لطالما مثّلت النفايات القادمة من الموانئ والبحيرات مصدر قلق للمواطنين في تونس وللنشطاء في مجال البيئة وحتى للبحارة، نظرا لتأثيرها المباشر على الأسماك وتهديدها لصحة الإنسان.
وينتقد المهتمون بالشأن البيئي ضعف تدخل السلطات التونسية ووزارة البيئة في حماية الموانئ وتخليصها من الملوثات التي باتت تسيطر على معظم الموانئ وخاصة في الخليج التونسي، مستنكرين غياب التطبيق الصارم للتشريعات البيئية.
وفي خضم هذه الأزمة، برزت مبادرة طريفة للحد من أزمة النفايات البحرية العائمة في الموانئ التونسية، حيث أطلق مؤخرا المعهد الوطني لعلوم وتكنولوجيا البحار روبوت "jellyfishbot" الذي باشر مهمة جمع الفضلات العائمة في ميناء مدينة سيدي بوسعيد السياحي.
روبوت جامع للفضلات
وقال حمدي بن بوبكر أحد منسقي المشروع لـ "سبوتنيك"، إن الهدف من هذا المشروع هو الحصول على بيئة بحرية نظيفة خالية من الملوثات.
وأوضح أن الروبوت الذي أطلقه المعهد يأتي في إطار مشروع التعاون عبر الحدود "common" الذي تشارك فيه ثلاث دول وهي تونس ولبنان وإيطاليا في إطار التبادل التكنولوجي.
وأضاف أن "الروبوت عبارة عن سيارة عائمة مزودة بكيس متوسطة الحجم يمكن تغييرها كلما امتلأت بالنفايات البحرية، كما يمكن التحكم به عن بعد حسب الغرض".
وبحسب أصحاب المبادرة فإن الروبوت يجمع الفضلات العائمة في جميع المناطق البحرية المغلقة مثل الموانئ والبحيرات وحتى المنتجعات السياحية.
وبيّن بن بوبكر أن صغر حجم الروبوت مكّنه من الولوج إلى الأماكن الضيقة وجمع الفضلات العالقة بين مراكب الصيد واليخوت وفي زوايا الموانئ.
ولفت إلى أن الروبوت مجهز بأكياس مختلفة الحجم والنوع، حتى يكون مهيئا لالتقاط جميع الفضلات بما فيها النفايات البلاستيكية الدقيقة.
مهمة علمية وتوعوية
ولا تتوقف مهمة الروبوت الصغير عند جمع الفضلات البحرية العائمة، حيث يتم توجيه هذه النفايات إلى مختبر المعهد حيث يتم فرزها وتصنيفها حسب النوع، ثم تحليلها باستخدام معدات دقيقة لمعرفة تركيبتها.
وإلى جانب هذا الدور العلمي، يقول بن بوبكر إن الروبوت يضطلع أيضا بمهمة توعوية. فأثناء قيامه بعمله البيئي يسعى المعهد الوطني لعلوم وتكنولوجيا البحار إلى استضافة المواطنين والطلبة والمهتمين بالشأن البيئي من أجل نشر ثقافة العناية بالبيئة والتوعية بمخاطر التلوث البحري والمائي.
وقال بن بوبكر إن المعهد يطمح من خلال هذه الجولات إلى تشجيع الطلبة والمهندسين التونسيين على ابتكار مثل هذه الوسائل السهلة التي تساعد على القضاء على أزمة التلوث ولو جزئيا.
وأكد أنه سيتم تحويل الروبوت إلى محافظة المنستير (الساحل الشرقي) التي تظم 41 ميناء صيد بحري ومرافئ عدة موزعة على طول الشريط الساحلي، في انتظار أن يتم تعميمه على مناطق أخرى.
واعتبر بن بوبكر أن مثل هذه الابتكارات تساعد على تغيير الصورة الكارثية التي بلغتها الموانئ التونسية والتقليص من مخاطر النفايات البحرية وخاصة البلاستيكية التي أصبحت تمثل خطرا حقيقيا على بقاء السلاحف البحرية ومختلف الكائنات الأخرى، والتي تعود في النهاية بالضرر على الأهالي.
وليس التلوث في الموانئ التونسية هو الإشكال الوحيد الذي ينبه إليه نشطاء البيئة، فمنذ سنوات يحتج أهالي محافظة قابس (جنوب شرق تونس) على استمرار إلقاء الفضلات والنفايات الكيميائية التي يفرزها مصنع تكرير الفوسفات في البحر، وهو ما تسبب في نفوق العديد من الأسماء وهجرة العديد منها إلى مناطق أخرى وخسارة العديد من البحارة لموارد رزقهم.
ورغم أن حماية المحيط في تونس تخضع إلى كم مهم من التشريعات والقوانين تشمل المياه والغابات والتعمير، إلا أن تطبيق مضامينها بقي حسب نشطاء حبرا على ورق.