أعلن الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، الخميس الماضي، تأجيل الانتخابات العامة "لحين ضمان عقدها في القدس". وقال في خطاب نقله التلفزيون: "لا تنازل عن القدس ولا تنازل عن ممارسة الشعب حقه الديمقراطي في القدس. إسرائيل قررت قتل العرب بالقدس ولن نسمح لها بذلك".
فلسطين ومعضلة الانتخابات
ورفض عباس إجراء الانتخابات دون مشاركة القدس، وذلك بعدما رفضت إسرائيل طلبه مشاركة المدينة، حسب الاتفاقيات الموقعة بين الجانبين.
ورفضت بعض القوى تأجيل الانتخابات، وحملت حماس حركة فتح ورئاسة السلطة المسؤولية الكاملة عن قرار التأجيل وتداعياته، لافتة إلى أنه "يمثل انقلابا على مسار الشراكة والتوافقات الوطنية، ولا يجوز رهن الحالة الوطنية كلها والإجماع الشعبي والوطني لأجندة فصيل بعينه".
وقالت حركة حماس في بيان لها: "شعبنا في القدس أثبت قدرته على فرض إرادته على المحتل، وهو قادر على فرض إجراء الانتخابات كذلك كما أوضحنا في بياننا الصادر الأربعاء 28 أبريل /نيسان".
وتابعت: "لقد قاطعت حركة حماس هذا الاجتماع لأنها كانت تعلم مسبقا أن حركة فتح والسلطة ذاهبة إلى تعطيل الانتخابات لحسابات أخرى لا علاقة لها بموضوع القدس، وقد أوضحنا أمس لقيادة حركة فتح خلال اتصال رسمي أننا جاهزون للمشاركة في اجتماع اليوم إذا كان مخصصا لمناقشة سبل وآليات فرض الانتخابات في القدس رغما عن الاحتلال".
ودعت الحركة الفصائل الفلسطينية والقوى السياسية والمدنية إلى "التداعي وطنيا لوضع خارطة طريق وطنية تنهي حالة التفرد، وتحقق الوحدة الوطنية على أسس سليمة وصلبة تضمن إنجاز الإصلاح السياسي الشامل، وتوجيه كل الجهود نحو مقاومة الاحتلال والاشتباك معه على كل الأصعدة وفي كل الساحات".
اعتبرت الباحثة الفلسطينية، الدكتورة حكمت المصري، أن حالة من الإحباط الشديد تسود الشارع الفلسطيني الذي كان يرى في إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية بصيص أمل للتغيير.
وبحسب حديثها لـ "سبوتنيك"، تأتي حالة الإحباط هذه في ظل الوضع الكارثي الذي يعاني منه الشعب الفلسطيني في قطاع غزة الذي يعاني حصارا جويا وبريا وبحريا منذ انقسام عام 2007، وفي ظل التوسع الاستيطاني الذي يعاني منه الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية، بالإضافة إلى تشديد الحواجز بين المدن الفلسطينية.
أما القدس، والكلام لا يزال على لسان المصري، والتي تعتبر جوهر الصراع الفلسطيني الإسرائيلي فإنها تعاني من تهويد وتشريد الآلاف من مواطنيها من قبل الصهاينة، وقد كان آخر ما تعرضت له هذه المدينة هو تشريد أهالي حي الشيخ جراح يوم أمس.
وترى المصري أن كل هذه التحديات كان الشعب الفلسطيني ينظر للانتخابات على أنها المخرج منها من خلال تشكيل حكومة جديدة قادرة على مطالبة إسرائيل بالالتزام بالاتفاقيات والقوانين الدولية والضغط على المجتمع الدولي للضغط عليها من أجل تطبيق هذه الاتفاقيات ووقف الاستيطان والتهويد في القدس وفك الحصار عن غزة.
وأكملت: "وتأتي أهمية هذه الخطوة خصوصا بعد جولات الحوار التي قامت بها الفصائل الفلسطينية في كل من إسطنبول وبيروت والقاهرة والتي كان نتاجها الاتفاق على إجراء الانتخابات وإصدار المرسوم الرئاسي لذلك من قبل الرئيس محمود عباس".
إجراءات مطلوبة
من جانبه اعتبر الدكتور أسامة شعث، أستاذ العلوم السياسية والمستشار الفلسطيني في العلاقات الدولية، أن تأجيل الانتخابات الفلسطينية إلى حين موافقة الاحتلال على إجرائها في القدس، يضع المجتمع الدولي والأمم المتحدة وأمريكا الراعية والشاهدة على عملية السلام، والاتحاد الأوروبي والرباعية الدولية أمام مسؤولياتهم للضغط على الاحتلال لإجباره على إجراء الانتخابات في القدس.
وأكد شعث أن كل الفصائل والقوى الفلسطينية أجمعت على ضرورة إجراء الانتخابات في القدس، لكن الاختلاف بينهم مرتبطًا فقط في الآلية فحماس تريدها بالقوة ووضع الصناديق في المسجد الأقصى، والكنيسة، وبعضهم اقترح أن تكون الصناديق في القنصليات والأمم المتحدة وهذا كله غير منطقي.
ويرى أن وضع الصناديق في القنصليات يعني أن المقترعين أجانب مقيمون في المدينة، وأما وضع الصناديق في دور العبادة فهذا مخالف للقانون، وتساءل: "بعد حل أزمة الصناديق، أين ستجرى الدعاية الانتخابية بحرية كاملة في المدينة، بينما يقوم الاحتلال باعتقال المرشحين ومنع أنصارهم من الدعاية ومنع المراقبين الدوليين.
ويذهب شعث إلى ضرورة أن دفع تأجيل الانتخابات الكل الفلسطيني للتكاتف حول القيادة للتحرك الدولي، بهدف ممارسة الضغط على الاحتلال وإلزامه بتنفيذ الاتفاقيات والتي تقضي بالسماح بإجراء الانتخابات في القدس.
وأشار إلى أن الانتخابات جزء من عملية المصالحة، والاتفاقات الموقعة نصت على بند عقد الانتخابات بعد تشكيل حكومة وطنية، داعيًا القيادة والفصائل لسرعة تشكيل حكومة وطنية تبدأ بتوحيد وترتيب البيت الفلسطيني الداخلي، ثم الالتفات إلى إعادة تشكيل المجلس الوطني، وبعدها عقد المجلس التشريعي بعد الحصول على ضمانات بإجراء الانتخابات في القدس.
ووفق مرسوم رئاسي، كان من المقرر أن تجرى الانتخابات الفلسطينية على 3 مراحل خلال العام الجاري؛ تشريعية في 22 مايو/ أيار، ورئاسية في 31 يوليو/ تموز، وانتخابات المجلس الوطني في 31 أغسطس/ آب.