وبحسب مصادر، فإن الحوار المنعقد في القاهرة بين وفدي الخارجية برئاسة نائبي الوزراء في البلدين، يشمل العديد من الملفات الإقليمية والعربية إلى جانب الملفات الثنائية.
الجولة التي عقدت في القاهرة على مدار 5 و 6 مايو/ أيار الجاري، ستتبعها جولات أخرى لم تحدد بعد إن كانت ستكون على نفس المستوى أم على مستوى الوزراء، إلا أن هناك اتجاه لعقد جولات أخرى من الحوار.
ومن المرتقب أن تتوصل المشاورات إلى نقاط أساسية وخطوط عريضة يجري بحث تفاصيلها وآلية تنفيذها في الجولات المقبلة.
قال خبراء أتراك في حديثهم لوكالة "سبوتنيك"، إن "الحوار في القاهرة يعد المحطة الأولى للانفتاح على الدول الأخرى وفي مقدمتها السعودية والإمارات".
وبحسب الخبراء فإن "هناك اتصالات جرت بين تركيا ودول الخليج التي اشترطت التفاهم مع القاهرة أولا باعتبار أن الأزمة الأكبر كانت بين مصر وتركيا على المستوى الثنائي، في حين أن التوترات بين أنقرة ودول الخليج كانت أقل مما هو عليه مع القاهرة".
ما أهداف تركيا؟
قال المحلل السياسي التركي، جراد غوك: "إن هدف تركيا هو تطبيع العلاقات مع مصر والسعودية والإمارات".
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن "بعض الاتصالات جرت بين الرئيس التركي والسعودية، وأن مصر هي بوابة العلاقات العربية مع تركيا، خاصة أن شروط دول الخليج تتمثل في تطبيع العلاقات أولا مع مصر، خاصة أن الأزمة بين أنقرة والرياض أخف مما هي عليه بين مصر وتركيا".
وأشار الخبير غوك إلى أن "الخطوات التركية - المصرية تتبعها عملية تطبيع العلاقات بين أنقرة والخليج، وأن دول الخليج تنتظر إشارات إيجابية من حوار القاهرة".
الانعكاسات في الداخل التركي بدأت تلوح في الأفق، حيث رحبت بالحوار مع القاهرة رغم العتاب على التأخير.
ويرى غوك أن "ليبيا ستكون ساحة الهدنة، وأن انسحاب القوات التركية سيتبع التفاهم مع مصر، وكذلك ترحيل قيادات جماعة الإخوان إلى بلد ثالث".
ما تأثير التفاهم بين القاهرة وأنقرة ؟
فيما قال الدكتور أحمد أويصال مدير دراسات الشرق بتركيا، إنه "حال نجاح الحوار في القاهرة يدفع نحو التعاون بين دول المنطقة بشكل كامل".
وأضاف أويصال في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن "التفاهم بين مصر وتركيا والخليج سيؤثر بكل إيجابي نحو حل الأزمات المتعددة في المنطقة، بما فيها الأزمة الليبية واليمنية والسورية".
مصالح تركيا
يرى أويصال أن "مصالح تركيا في الوقت الراهن في التعاون والاستقرار في المنطقة وليس العكس، خاصة أن التعاون بين مصر وتركيا يمكن أن يشمل الكثير من الملفات".
هذا وأعلنت الرئاسة التركية، يوم الثلاثاء الماضي، إجراء مباحثات بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والعاهل السعودي الملك سلمان.
وبحسب بيان الرئاسة الذي نشرته وكالة "الأناضول" التركية، بحث الرئيس التركي أردوغان، مع نظيره السعودي الملك سلمان، "العلاقات الثنائية بين البلدين".
وقال المحلل السياسي السعودي فيصل الصانع: "إن تركيا خلال الأشهر القليلة الماضية بدأت في تغيير سياستها التي اتضحت بشكل جلي في تصريحات الرئيس التركي بالتودد لأكثر من دولة".
انعكاسات هامة
ويرى الصانع "أنه حال التوصل إلى اتفاق وتقارب بين القاهرة وأنقرة وحل الملفات الخلافية والعالقة، ينعكس ذلك بالتأكيد على دول المنطقة وخاصة الخليج، وبشكل أساسي مع السعودية والإمارات".
وأشار المحلل السعودي إلى أن "أردوغان تواصل مع نظيره الملك سلمان، وهو ما يوضح الرغبة التركية في ترميم العلاقات المتوترة مع الدول الكبرى بالمنطقة، وأن سياستها السابقة لم تجدي نفعا".
محطة جديدة
واتفق الطرفان على إبقاء قنوات الحوار مفتوحة لتطوير العلاقات الثنائية بين الرياض وأنقرة وإزالة المشاكل.
ويرى الصانع أن "التفاهم والتقارب المصري التركي سينعكس بالإيجاب على الدول العربية المتضررة من تدخلات تركيا".
وساءت العلاقات بين مصر وتركيا منذ عام 2013 بعد عزل الرئيس المصري الراحل محمد مرسي، القيادي في جماعة "الإخوان المسلمين"؛ حيث وصفت أنقرة عزله بـ "الانقلاب".
وتدهورت العلاقات أكثر، خلال العامين الأخيرين، بسبب نشاط تركيا للتنقيب عن مصادر الطاقة في منطقة شرقي المتوسط، وتدخلها العسكري في ليبيا، وهي الأمور التي ترفضها مصر بشكل قاطع.
توترات خليجية مع أنقرة
فيما شهدت العلاقات التركية الخليجية توترات بسبب الملف الليبي وما بعد مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، حيث انعكس الخلاف بشكل أكبر على المستوى الاقتصادي وشهدت الدول الخليجية حملات مقاطعة غير رسمية على مستوى كبير للمنتجات التركية.
وفي أكتوبر / تشرين الأول 2020، جدّد رئيس مجلس الغرف التجارية في المملكة العربية السعودية، عجلان العجلان، التأكيد على أن الحملة الشعبية لمقاطعة المنتجات التركية في المملكة مستمرة.
وفي الشهر ذاته، قال الأمير السعودي عبد الرحمن بن مساعد بن عبد العزيز آل سعود، إن "دعوته لمقاطعة المنتجات التركية، هي "جزء من رد شعبي على سياسة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تجاه الرياض، ولا تستهدف الشعب التركي".
وفي تصريحات سابقة، أكد خبراء أتراك أن أنقرة مستعدة لترحيل قيادات جماعة الإخوان المسلمين إلى دولة ثالثة، كما أنها مستعدة للحوار مع القاهرة ودول المنطقة بأن القضايا والملفات الشائكة التي تسببت في توتر العلاقات.