لماذا قررت الحكومة إلغاء الدولار الجمركي؟
ويمضي السودان قدما في خطة إصلاح يراقبها صندوق النقد الدولي بينما يسعى للحصول على تخفيف أعباء الديون واجتذاب تمويل جديد.
وفي مارس الماضي، قالت هيئة الجمارك السودانية إنها عدلت قليلا سعر الصرف الذي تستخدمه لحساب الرسوم والضرائب على الواردات، وقد تلغي الدولار الجمركي تماما مع استقرار الجنيه السوداني بعد خفض حاد لقيمته.
بداية يقول الخبير الاقتصادي السوداني، الدكتور محمد الناير، من الواضح أن البيان الذي صدر من وزارة المالية قبل يومين بشأن إلغاء الدولار الجمركي هو بيان غامض وغير واضح، ويشير إلى أن الفترة الانتقالية لم تكن شفافة وواضحة مع الشعب السوداني.
قرار غامض
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، البيان الصادر والذي تناولته وسائل الإعلام عن وزارة المالية يقول إنها قررت إلغاء ما يسمى بالدولار الجمركي الذي يتم التعامل به في تقييم السلع القادمة من الخارج ودفع الجمارك بموجبها، وأكد بيان المالية أنه سوف يتم إلغاء الرسوم الإضافية والأرباع العامة التي يتم تحصيلها مقدما، ثم أكد البيان أن هذا الإجراء لا يمس حياة المواطن، ثم اعترف الجميع أن القرار غامض وأن المالية والجمارك سوف يقومون بشرحه.
زيادة غير معلومة
وأشار الناير، إلى أنه من الواضح أن الدولة أقدمت على زيادة سعر الدولار الجمركي أو توحيد سعر الصرف كما تقول، حتى يكون سعر الصرف في السوق الموازي متقارب مع السعر الموجود في المصارف السودانية، فلو كانت الدولة قد اتخذت تلك الخطوة بشفافية ووضوح، وفي المقابل خفضت الجمارك إلى أدنى مستوياتها، حتى يفهم الشخص الذي قام بتخليص جمركي لسلعة منذ أسبوع، عندما يأتي الآن لتخليص نفس نوع السلعة يجد نفس المبلغ، في هذه الحالة لن يكون هناك تأثير على المواطن، وهذا الأمر كان يحتاج توضيح من الحكومة حتى لا يحدث أثر سالب على المواطن، لكن بتلك الطريقة التي تم الإعلان بها، وما بها من غموض، أعتقد أنه ستكون هناك زيادة كبيرة على القطاع الخاص، والمعروف أن القطاع الخاص في السودان لا يشبه الدول المتقدمة، بحيث نقول أن هذا القطاع سوف يحمل الدولة الأثر الفعلي لقرارها.
ارتفاع الأسعار
ولفت الناير، إلى أنه وفقا لهذا القرار سوف تزداد أسعار السلع والخدمات، والتي قالت الدولة أنها معفاة، ولا يستطيع أحد أن يتكهن أحد الآن كم تبلغ فئة الحصيلة الجمركية.
الاحتياطي الأجنبي
أما الدكتور ربيع عبد العاطي المحلل السياسي السوداني فيرى، "أن عملية تعويم الجنيه أو تحرير سعر الصرف قد يكون صحيحا في الأحوال التالية: إذا كان هناك ودائع أو منح قد أتت من الدول الصديقة والمؤسسات الدولية لتحدث نوع من التوازن في ميزان المدفوعات، أو إذا صاحبت تلك المنح والودائع الضخمة إجراءات تقشف حكومي، من عدم الاستدانة من النظام المصرفي وتقليل الصرف وعدم رفع المرتبات وتحفيز الانتاج وتقليص استيراد الكماليات من الخارج".
وأضاف عبد العاطي لـ"سبوتنيك": "ما نراه أنه لا توجد عملة حرة، أي أن البنك المركزي لا يمتلك احتياطي من العملات الأجنبية الكافية لمقابلة مثل تلك الإجراءات، وليست هناك خطة تقشفية حكومية واضحة للحد من الصرف البذخي، كما أن تنفيذ اتفاق السلام وإدماج الحركات المسلحة كل هذا يحتاج إلى أموال".
أعلن بنك السودان المركزي أنه أصدر تعليمات للبنوك، لتوحيد سعر الصرف الرسمي والموازي للعملة المحلية، اعتبارا من يوم الأحد 21 فبراير/شباط الماضي.
وتجدر الإشارة إلى أن خطوة توحيد سعر الصرف كانت متوقعة أواخر العام الماضي، في إطار برنامج صندوق النقد، لكنها تأجلت بسبب عدم الاستقرار السياسي في السودان
وكانت البنوك السودانية قد بدأت استعدادها للعودة إلى السوق المصرفي العالمي بعد انقطاع دام أكثر من عقدين بعد قرار الإدارة الأمريكية رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب (المحظور في روسيا)
في 23 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، توصلت الخرطوم وواشنطن لاتفاق يقضي بإزالة السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب (المحظور في روسيا) مقابل دفع 335 مليون دولار كتعويضات لأسر ضحايا الهجوم على المدمرة "يو إس إس كول" في سواحل اليمن عام 2000، وأُسر ضحايا تفجير السفارتين الأمريكيتين في نيروبي ودار السلام في 1998.
وأعلن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، لاحقا، إزالة السودان من قائمة الدول الراعية "للإرهاب" (المحظور في روسيا)، التي وضعته عليها واشنطن في أغسطس/ آب 1993 بعد اتهامه بدعم وإيواء مجموعات إرهابية.