تقول الخبيرة الاقتصادية المصرية، حنان رمسيس: "إن إيقاف أي اتفاقية اقتصادية بين دولتين يمثل خسارة للبلدين، مهما تكن معدلات التبادل التجاري بين مصر وتركيا منخفضة، إلا أنها تمثل جزء من فاتورة الصادرات والواردات، ويجب أن نحتفظ بهذا الجزء حتى وإن كنا نعلم أنهم ضد المصلحة المصرية، لأنه في وقت من الأوقات سوف تغلب المصالح الأطماع وسوف تبحث كل دولة عن كيفية تنمية اقتصادياتها من خلال الاستمرار في تلك الاتفاقيات".
المصالح والسياسة
وأشارت رمسيس إلى أنها "ضد إلغاء أي اتفاقيات نظرا لأن الأوضاع السياسية متغيرة، اليوم هناك توتر وغدا وفاق، وقد رأينا الوضع بالنسبة للمصالحة الخليجية مع قطر، لذا يجب الاحتفاظ بتلك الاستثمارات وعدم تعريضها للتقلبات العنيفة في الحياة السياسية، يجب مسك العصا من المنتصف والتعامل مع كل الملفات بدبلوماسية، لأن وضع مصر الحالية والتنمية التي تعيشها تتطلب عدم تراجعها في الإجراءات التي تتخذها، ويجب أن نضع في الاعتبار أن الدولة كلما كانت قوية سياسيا في الداخل، فإن هذا يدفع الدول الأخرى التي ناصبتها العداء بالتحول تدريجيا نحو المصالح والابتعاد عن العداء".
تكاليف الانسحاب
بدوره قال الدكتور علي الغتيت، أستاذ القانون الدولي والاقتصادي المقارن والرئيس السابق للجمعية المصرية للقانون الدولي: "إن حرية الدخول والخروج من الاتفاقيات الدولية الثنائية أو العامة مكفولة ولكن لها ثمن، ومثل هذه المسائل قبل أن تكون محلا للتعامل السياسي بشأنها يجب أن يسبق ذلك عرض للمسالة المطروحة بصيغة مدروسة قبل أن يتم الحديث بصورة إنشائية عن الخطر الذي يهدد أي طرف من تلك الاتفاقية، فإذا تم إفساد العلاقة بين الطرفين ومن يريد الخروج له أسباب موضوعية وكان في غفلة ولم يستطع أن يجند لها السلاح الاقتصادي، وهنا يكون الطرف قد أخفق في صياغة وتنفيذ الالتزامات، وأخطأ أيضا في كيفية طلب التصحيح في إطار الاتفاقية".
وأشار أستاذ القانون الدولي إلى أن "الانضمام إلى الاتفاقية أو الخروج منها له تكلفة، فمن الممكن أن يحدث خلاف بين شركة من الشركات الكبرى من الدولة X إلى الدولة Y وخالفوا القواعد التي يجب أن يحترموها طبقا للاتفاقية، مثل هذا الخلاف نجد علاجه داخل الاتفاقية نفسها، وهناك في كل اتفاقية قواعد تنظم معالجة مثل تلك المسائل، أما الحديث عن الإنهاء الانفعالي بدون دراسة موضوعية فهذا الأمر يملكه أشخاص أو جهات أو مجالس، وفي النهاية تدفع الشعوب ثمن تلك التصرفات الانفعالية".
الحديث الإعلامي
وأكد الغتيت أن "المسائل الاقتصادية والاتفاقات الدولية لا يجوز الحديث فيها سياسيا إلا بعد استيفاء الأمر موضوعيا، بحيث يكون أمام جهات اتخاذ القرار بدائل، ولا يمكن للمسائل الاقتصادية والاتفاقات الدولية أن يتم الحديث فيها سياسيا قبل دراسة الأمر موضوعيا، الأمر الذي يتلف على الدولة موقفها، حيث أن التصريحات الإعلامية الآن في ظل سرعة وتوافر المعلومات تتسبب في مشاكل كبرى حتى وإن كانت صادرة عن أشخاص مفردين ولا قيمة لها".
وكان النائب في البرلمان المصري حافظ عمران، وزارة الصناعة والتجارة بضرورة إعادة النظر في اتفاقية التجارة بين مصر وتركيا، قائلا إنها "تضر أكثر ما تنفع".
وأكد أن كل الدول تحمي صناعتها ويجب حماية الصناعة المصرية، مطالبا بضرورة عدم منح تراخيص للمصانع إلا بعد دراسة مستوفية للسوق ومدى احتياج السوق المصرية لهذه الصناعة، وقدرة هذه الصناعة على أن تكون إضافة وليست صناعة مكررة ومتشابهة مما يتسبب في أن يكون المعروض من المنتجات أكثر من الطلب.
ونظرت محكمة القضاء الإداري بالقاهرة وفقا لصحيفة "الأخبار" المصرية نهاية العام الماضي 2020، الدائرة السابعة استثمار، الدعوى المقامة من طارق محمود المحامى بالنقض والدستورية العليا والمقيدة برقم 54196 لسنة 73 قضائية، والتى طالب فيها بإلغاء كافة اتفاقيات التبادل التجارى المبرمة ما بين مصر وتركيا ومنع دخول الواردات والمنتجات التركية للأسواق المصرية نهائيا.
يذكر أنه تم التوقيع على اتفاق التجارة الحرة بين مصر وتركيا بتاريخ 27 ديسمبر/كانون الأول 2005، وقد تم الانتهاء من إجراءات التصديق على الاتفاق من الجهات المسئولة في كل من البلدين وقد تم دخول الاتفاق حيز النفاذ في 1/3/2007، وتعكس أحكامها – بصفة عامة – صورة للفصول التي تتناول التجارة الحرة بين مصر والاتحاد الأوروبي في اتفاقية الشراكة المبرمة بينهما.