وقال القائد الثاني لقوات الدعم السريع، عبد الرحيم حمدان دقلو، في مقابلة مع صحيفة "الشرق الأوسط": "قلنا للبشير من أول مرة طلب فيها التدخل إن قواتنا موجودة لحماية المواطنين والثوار".
وأوضح أنه في الوقت الذي كان يتهيأ فيه للسفر إلى الإمارات يوم 24 ديسمبر/كانون الأول 2018، اجتمع مع شقيقه قائد قوات الدعم السريع، وطلب منه "ألا يدخل القوات في أي إشكاليات مع الشعب".
ولفت إلى أن حميدتي قال له إن البشير في خطابه الأخير زاد "الطين بلة"، مضيفا "لن نقف أبدا مع المجرمين، ونحن على استعداد لتحمل النتائج أيا كانت".
عاصفة الجيش
وتابع عبد الرحيم دقلو بقوله "بدأت الأوضاع داخل الجيش تأخذ شكل عاصفة، وتفاقمت بشدة بعد خطاب الرئيس المعزول الأخير في 22 فبراير/ شباط 2019، لأنه في هذا الخطاب، كان الهدف من الخطاب كسب ثقة المعارضة ومواجهة الاحتجاجات، ولكن دون جدوى".
واستمر بقوله "بعد الخطاب ذهبت مع حميدتي لوزير الدفاع حينها عوض بن عوف، وكان رد الفعل غاضبا تجاهنا واتهمنا بتهييج الشارع، لكن حميدتي رد قلت كلمة الحق لأن ما يحدث ظلم وخيانة للشعب والبلد بتلك الطريقة يمكن أن تضيع من أيدينا جميعا للأبد".
ووافق ابن عوف على كلام حميدتي، وقال له: "ما يحدث خطأ، لأن سياسات الحكومة أوصلت الأمور لهذه المرحلة، واقترح تشكيل لجنة أمنية عليا".
الملثمون
وأوضح أنهم اتفقوا على تشكيل لجنة مهمتها تفريق المحتجين، وأضاف بقوله "في أول اجتماع للجنة تحدث الحاضرون بإيجابية عن قوات الدعم السريع، وقدراتها، بما يوحي بأنهم يريدون إشراكها في قمع الثورة وقمع المتظاهرين، ولكن بادرتهم بالقول: كيف تفكرون بهذه الطريقة، هل تريدون أن يطارد الدعم السريع المتظاهرين في الشوارع؟ وقلت لهم بشكل قاطع، لن نشارك في قمع الثوار".
وتابع بقوله "ثم وصف حميدتي ما يحدث بأنه بطش، وطالب بسحب سلاح جهاز الأمن، وبالفعل تم جمع السلاح من قوات الجهاز في 5 أبريل/نيسان، أي قبل الاعتصام أمام قيادة الجيش بيوم واحد".
واستطرد بقوله "كان أفراد الأمن يتلثمون ويقودون سيارات من دون لوحات، فقلنا لضباط منهم، لو كنتم على قناعة بما تفعلون لماذا تُخفون وجوهكم؟ فقد كنا نريد حماية المتظاهرين من الرصاص".
بيان 6 أبريل
وقال عبد الرحيم دقلو: "صبيحة يوم 6 أبريل، اتصل وزير الدفاع (ابن عوف) بحميدتي وقال له: تعالَ بسرعة هناك انقلاب يجري، بعض الضباط في طريقهم لإذاعة البيان الأول".
وأضاف: "بناءً على ذلك جمعت قواتي على وجه السرعة وأمرتها بالسيطرة على الكباري (الجسور) والدخول إلى القيادة العامة".
وتابع: "وتوجهت إلى الإذاعة في أمّ درمان، ووجهت القوات بالتعامل اللازم مع أي مجموعة تحاول دخول مباني الإذاعة، ثم توجهت لكوبري شمبات (على النيل الأبيض)، وعند مدخل مدينة بحري شاهدت القوة التي كانت تريد الانقلاب. وبعد وصولي القيادة العامة وزعت القوات داخلها".
وأوضح: "انعقد بعد ذلك اجتماع اللجنة الأمنية، وحين دخلت عليهم وجدتهم في حيرة من أمرهم، فيما يحاصر المتظاهرون مباني القيادة، وقوات الأمن والشرطة تحاول تفريقهم بالغاز المسيل للدموع".
اقتلوا نصف الشعب
ثم تطرق القائد العسكري السوداني، إلى ما وصفه باجتماع البشير الأخير مع قادة الجيش، بقوله "ذهبت إلى لقاء البشير مساء 6 أبريل برفقة صلاح قوش، فوجدنا معه كلاً من عبد الرحيم محمد حسين (وزير الدفاع السابق)، وأحمد هارون (نائب الرئيس)، وكان حسين يسب وزير الدفاع ابن عوف ويصفه بـالفاشل لأنه سمح بدخول المتظاهرين إلى الساحة التي تحيط بالقيادة، وكان ذلك بحضور الرئيس".
وقال دقلو: "لم أتمالك نفسي، وانفجرت غاضباً، وقلت له لا داعي لهذا الحديث الفارغ، هذا يوم الحكمة لمعالجة مشكلة المواطنين في الشارع".
وتابع قائلا "فوجئنا بصلاح قوش يخبر ابن عوف بأن حسين سبه في حضور الرئيس، وخرجت من المكتب لأجد قيادات إسلامية تحاول السيطرة على الموقف".
وقال دقلو:
"في 9 أبريل ذهبت ومعي القائد حميدتي لمقابلة البشير، فوجدناه في أشد حالات الغضب، وحين سأله حميدتي عن الحل رد: اقتلوهم، فهناك فتوى تبيح قتل ثلث الشعب، بل فتوى أكثر تشدداً تبيح قتل نصفهم، ليعيش الباقون".
وأضاف بقوله "استعذنا بالله في دواخلنا من ثقل مثل هذا القول، وبعد أن خرجنا اتفقنا على حماية المتظاهرين، لكننا لم نقرر تسلم السلطة، بل تركنا الأمر للجيش أو الأمن أو من يتحرك أولاً، مع تأكيد أهمية وجودنا لحماية المعتصمين".
واستمر بقوله "كنا نعلم أن قوش يلعب على الحبلين، لكنه عندما طلبنا منه أن يبلغ البشير أن يتنحى عاد مرتبكا قائلا: لن أخون الرئيس... لن أخون الرئيس".
واستمر بقوله
"ذهبت بعد ذلك مع حميدتي إلى وزير الدفاع وأبلغناه أننا لن نقتل المتظاهرين، فرد علينا ابن عوف بقوله: الرئيس مسح بكرامتنا الأرض، ولو وافقتم على تغييره فنحن معكم وبدأت إجراءات عزله وتأسيس مجلس السيادة والفترة الانتقالية".
يذكر أنه تحت وطأة احتجاجات شعبية منددة بتردي الأوضاع الاقتصادية، عزلت قيادة الجيش السوداني عمر البشير من الرئاسة في 11 أبريل/نيسان 2019.
ونهاية نوفمبر/ تشرين الثاني 2019 أقر السودان قانونا بهدف "تفكيك" نظام الرئيس السابق عمر البشير.