ونصل المليار دولار أمريكي، مما دفع الكثير من الشركات البحث عن نفس الاستثمار.
وأوضح أنه "في الوقت الذي جرمت فيه بعض الدول تداول هذه العملات أعلن البنك المركزي السعودي والإماراتي عن وضع اتفاقيات من أجل تبادل عملة رقمية فيما بين البنكين المركزيين فقط، ووضع سياسات وإجراءات لذلك من أجل تسهيل العمليات المالية بين البلدية ومن أجل الحد من مخاطر نقل الأموال عبر الحدود أو الخسارة في عمليات تحويل الأموال عن طريق سعر الصرف".
وعن مستقبل عملية بيتكوين والعملات الرقمية، قال: "ستظهر الأيام المقبلة مسقبل هذه العملة، هل ستكون طفرة اقتصادية قادمة، أم ستكون أكبر عملية غسيل أموال وسرقة مرت على التاريخ؟".
وساهم تبني عدد من العلامات التجارية البارزة في قطاعات مختلفة من الأعمال للعملة الرقمية إلى ارتفاع قيمتها، حسبما ذكرت شبكة "سي إن إن" الأمريكية في تقرير سلط الضوء على أسباب ازدهار "بيتكوين".
ومن بين الذين أعلنوا دعمهم لبيتكوين، شركة "تسلا" التي قالت الأسبوع الماضي إنها ستقبل قريبا العملة الرقمية في شراء سياراتها، مشيرة إلى احتفاظها بجزء من رأس مالها على هيئة تلك العملة بدلا من الأموال التقليدية.
كما أعلنت "ماستر كارد" أيضا أنها ستدعم "عملات رقمية محددة" مباشرة على شبكتها في وقت لاحق من هذا العام.