التقت وزيرة الطاقة الإسرائيلية، كارين الحرار، أول أمس الأربعاء، الوسيط الأمريكي جون ديروشيه، لمناقشة الحدود البحرية المتنازع عليها بين إسرائيل ولبنان.
وقال مراقبون إن لبنان موقفه ضعيف على طاولة المفاوضات في ظل الأزمات التي يعاني منها، مؤكدين أن مطالب لبنان تأتي بنية الاستفادة من الثروات النفطية والغازية لإنهاء الأزمة الداخلية.
ترسيم الحدود
ووفقا لموقع "تايمز أوف إسرائيل"، قالت الحرار لديروشيه: "على الرغم من القضية القانونية القوية لإسرائيل، نحن مستعدون للنظر في حلول إبداعية لإنهاء هذا الملف، وهو الموقف الرسمي الأول فيه هذا الخصوص".
وأضافت الوزيرة أن "المفاوضات الجارية مع لبنان لها أهمية قصوى على الرغم من الانتقال الحكومي الأخير"، مشيرة إلى أن الهدف من المفاوضات هو إيجاد حل للنزاع الحدودي البحري سيمكن من تنمية الموارد الطبيعية لصالح سكان المنطقة".
وفي وقت سابق، قد التقى ديروشيه بالرئيس اللبناني ميشال عون، الذي أكد حرصه على متابعة المفاوضات، مشددا على "الضغط من أجل محادثات عادلة دون شروط مسبقة".
وأعرب لبنان عن رغبته في مواصلة المفاوضات غير المباشرة حول ترسيم الحدود البحرية الجنوبية مع إسرائيل، وذلك بعد توقفها قبل أسابيع.
وأوضح أن الهدف من هذا هو "الوصول إلى تفاهم حول ترسيم الحدود البحرية، على نحو يحفظ حقوق الأطراف المعنيين بالاستناد إلى القوانين الدولية".
الحكومة الجديدة وسلاح المقاومة
اعتبر المحلل السياسي اللبناني ميخائيل عوض، أن الحكومة الإسرائيلية الجديدة تختلف عن سابقتها التي ترأسها نتنياهو، ومن المنطقي أن تحاول الحكومة الجديدة العمل على خطوط مختلفة في هذا الإطار، بما لديها من معلومات عن لبنان الذي يعيش حالة من الارتباك والضعف بسبب أزماته الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، تفترض الحكومة الإسرائيلية الجديدة أنها قادرة على الاستثمار في الأزمة اللبنانية القائمة، وتحقيق مكاسب ربما تساعدها في تثبيت أركانها، في ظل الأزمات التي تعيشها بسبب تصارع واختلاف التيارات داخلها بشكل جذري، والتي كانت تركز فقط على إقالة نتنياهو وزجه بالسجن، نظرًا لأن إسرائيل ومن خلفه أمريكا وأوروبا باتوا غير قادرين على تحمل نتنياهو وتهوره الذي يورطهم في إشكاليات كبيرة.
ويرى عوض أن لبنان في موضوع الترسيم، وبغض النظر عن أزماته الداخلية لديه عناصر قوة تتمثل في سلاح المقاومة، التي باتت قادرة على انتزاع الحقوق اللبنانية، بعيدًا عن أزمات الدولة وصراعاتها، ويسعى اللبنانيون لجلسة تفاوض حول ترسيم الحدود البحرية لاكتشاف مدى قدرة وقوة الحكومة الإسرائيلية الجديدة في هذا الملف.
ويعتقد المحلل السياسي اللبناني أن قضية ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل باتت معلقة على نتائج الانتفاضة الفلسطينية وتأثيراتها على الكيان الإسرائيلي، والذي يحتاج إلى إعادة هيكلة، وكذلك إعادة هيكلة للصراع العربي الإسرائيلي، في ظل ما بلغه حلف المقاومة من قوة وقدرة وسيطرة، تمكنه من إقرار ما الذي سيكون.
وأكد أن كل ذلك بات معلقا لحين الوصول إلى نتائج عبر مشروع تفاوضي تسعى أمريكا إلى طرحه على مصر، للعودة لما يسمى إلى مفاوضات الحل الشامل، لتطبيق قرارات الشرعية الدولية من أجل العودة إلى حدود الرابع من يونيو/حزيران.
وأشار إلى أن الطرفين من مصلحتهما الإعلان عن جلسة تفاوضية جديدة من أجل إشغال الوقت والإعلام.
موقف لبناني ضعيف
بدوره، أكد الناشط المدني اللبناني أسامة وهبي، أن لبنان يمر بمرحلة صعبة جدًا لم يشهدها في تاريخه في ظل وجود الطبقة السياسية الفاشلة المتمسكة بالحكم والمسؤولة عن حل الأزمات المتراكمة، وليس هناك أي حلول على المدى القريب أو المتوسط.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، هناك من يعتقد أن ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل يسمح للدولة اللبنانية أن تستخرج النفط والغاز من المياه اللبنانية الإقليمية والاستفادة من الكم الهائل من الأموال المتدفقة من هذه الثروات من أجل الخروج من المأزق الحالي.
ويرى وهبي أن إسرائيل أخذت لبنان إلى طاولة المفاوضات بالتعاون مع أمريكا في لحظة سياسية هي بالكامل في مصلحة إسرائيل، لأن لبنان يمر بأزمات جعلته خطوطه الأمنية والسياسية والاقتصادية مكشوفة للجميع.
وأكد أن إسرائيل ليست مستعجلة على الإطلاق في ترسيم الحدود، وتستفيد من ثرواتها في الأراضي المحتلة عبر استخراج النفط والغاز، بعكس لبنان الذي لم يبدأ في استخراج الغاز من أي حقل من حقوله النفطية.
وأشار إلى أن لبنان مستعجل لترسيم الحدود بنية الاستفادة من هذه الثروات في حل مشاكله الداخلية، بينما إسرائيل متمسكة برفض الشروط اللبنانية، مؤكدًا أن الحكومة الجديدة لن تختلف في سياساتها فيما يخص لبنان أو ترسيم الحدود عن الحكومة السابقة، لأن هذه الأمور استراتيجية لا تتغير بتغير القادة.
وأكد أن هناك خلافات لبنانية فيما يخص حقوق لبنان بخط 29، فهناك من يؤكد أنه ثابت ولا يمكن التراجع عنه، وهناك من يرى أنه وضع فقط من أجل التفاوض ولا يمكن التمسك به لنهاية المفاوضات، وهو الأمر الذي من شأنه أن يضعف موقف لبنان على طاولة المفاوضات.
وأعلنت واشنطن، الشهر الماضي، أن فريقها برئاسة جون ديروشيه، الذي اضطلع بدور الميسر في الجولات السابقة، سيتولى الوساطة بين وفدي لبنان وإسرائيل.
يذكر أن لبنان كان قد وقّع عام 2018، أول عقد للتنقيب عن الغاز والنفط في رقعتين من مياهه الإقليمية في الجزء المتنازع عليه مع إسرائيل.