يرى أكثر المراقبين تفاؤلا، أن توقيع الحلو على مسار السلام يعد خطوة كبرى نحو ترسيخ السلام الشامل، علاوة على أن هذا قد يدفع حركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد نور إلى تقديم تنازلات والانضمام للسلام لأنه سيكون الوحيد خارج المنظومة، أما الآخرين فيرون أن التوقيع سوف يؤدي لعدم استقرار خاصة من جانب المسلمين، وذلك لأن الحلو اشترط علمانية الدولة قبل التوقيع.
بداية حقيقية للسلام كانت أولى كلمات المحللة السياسية السودانية، أمل أحمد تبيدي، تعليقا على توقيع عبد العزيز الحلو قائد الحركة الشعبية لتحرير السودان، اتفاق مبادئ مع الحكومة السودانية، لأن الحلو كان من أكثر القيادات الرافضة للسلام إلا عبر شروط وأهمها علمانية الدولة.
بداية حقيقية
وفي حديثها لـ"سبوتنيك"، اعتبرت تبيدي، أن توقيع الاتفاق بين الحركة الشعبية والحكومة يعتبر خطوة قد تقود إلى اتفاق شامل، خاصة وأن عبد الواحد محمد نور له مطالب قد تم تنفيذ كثير منها، كما أبدت الحكومة استعدادها للوصول لسلام شامل خاصة وأنه أحد مطالب الثورة.
وأضافت: "هذا التوقيع في رأيي وجد تأييد حتى علي المستوي الخارجي، ويعتبر بداية حقيقية للسلام خاصة وأن الحلو كان من أكثر القيادات الرافضة للسلام إلا عبر شروط بعينها، وأتوقع أن يوقع عبد الواحد محمد نور رئيس حركة تحرير السودان وبدون نور يكون السلام ناقصا".
المسلمون غير راضون
وعبرت المحللة السياسية عن مخاوفها لأن الغالبية المسلمة في السودان ترفض شرط الحركة الشعبية فيما يتعلق بعلمانية الدولة، مع تحفظ نسبة من السكان على بعض بنود خاصة البند الثاني والخامس، حيث نص الاتفاق على فصل الدين عن الدولة، هذا النص يشكل قضية من الناحية السياسية في رأي البعض، بينما يرى البعض أن ما تم خطوة إيجابية، قد تؤدي إلى سلام شامل، ويبقى أهم ما في إعلان المبادئ وهو اتفاق الطرفين على وقف دائم لإطلاق النار".
ووقع رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان وقائد الحركة الشعبية لتحرير السودان - شمال، عبدالعزيز الحلو، على مبادئ اتفاق سلام يقضي بفصل الدين عن الدولة، وتكوين جيش واحد في نهاية الفترة الانتقالية.
هذا الاتفاق يمهد لاستئناف المفاوضات العالقة، ويأتي بعد سلسلة من الاجتماعات عقدت خلال الشهر الجاري تحت رعاية رئيس جنوب السودان سلفا كير ميارديت.
واتفق المحلل السياسي السوداني خضر عطا، مع أمل تبيدي في أن اتفاق المبادئ الذي وقع بين الحكومة الإنتقالية وحركة عبد العزيز الحلو قد فتح آفاقا جديدة للسلام، وسوف ينعكس إيجابا على السلام الشامل، وسيكون له تأثير على كل المساعي الهادفة إلى إيجاد مسار سلام قوي يستوعب كافة الفصائل التي كانت تقاتل( حركات الكفاح المسلح) خلال الفترة الماضية.
وتطرق عطا في حديثه لـ"سبوتنيك"، عن حركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد محمد نور، معتبرا أن توقيع الحلو قد وضع نور في موقع لا يحسد عليه، حيث يعد هو الوحيد الآن خارج دائرة السلام، وهو ما قد يدفعه للبحث عن وسيلة للتوقيع على السلام، لأنه لم يعد له مخرج آخر، و طريقه الوحيد هو الانضمام لركب السلام.
حركة تحرير السودان
وتابع: أعتقد أن شروط نور للسلام قد ضعفت الآن بعد توقيع الحلو، لأن الحركة الشعبية والحلو لهما وضعية خاصة في عالم السياسة ولهما أيضا أتباع كُثر ومواقع متعددة في البلاد، الأمر الذي قد يعجل بانضمام حركة التحرير إلى ركب السلام.
ووفقا لموقع صحيفة "سودان تريبيون"، فإن المسودة النهائية تنص على "حياد" الدولة في الشؤون الدينية، ودمج مقاتلي الجيش الشعبي لتحرير السودان في الجيش السوداني، استجابة لاعتراض المكون العسكري على طلب الحركة الإبقاء على الجيش الشعبي بعد الفترة الانتقالية.
وتابعت الصحيفة، اتفق البرهان والحلو على توطيد سيادة السودان واستقلاله وسلامة أراضيه، كما أقر الطرفان بالتنوع العرقي والديني والثقافي لسكان البلاد، وأن عملية تكامل وتوحيد القوات ستكون تدريجية وتنتهي بنهاية الفترة الانتقالية، وبعد الفصل في العلاقة بين الدين والدولة بالدستور.
وينتظر أن تستأنف المفاوضات خلال الفترة المقبلة في جوبا للوصول لاتفاق سلام شامل.
ووقعت الحكومة السودانية اتفاق سلام في أكتوبر/تشرين أول الماضي مع عدد من الحركات المسلحة، لكنه لم يشمل حركتين رئيسيتين هما حركة الحلو، التي تسيطر على مناطق واسعة في جنوب كردفان والنيل الأزرق، وحركة تحرير السودان بقيادة عبدالواحد محمد نور، ذات النفوذ القوي في دارفور.
ويأمل مراقبون في أن يؤدي اتفاق سلام شامل إلى نهاية حقيقية لتوترات السودان.
ومنذ 21 أغسطس/ آب من العام 2019، يشهد السودان، فترة انتقالية تستمر 39 شهرا تنتهي بإجراء انتخابات، ويتقاسم السلطة خلالها كل من المجلس العسكري، وقوى "إعلان الحرية والتغيير"، قائدة الحراك الشعبي والجبهة الثورية التي تضم عددا من الحركات المسلحة بعد توقيعها اتفاق السلام مع الحكومة السودانية في جوبا.