قالت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، في مقابلة يوم الأحد، إن الاتحاد الأوروبي يخطط بالفعل للسماح للأمريكيين الذين تم تطعيمهم باللقاحات التي وافقت عليها وكالة الأدوية الخاصة في الاتحاد بالدخول خلال الصيف.
هذا يعني أن أولئك الذين حصلوا على جرعات من صانعين صينيين مثل "سينوفاك" و"سينوفارم" من المحتمل أن يتم منعهم من الدخول في المستقبل المنظور، مع عواقب وخيمة على النشاط التجاري العالمي وإحياء السياحة الدولية.
مع تكثيف جهود التطيعم في جميع أنحاء العالم، تمهد مجموعة من الموافقات عبر البلدان والمناطق الأساس لـ"تقسيم الشعوب حسب اللقاح"، حيث يمكن أن تحدد الجرعة التي يحصل عليها الشخص، البلدان التي يمكنه الدخول إليها والعمل فيها، بحسب تقرير لوكالة "بلومبيرغ".
بالنسبة للمواطنين الصينيين الذين يغامرون بالخارج بانتظام، والمواطنين الغربيين الراغبين في متابعة الفرص التجارية في ثاني أكبر اقتصاد في العالم، تظهر معضلة حول أيها يجب اختياره.
تعترف الصين حتى الآن باللقاحات الصينية الصنع فقط، ولم تتم الموافقة على لقاحاتها في الولايات المتحدة أو أوروبا الغربية.
على سبيل المثال، تسافر المواطنة من هونغ كونغ، ماري تشيونغ، إلى البر الرئيسي للصين بانتظام للعمل مع شركة للسيارات الكهربائية، وهو روتين توقف بسبب فترات الحجر الصحي الإلزامية المطولة منذ بدء الوباء.
من بين خياري اللقاح المتاحين في المدينة - أحدهما من سينوفاك والآخر الذي طورته شركة "فايزر" – وتخطط تشيونغ للحصول على لقاح "سينوفاك" لتسهيل الحركة داخل وخارج البر الرئيسي.
في هذه الأثناء، سيذهب زوجها البريطاني للحصول على لقاح "فايزر"، كما تقول لتعزيز فرصه في زيارة العائلة في المملكة المتحدة.
وتضيف تشيونغ: "بالنسبة للأشخاص الذين يحتاجون إلى العمل في البر الرئيسي أو العودة إليه، فإن اللقاح الصيني هو الخيار الوحيد لهم. لن يختار الغربيون سوى اللقاح المعترف به في وطنهم".
بالنسبة لملايين الأشخاص في جميع أنحاء العالم الذين لا يستطيعون اختيار اللقاحات التي يحصلون عليها، فهناك خطر عليهم من أن تصبح المزيد من الأماكن انتقائية بشأن اللقاحات التي يعترفون بها.
وبالنظر إلى معدلات الفعالية المتفاوتة للقاحات، يخلق ذلك إمكانية - حتى مع التلقيح الكامل - لأن يظل سفر الأشخاص محدود، مع عواقب على النشاط التجاري الدولي وصناعة السياحة.
يخطط الاتحاد الأوروبي لتطبيق نظام تصاريح اللقاح اعتبارا من يونيو/ حزيران، والتي ستسمح بالسفر لأولئك الذين تم تلقيحهم أو تعافوا مؤخرا من "كوفيد 19" وبالتالي يعتبرون محصنين.
وفقا لمسودة اللائحة، ستكون جميع اللقاحات المعتمدة من قبل منظم الأدوية بالاتحاد مقبولة للسفر، على الرغم من "تشجيع" أعضاء الاتحاد الأوروبي على قبول اللقاحات التي حصلت على موافقة منظمة الصحة العالمية للاستخدام في حالات الطوارئ والاعتراف بالشهادات الصادرة عن دول خارج الاتحاد الأوروبي.
قال نيكولاس توماس، الأستاذ المشارك في الأمن الصحي بجامعة مدينة هونغ كونغ إن "التقسيم العالمي للشعوب" القائم على تبني اللقاح لن يؤدي إلا إلى تفاقم الآثار الاقتصادية والسياسية للوباء واستمرارها، ويخاطر بانقسام العالم إلى صوامع على أساس قومية اللقاح وليس الضرورة الطبية.
أغلقت العديد من الدول حدودها وسط الوباء، وبعضها يسمح بالدخول فقط للمواطنين. بينما يُنظر إلى اللقاحات على أنها وسيلة لإزالة حواجز الدخول هذه، لا يزال هناك قدر كبير من عدم اليقين بشأن كيفية أو ما إذا كانت الدول ستفرق بين ما لا يقل عن 11 جرعة متاحة في جميع أنحاء العالم.
تناقش الحكومات من الصين إلى أوروبا جوازات سفر اللقاح - شهادات يمكن الوصول إليها بسهولة ويمكن التحقق منها تفيد بأنه قد تم تلقيح فرد ما - ولكن ليس من الواضح ما إذا كانت الدول ستسعى للحصول على اعتراف عالمي بجميع اللقاحات، أو أن تكون انتقائية بشأن ما تختار الاعتراف به، خاصة مع ظهور متغيرات الفيروسات وتساؤلات حول ما إذا كانت اللقاحات فعالة ضدها.
خففت الصين من متطلبات التأشيرة للأجانب الذين تم تطعيمهم بالجرعات الصينية في مارس/ آذار، بما في ذلك القدرة على تخطي اختبارات "كوفيد" أو ملء استمارات تصريح السفر.
لا تتوفر اللقاحات الصينية إلا في بعض البلدان، مثل البرازيل وباكستان وصربيا، ولا يمكن الحصول على "سينوفاك" أو الجرعات الصينية الأخرى في الولايات المتحدة.
لكن في إشارة إلى أن بكين ربما تكون على دراية بالتكاليف الاقتصادية لانتقاء اللقاحات، قالت السفارة الصينية في واشنطن هذا الأسبوع إن المسافرين الذين تلقوا بعض اللقاحات الغربية لا يزال بإمكانهم دخول البلاد إذا كانوا مغادرين من دالاس في تكساس.
الصين ليست المكان الوحيد الذي يقيد الوصول إلى الأشخاص الذين لديهم لقاحات معينة، حيث تستبعد آيسلندا حاليا اللقاحات الصينية والروسية من قائمة اللقاحات التي توافق على دخولها.
تعد مسألة الاعتراف باللقاحات مسألة أساسية بالنسبة للبلدان المعتمدة على السياحة، حيث أن صناعة السفر العالمية البالغة 9 تريليونات دولار مشلولة فعليا منذ بداية الوباء.
قد يؤثر نهج الصين في هذه القضية على اتخاذ القرار، حيث كان السياح الصينيون من بين أكبر مجموعات الزوار الأجانب الذين سافروا إلى المناطق الساخنة في جنوب شرق آسيا وأستراليا ونيوزيلندا وعواصم بعيدة مثل باريس قبل الوباء.