جاءت الخطوة الأخيرة بإعلان بدء استخدام "فيزا وماستر كارد" خلال اليومين الماضيين لتطرح العديد من التساؤلات حول تأثير تلك الخطوات على الاقتصاد المتدهور والحالة المعيشية بالغة السوء التي يعيشها المواطن.
يقول الخبير الاقتصادي السوداني الدكتور محمد الناير: "إن بدء إنتاج والتعامل عن طريق فيزا وماستر كارد في السودان هو خطوة كبيرة جدا، حيث ظل السودان طيلة العقدين الماضيين لا يستطيع التعامل بهما، ولا يستخدم تلك الخدمات المصرفية العالمية، بسبب الحظر الاقتصادي الأمريكي ووجود اسم السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب".
خطوة كبيرة
وأضاف لـ"سبوتنيك": "معلوم أن الحظر الاقتصادي الأمريكي رفع عن السودان في يناير/كانون الثاني من العام 2017 بقرار من الرئيس أوباما، ورفع كليا بقرار من الرئيس السابق ترامب في أكتوبر/تشرين الأول من نفس العام، لكن بعدها فوجىء السودان أيضا أنه لا يستطيع أن يتعامل مع المصارف العالمية بسبب وجود اسم السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب والذي تم رفع اسم السودان منها نهاية العام الماضي 2020 ".
وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن،" تلك الخطوة تعد بداية انفتاح السودان على المصارف العالمية وبداية تقديم خدمات تسهل تحرك المستثمرين ورجال الأعمال بصورة كبيرة، ففي السابق كان كل السودانيين الذين يريدون السفر للخارج يذهبو لشراء النقد الأجنبي ويحملون أموال بكميات قد تؤثر سلبا أو تؤدي إلى شكوك نتيجة حمل تلك الكميات من الأموال للخارج".
وأضاف قائلا: "أما الآن فما عليك سوى استلام البطاقة واستخدامها بعدة طرق مصرفية منها الدفع المقدم أو شراء أي سلعة أو خدمة في أي مكان في العالم أو نظام الرصيد وأيضا نظام "كريدت كارد" وهو النظام الذي لم يكن مطبق في السودان، لأنها كانت تطبق النظام المصرفي الإسلامي".
مرحلة الترقب
وأوضح الناير، أن"الحكومة الجديدة في السودان في 2021 اتخذت قرار بالإبقاء على النظام المصرفي الإسلامي إلى جانب النظام المطبق عالميا"النظام المصرفي التقليدي الربوي".
ونوه إلى أن هذه الخطوة يجب أن تحرص الدولة على استمرارها، لأن هناك مخاطر يمكن أن تهددها، فقد تحدثنا أن هناك مناخ إيجابي الآن وتحرير لسعر الصرف ولم يحدث اهتزاز لسعر الصرف لأن البلاد لا تزال في مرحلة ترقب حتى الآن، حيث يختبر تجار العملة والسوق الموازي، وإذا كان لدى الدولة إمكانيات أو احتياطي من النقد الأجنبي فيمكن أن ينتهي السوق الموازي، وإن لم تكن هناك قدرات لدى الدولة من النقد الأجنبي فيمكن أن يعود السوق الموازي بقوة".
السوق الموازي
واستطرد: "لذلك نحن نقول، أن الدولة في الفترة السابقة قامت بتحرير سعر الصرف وكانت المسافة بعيدة جدا بين السعر الرسمي 55 جنيه للدولار والسعر في السوق الموازي والذي كان يزيد عن 250 جنيه للدولار، وإن لم تحافظ الدولة على التقارب الكبير الحاصل بعد تحرير سعر الصرف، فإن هذا الأمر سيكون مهدد للفيزا والماستر كارد، لأن البنوك قد تلجأ إلى تحديد النقد الأجنبي وسيلة للدفع لديها نتيجة تفاوت سعر الصرف بين الرسمي والسوق الموازي".
وتابع: "لكن في ظل تساوي السعرين يمكن للمواطن أن يدفع بالعملة المحلية، كذلك كان يجب على الدولة هيكلة النظام المصرفي نظرا لأن رؤوس أموال البنوك السودانية ضعيفة، وكنا نأمل أن يكون رأس المال المدفوع لأي بنك لا يقل عن 20 إلى 25 مليون دولار حتى يستطيع التعامل مع المصارف العالمية، وهذا يجب أن يتم في أسرع وقت ممكن".
تدابير اقتصادية
وقال المحلل السياسي السوداني بكري المدني: "من المعلوم بالضرورة أن حكومة الثورة في نسختها الثانية قد اتخذت جملة من التدابير الاقتصادية من بينها تحرير سعر الصرف".
وأضاف لـ"سبوتنيك"،" هذه التدابير بالإضافة إلى تدابير سياسية أخرى خففت من العزلة الدولية التي كان يعيشها السودان منذ أكثر من عقدين، كل تلك الإجراءات وغيرها من المنتظر أن تؤدي إلى تحريك الاقتصاد الذي يعاني من ضائقة هى الأصعب في تاريخه".
وتابع المدني: "لذلك أتوقع أن يكون هناك تأثير إيجابي للفيزا المصرفية التي أعلن عنها على اقتصاد الدولة على المدى الطويل، ولا ينتظر منه نتيجة فورية يمكن أن تساهم في تيسير معاش المواطن السوداني المتدهور بشدة في هذه المرحلة، ولذا يرى كثير من المواطنين السودانيين ضرورة اتخاذ الحكومة خطوات وسياسات عاجلة لمعالجة الوضع المعيشي المتدهور".
وتسلم رئيس مجلس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك يوم الأحد الماضي، أول بطاقة فيزا مصرفية صادرة بالبلاد عن بنك "المال المتحد".
وسلم الرئيس التنفيذي للبنك يوسف أحمد التني البطاقة لحمدوك بمكتبه برئاسة مجلس الوزراء.
وأكد يوسف أحمد التني (وفق وكالة سونا) أن تسليم أول بطاقة فيزا مصرفية لحمدوك يأتي عقب القرارات السياسية والاقتصادية الأخيرة وأهمها توحيد سعر الصرف.
وأوضح أن هذا الأمر أتاح الفرصة لتقديم منتج عالمي يسهل إعادة انضمام السودان إلى النطاق العالمي المالي مرة أخرى.
وأجريت يوم 4 مارس/ آذار الجاري أول عملية تحويل مصرفي بين السودان والولايات المتحدة بالطرق الرسمية لأول مرة منذ أكثر من 20 عاما، بحسب ما أعلن السفير السوداني في واشنطن، نور الدين ساتي.
وقال السفير لإذاعة "Voice of America" إنه تسلم تحويل بنكي الأسبوع الماضي من بنك قطر الوطني بالخرطوم على حسابه الشخصي في ويلز فارغو بالولايات المتحدة، متوقعا أن يتم إجراء تحويل آخر، لكن من الولايات المتحدة إلى السودان.
واعتبر أن هذا التغيير "سيسهل عمل التحويلات من خلال المعاملات المصرفية المباشرة بين السودان والولايات المتحدة بما يعود بالنفع على الاقتصاد السوداني والشعب".
وكانت وزارة الخزانة الأمريكية قد حثت المصارف على إجراء معاملات مباشرة مع السودان.