الاقتصاد والفرص الاستثمارية، والدور الروسي في ملفات المنطقة، جميعها ملفات تعزز علاقة روسيا بدول الخليج، بحسب الخبراء الذين أكدوا أن الرسائل من الزيارة ليست مجرد سياسية، بل أنها تترجم تباعا على الأرض من خلال الاتفاقيات وتوطيد العلاقات، وفعالية الدور الروسي في المنطقة، في ظل ما تسعى إليه إدارة بايدن بإحياء سيناريو "الفوضى الخلاقة".
الخبراء من الخليج يرون أن الفترة المقبلة تشهد المزيد من تنامي العلاقات بين موسكو ومجلس التعاون الخليجي، وأن الدور الروسي الفاعل في العديد من الملفات جعلها ضمن الحلفاء الذين يمكن للخليج إقامة علاقات قوية معهم على مستويات أكبر مما سبق.
الملف السوري والإيراني ضمن الملفات التي باتت تتصدر الواجهة، خاصة في ظل التأكيد من أكثر من دولة على ضرورة عودة سوريا إلى الجامعة العربية.
من ناحيته قال الكاتب والمحلل السياسي الكويتي ناصر المصري، إن جولة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف تحمل العديد من الرسائل.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن الزيارة تتماشى مع الخطوات السعودية التي تتعلق بإعادة معايير علاقتها مع الولايات المتحدة الأمريكية.
وأوضح أن العلاقات مع روسيا أو الصن يمكن أن تتطور بشكل أكبر في المرحلة الحالية، خاصة أن الإدارة الأمريكية الجديدة أظهرت عدم الاهتمام بمخاوف المنطقة بصفة عامة.
ويرى الخبير أنه من حق دول الخليج أن تقيم علاقاتها مع واشنطن، كما تفعل الأخيرة مع دول الخليج والعالم في ظل حالة من عدم الثقة الحالية، وتعليق بيع الأسلحة للإمارات والسعودية.
علاقات واشنطن المتوترة يمكن أن تفتح الباب لبعض الدول الأخرى في إقامة علاقات قوية مع دول الخليج الغنية بالنفط، هذا ما يفسره الخبير، خاصة في ظل الضغوطات الأمريكية على بعض الدول.
يتابع الخبير أن إدارة بايدن ترتكب نفس الأخطاء التي سبقتها إليها إدارة أوباما، وإن كانت الحالية ترتكبها بشكل " فج" عن سابقتها.
الاتجاه الخليجي نحو الصين وروسيا والهند وفرنسا لا يرتبط بصفقات الأسلحة فقط، حيث يرتبط الأمر بمنظومة اقتصادية واستثمارية بشكل كبير في المنطقة.
المصري يستطرد بقوله إن دول الخليج لن تفرط في أمنها القومي، وأن إعادة مشهد الفوضى الخلاقة مرة أخرى لن يجدي نفعا، وأن الخليج يقيم توازنات علاقاته بما يتوافق مع أمنه القومي واستقرار، وأن دول الخليج يجب أن تكون أحد الأطراف في الاتفاق النووي بمعني أن تكون "5+1+6".
حل النزاع في سوريا وإعادة الإعمار، إضافة إلى المشروع الصيني "خط الحرير" والمصالح الاقتصادية الأخرى هي ضمن الأولويات الخليجية خلال الفترة المقبلة، بحسب المصري.
وشدد على التوجه نحو بكين وموسكو والهند، إضافة إلى ضرورة صناعة اللوبي العربي مرة أخرى للدفاع عن المصالح الاقتصادية والاستراتيجية للمنطقة.
في هذا الإطار قال الخبير القطري علي الهيل، إن زيارة لافروف لدول مجلس التعاون الخليجي هي امتداد للاتصالات الثنائية التي يجريها الرئيس فلاديمير بوتين مع حكام دول الخليج.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك" أن أهم الرسائل التي تحملها الزيارة تتمثل في أن روسيا دولة كبرى في المنطقة، وتريد أن يكون لها حضورها في الخليج العربي.
الاعتماد على حليف واحد، يراه الهيل بأنه غير موفق، حيث أنه من الضروري أن يعلم الجانب الأمريكي أن دول الخليج قادرة على التحالف مع دول كبرى أخرى.
وأكد الهيل أن دول الخليج ستساهم في إعادة إعمار سوريا، كما سيكون لها دورها في العديد من الدول العربية الأخرى مثل ليبيا.
وفي وقت سابق التقى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في العاصمة الرياض، أمس الأربعاء، وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الذي وصل إلى المملكة بزيارة رسمية.
وذكرت وكالة الأنباء السعودية الرسمية الأربعاء 10 مارس/ آذار، أن الأمير محمد بن سلمان ولافروف استعرضا خلال الاجتماع "العلاقات الثنائية ومجالات التعاون المشترك وسبل دعمه وتطويره في مختلف المجالات".
كما بحث الجانبان خلال الاجتماع "مستجدات الأوضاع الإقليمية والدولية وتنسيق الجهود المبذولة تجاهها بما يعزز الأمن والاستقرار فيها، وعددا من المسائل ذات الاهتمام المشترك".
جدير بالذكر أنه تم تعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية بقرار من وزراء الخارجية العرب في مقر الجامعة في القاهرة في 12 نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2011، وسحب السفراء العرب من دمشق وتعليق مشاركة وفود سورية في اجتماعات مجلس الجامعة العربية وجميع المنظمات التابعة على أثر الأزمة التي حصلت في سوريا.