في حكومة عبد الحميد دبيبة تولت 5 وزيرات حقائب وزارية، هي الخارجية والتعاون الدولي التي ترأستها نجلاء محمد المنقوش، وكذلك وزارة العدل التي تربعت عليها حليمة إبراهيم عبد الرحمن، ووزارة الشؤون الاجتماعية لوفاء أبوبكر محمد الكيلاني، ووزارة الثقافة والتنمية المعرفية التي جاءت من نصيب مبروكة توفي عثمان أوكي، فيما تولت وزارة الدولة لشؤون المرأة، حورية خليفة ميلود.
المشاورات التي جرت في جنيف وقت سابق اشترطت تمثيل المرأة بنسبة 30 في المئة، وهو ما يراه البعض يختلف عن العهد السابق، حيث كانت تمثيل المرأة بشكل طبيعي في إطار الاستحقاق دون اشتراطات مسبقة.
مسؤولون ليبيون، يرون أن الخطوة الحالية تؤسس لمرحلة مغايرة، حتى وإن كانت عبر شروط مسبقة، أي أنها تعزز مكانة المرأة وتؤسس لفكر جديد في إدارة الدولة، خاصة مع تولي المرأة لحقائب سيادية.
الفترة الزمنية الممنوحة للحكومة الحالية ليست بالطويلة، حيث أنه من المقرر إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية نهاية العام الجاري، ما يعني أن الوزيرات في الحكومة، ربما يغادرن المشهد إن لم يقع عليهن الاختيار في الحكومة الجديدة ما بعد الانتخابات، وهو ما يضعهن تحت اختبار صعب في الفترة المقررة والنتائج التي يمكنهن تحقيقها.
تكافؤ الفرص
نادية عمران، عضو الهيئة التأسيسية للدستور، ترى أن الخطوة تؤكد على حق المواطنة وتكافؤ الفرص وإتاحة المجال للمرأة لتولي الوظائف السيادية والقيادية.
وتابعت بقولها "تكليف المرأة بحقائب سيادية هامة كالخارجية والعدل هي بمثابة إتاحة الفرصة للمرأة لإثبات جدارتها وقدراتها على إدارة وتسيير هكذا وزارات"، وهو ما تصفه عمران بأنه بداية لنزع الثقافة السلبية التي تشكك في قدراتها وكفاءتها.
تمثيل محدود في السابق
تشير عمران إلى أن المرأة الليبية سبق، وأن تولت بعض الوظائف بشكل محدود، وأن ما جرى في تشكيلة حكومة الوحدة الوطنية، هو الخروج من قولبة المرأة في وزارات بعينها، مثل الثقافة والسياحة وشؤون المرأة، ودخولها معترك أكبر وأهم.
في الإطار قالت الكاتبة هاله المصراتي، إن "حضور المرأة ووجودها ضمن أي مشروع يدفع نحو الاستقرار يعني الكثير، متى كانت الشخصية متفق عليها في الداخل قبل الخارج".
دور المرأة
وأعربت المصراتي في حديثها لـ"سبوتنيك"، عن أملها في "تعزيز دور المرأة بشكل أكبر، مطالبة بتسليط الضوء على النساء اللواتي لديهن خبرة أكبر وأقدر، خاصة أن بعضهن مهجرات وبعضهن لا زلن يتعرضن للمطاردة، إضافة إلى استبعاد الكثيرات رغم أنهن يحملن شهادات من جامعات دولية، وكانت لهن صولات وجولات في عدة مجالات منها القانون والسياسة".
بشأن تولي امرأة لوزارة الخارجية توضح المصراتي أن "المرأة كانت حاضرة، وتولت مناصب دولية وكان لها الحق في تولي الكثير من المناصب، وأن إرث النظام السابق وتعليمه الجيد قد جعل النساء اليوم حاضرات في المشهد الليبي الجديد، سواء اتفق أو اختلف حولهن، لكنه كان مخاضا طبيعيا لتعزيز دور المرأة إبان النظام السابق من خلال الدفع بها للتعليم".
