وقتل، أمس الأحد، 36 شخصا فيما أصيب 32 آخرون، في اشتباكات قبلية شهدتها ولاية جنوب دارفور السودانية.
وأعلنت لجنة أمن ولاية جنوب دارفور في السودان أن القوات العسكرية المشتركة تدخلت للفصل في الصراع القبلي بين قبيلتي الفلاتة والتعايشة، الذي تسبب في مقتل نحو 36 شخصا وجرح 32 من الطرفين.
وقال موسى مهدي، والي ولاية جنوب دارفور إن "القوات المشتركة التي دفعت بها الولاية إلى مناطق الصراع حول محلية أم دافوق استطاعت أن تفصل بين القبائل المتحاربة، في مناطق مندوة، مرمسة ومجنقري".
وذكرت حكومة ولاية جنوب دارفور في بيان لها أن "لجنة أمن الولاية بعد اجتماعها قررت الدفع بتعزيزات عسكرية إضافية للمنطقة لملاحقة الجناة ومنع تكرار الحادث، إضافة إلى تشكيل لجان تحقيق قانونية لفتح البلاغات وتوجيه التهم".
وأكدت "استقرار الأوضاع الأمنية بالمنطقة"، داعية المواطنين "للابتعاد عن الشائعات والمحافظة على النسيج الاجتماعي"، بحسب وكالة الأنباء السودانية "سونا".
في البداية، يقول رئيس الحركة الشعبية بالسودان الدكتور محمد مصطفي، أعتقد أن الأزمة في دارفور مازالت متجذرة مجسدة أزمة السودان لأسباب معروفة ولم تكن عصية على الحل إذا وجدت الجدية والإرادة الوطنية والإنسانية والأخلاقية.
وأشار في حديثه لـ"سبوتنيك"، إلى أن أسباب الأزمة في دارفور، تتمثل في أن هنالك قبائل لديها أراضي واسعة "حواكير" وزاخرة بموارد ضخمة وهنالك قبائل وافدة ووجدت استضافة في حواكير تلك القبائل صاحبة الأرض وعندما حدث انقلاب الإنقاذ المشؤوم سنة 1989 ولأن الجبهة الإسلامية وحكومتها كانتا تبحثان عن شعبية وموطئ قدم في أي مكان منحته للقبائل الوافدة في أراضي حواكير القبائل المستضيفة، لتنفجر الازمة القبلية وتفجرت ثورة التحرير لتقاوم ظلم نظام البشير العنصري.
وتابع، بالمقابل أقدمت حكومة الإنقاذ "الفاسدة" على تسليح "الجنجويد، لتقتل وتغتصب وتنهب وتسلب، وتحرق وتطرد القبائل صاحبة الحواكير"الأراضي ومناطق السيطرة" من حواكيرها لتسكن معسكرات النازحين واللاجئين، والآن قد امتلأت دارفور بكل ـنواع الأسلحة".
مقترح حل الأزمة
ونوه مصطفى إلى أنه، "عندما سقط رأس النظام في السودان وجاءت الحكومة الانتقالية بشقيها السيادي والتنفيذي، استبشر أهل دارفور خيرا، لكن حدث العكس لأن تقاطع المصالح داخل الحكومة جعلتها عاجزة عن اتخاذ الخطوات العملية الجادة لوقف العنف في دارفور".
وأضاف مصطفى: "ونحن في الحركة الشعبية لتحرير السودان قد اقترحنا أن يتم سحب كل القوات ذات الطابع الإثني من دارفور، وتشكيل قوات متنوعة من الأقاليم التائية، ونشرها في كل مناطق دارفور لتبسط الأمن وتفرض هيبة الدولة، ثم يتم تشكيل محكمة خاصة تشارك فيها المحكمة الجنائية الدولية، ليتقدم أي مظلوم بشكواه آمنا مطمئنا، ويباشر كل مراحل التقاضي، وينال حقوقه العادلة، لكن كما قلت إن هناك من يخسر الكثير من الامتيازات التي احتلها في فترة الحرب، لذلك يقف عائقا أمام تنفيذ هذا الاقتراح العملي، الذي يسكت صوت البندقية في دارفور، ويمنح المجال لتحقيق العدل والمساواة".
ولفت رئيس الحركة الشعبية، إلى أنه "من الأمور المستفزة والمهينة، أن يرى ضحايا العنف في دارفور المتهم الأكبر في قضيتهم، يحاكم في قضايا هامشية ولم يتم تسليمه حتى الآن ليحاكم على جرائمه الكبرى أمام الجنائية الدولية".
الفقر والجهل
من جانبه أكد المحلل السياسي والمراقب الميداني في دارفور، عبد المنعم العسيل، أن "الفقر والجهل والبطالة هما أهم أسباب الصراعات في الإقليم، ولكي يتم التقليل من تلك الصراعات، يجب أن تكون هناك خطط متوازية للحل، تجمع بين الحلول الاقتصادية والاجتماعية".
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، كما أن "الحروب التي شهدتها الولاية وإقليم دارفور على العموم تركت رواسب للصراع تتجدد مع الوقت، ورغم ما يعرف عن دارفور من التدين، غلا أن الأجيال الجديدة التي نشأت في عهد الحروب وحكومة الإنقاذ، حملت الكثير من العادات والأفعال الغريبة على أهل الإقليم، كما أن الحركات المسلحة وبعض الأيادي السياسية الخفية تريد العبث بأمن واستقرار الإقليم، هذا بجانب التدخلات الخارجية".
الحركات المسلحة
وحول دور الحركات المسلحة في الإقليم قال العسيل،" الحركات المسلحة كانت تعيش خارج الإقليم ولا يستطيعون فعل شيء في هذا الوقت، علاوة على أن تأخر تنفيذ الترتيبات الأمنية يعد أحد الاسباب التي يمكنها المساعدة في تخفيف حدة الضغط على شرطة الولايات، فعندما تنفذ الترتيبات الأمنية على الأرض، سيكون هناك نوع من الردع لمن يرتكبون تلك الأفعال".
كانت قوة مشتركة لحفظ السلام من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي قد توقفت عن القيام بدوريات في الأول من يناير/كانون الثاني قبل انسحابها، وتعهدت القوات الوطنية السودانية بتأمين دارفور مكانها.
وخفت حدة الصراع الذي دارت رحاه في دارفور منذ عام 2003، لكن ما زال هناك 1.5 مليون شخص نازحين، وأصبح اندلاع أعمال العنف أكثر شيوعا منذ العام الماضي.