قوة المنظومة
تشير المصراتي إلى أنه "في السابق كانت المرأة عند توليها لأي منصب تجد المناخ المناسب وأن قوتها كانت تستمد من منظومتها الداخلية والسيادية، وأن البيئة كانت مناسبة لتمارس عملها دون خوف داخلي ودون ضغط خارجي".
وأوضحت أن "المرأة كانت موجودة سابقا في وزارة الثقافة وفي الإعلام وفي الشباب والرياضة، ومثلت ليبيا في المنظمات الدولية، وفي السفارات".
طائرة القذافي
ذكرت المصراتي بعض الأمثلة منها أن "طائرة القائد معمر القذافي كانت الكابتن الخاص بها هي كلثوم البوسيفي، رغم أنها ليست محسوبة على تيار ثوري أو عضو حركة لجان ثورية".
وشددت على أن "وجود المرأة في كافة المجالات في السابق كان ضمن الأطر الطبيعية كاستحقاق، غير أن الأمر الآن يطبق بشروط وفرض".
فيما قال محمد معزب عضو المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، إن "المرأة في ليبيا تشكل نصف السكان، ويشكل الشباب نسبة 65 في المئة، وهو ما يؤكد أهمية دورها".
إعادة تشكيل
في حديثه لـ"سبوتنيك"، يوضح معزب أن "نسبة تمثيل المرأة في المجتمع، تؤكد أهمية إتاحة الفرصة لها لتشغل مكانتها في بناء المجتمع".
وتولي المرأة وزارات سيادية للمرة الأولى تمثلت في الخارجية والعدل، خطوة يراها معزب هامة في إعادة تشكيل الإدارة في ليبيا.
لتعزيز الخطوة، يرى معزب "ضرورة تشجيع النساء على المشاركة في كل المناصب القيادية والسيادية، وتشجيع النساء على الانخراط في الشأن العام".
شروط مسبقة
فيما قال الأكاديمي والمحلل السياسي الدكتور صالح الزوبيك، إنه "من الناحية الشكلية، فإن تولي المرأة حقائب مثل الخارجية والعدل هي خطوة جيدة، إلا أنها تتصل بشروط البعثة الأممية خلال اجتماعات جنيف للمترشحين لمنصب رئيس الحكومة، وتعهد بتخصيص نسبة 30 في المئة من الحكومة للمرأة".
في حديثه لـ"سبوتنيك"، يرى الزوبيك أن "تمكين المرأة في الحياة السياسية في ليبيا جرى من أربعين عاما مضت، حيث كانت المرأة ممثلة في كل مناحي الحياة السياسية والوظيفية، وكان القائد معمر القذافي يتبنى شخصيا هذا المشروع".
في السابق لم تكن هناك أي قيود تمنع المرأه من تولي المواقع، وهو ما يشير له الأكاديمي الليبي، مع مراعاة العوامل الثقافية التراكمية، ونظرة الرجل للمرأة، إلا أنه يشدد على أن المرأة الليبية حققت تقدما، وكانت في الصدارة في عدة مواقع.
عهد القذافي
فيما قالت إيمان محمد الكاتبة الليبية، إن "التفاعل مع وجود سيدات في الحكومة الجديدة يتم التعامل معه بشكل مبالغ فيه".
وأوضحت في حديثها لـ"سبوتنيك"، أن "المرأة الليبية لم تهمش خلال عهد الجماهيرية".
إشارة أخرى يحملها حديث الكاتبة، خاصة فيما تعرضت له المرأة الليبية بعد العام 2011، والذي تصفه بـ"عام النكبة".
تدلل الكاتبة بقولها "على أنه ما قبل 2011 لم تكن هناك أي سجينات راي في ليبيا، بينما تشهد السجون في الوقت الراهن على الأرقام وحقيقة الوضع".
وفي كلمته أمام مجلس النواب الليبي خلال جلسة منح الثقة الشهر الجاري، أكد رئيس الحكومة الليبية عبد الحميد دبيبة، أن المرأة ممثلة في تشكيلته الحكومية إلى الآن بنسبة 15%، وقد يفوق الـ30% في باقي المؤسسات والهيئات التي تشكل في الفترة القادمة.