ويرى مراقبون سياسيون أن التحركات التي تقوم بها سلطنة عمان في الوقت الراهن بين إيران والسعودية يمكن أن تنجح عن الوساطة التي قادتها بغداد.
ويعتقد المراقبون أن الرئيس الإيراني الجديد إبراهيم رئيسي ، يدرك مكانة السلطنة وما يمكن أن تلعبه في إطار حلحلة بعض التعقيدات الحاصلة في مجمل الملفات.
وكشف الرئيس الإيراني المنتخب، أمس السبت، عن أجندة بلاده المقبلة.
وجاء في تقرير لوكالة "إرنا"، مساء اليوم السبت، أن رئيسي يعتبر تعزيز وتطوير العلاقات مع سلطنة عمان هدفا مهما لبلاده، مؤكدا أن الحوار مع دول الجوار أولوية الدبلوماسية للحكومة الإيرانية المقبلة.
وذكرت الوكالة أن تصريح الرئيس الإيراني المنتخب جاء خلال اتصال هاتفي تلقاه، السبت، من هيثم بن طارق، سلطان عمان، هنأ فيه إبراهيم رئيسي بمناسبة عيد الأضحى، موضحا أن قوة ومتانة الأخوة بين الشعبين والصداقة القديمة بين الحكومتين راسخة، إذ لم تتمكن التطورات الإقليمية والدولية من إضعافها.
وطلب إبراهيم رئيسي من سلطان عمان تنظيم برنامج شامل يهدف إلى تطوير العلاقات الاقتصادية بين البلدين، على أن يكون تحت إشراف خبراء بارزين من الطرفين وتنفيذه بموافقة قادة الجانبين، واصفا سلطنة عمان بالجار الموثوق والشريك القيّم لبلاده.
تحولات حادة
من ناحيته، قال الأكاديمي والخبير الاستراتيجي العماني عبد الله الغيلاني، إن العلاقة العمانية - الإيرانية تقع في أعلى اهتمامات البلدين الاستراتيجية في المقام الأول، أي أنها لا تخضع للانتقالات التكتيكية.
وأضاف الغيلاني في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن مؤسسة الرئاسة في إيران هي مؤسسة تنفيذية، خاصة في فضاء السياسة الخارجية، دون ازدراء للأدوار المركزية التي يمكن أن تضطلع بها، خاصة وأن الرئيس إبراهيم رئيسي، يحظى بحظوة لدى المرشد علي خامينئي.
ويرى الغيلاني أن التحولات الحادة في الأزمة اليمنية والأمن الإقليمي الخليجي والمفاوضات الأمريكية-الإيرانية جميعها تفرض على الدولتين مزيدا من التقارب وتعظيم المشتركات بينهما.
هل تقود مسقط المبادرة
بنظرة مغايرة، يرى الخبير العماني أن مسقط هي الأقدر على رعاية الحوار السعودي-الإيراني الذي يجري برعاية عراقية، وذلك لما تتمتع به مسقط من خبرات، وما لها من قوة ناعمة ودالة لدى طرفي الحوار، حسب قوله.
ويوضح أن عمليات الحوار بين الرياض وطهران لا تحكمها النوايا، وأنها تخضع لمؤثرات موضوعية على الأرض، إذ تشتبك البلدان على عدد من الجبهات التي تنعكس أوضاعها الميدانية على ملفات الحوار.
الأمن الخليجي
ضمن هذه الملفات الأزمة اليمنية، وترتيبات الأمن الخليجي، وعلاقة إيران بالأقليات الشيعية في الخليج والملف النووي الإيراني، وهي جميعها تؤثر بشكل مباشر في الحوار السعودي-الإيراني.
على المدى المنظور يشير الخبير العماني، إلى أنه من الممكن التوصل إلى هدنة تمهد لجولات أعمق من الحوار، تفضي إلى توافقات أولية حول الأزمة اليمنية والأمن الإقليمي الخليجي.
بعض العوامل الأخرى يراها الغيلاني يمكن أن تؤثر، وهي التي تتمثل في الشراكة الاقتصادية العمانية-السعودية المرتقبة، حيث يمكن أن تعزز الدور العماني في إحداث تقدم في الحوار، خاصة وأن الأزمة اليمنية والأمن الجماعي الخليجي يقعان في قلب الاهتمامات الاستراتيجية العمانية، ولهما انعكاسات مباشرة على الأمن القومي العماني.
مرحلة جديدة
في الإطار ذاته، قال خميس بن عبيد القطيطي الكاتب والمحلل سياسي العماني، إن جمهورية إيران تمتلك رؤية شاملة لتضاريس المنطقة السياسية، وأنها تسعى إلى فتح آفاق رحبة من العلاقات مع بقية دول الإقليم وإنهاء الملفات الشائكة.
من منطلق الأمن الخليجي الذي يتطلع له الجميع، يرى القطيطي في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن إيران تدرك أهمية الأدوار التي تقوم بها سلطنة عمان من أجل خلق بيئة مواتية للحوار بين دول المنطقة، وخاصة مع المملكة العربية السعودية.
يوضح الكاتب العماني أن النظام الجديد في إيران يدرك هذه الحقائق، ويدرك أهمية أدوار سلطنة عمان، وأهمية توظيف نموذجها السياسي في صالح المنطقة لإبعاد شبح التوترات.
وأشار إلى أن الرئيس إبراهيم رئيسي يبعث برسائل إيجابية من خلال الاتصال المبكر مع السلطان هيثم بن طارق، ويؤكد على أهمية ملف العلاقات العربية - الإيرانية.
كما يؤكد الاتصال بحسب وجهة نظر القطيطي، أهمية فتح آفاق رحبة مع دول المنطقة باعتبارها العمق الاستراتيجي لإيران.
مشيرا إلى أن إيران دعمت القضايا العربية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، ودعم صمود سوريا.
فيما قال الباحث السياسي عوض بن سعيد، إن الاتصال الذي جرى بين الرئيس الإيراني الجديد وسلطان عمان جاء في إطار ما تشهده المنطقة من تطورات متسارعة، خاصة التطورات الخاصة، بالحرب في اليمن والمباحثات النووية في فيينا، بين إيران والدول الغربية.
حوار غير معلن
ويرى أن الحوار غير المعلن بين السعودية وإيران والملفات السابقة تؤكد الدور الذي تلعبه السلطنة في كل هذه الملفات المعقدة.
ويشير الباحث العماني إلى أن الدبلوماسية العمانية تلعب الدور المحوري في تلك القضايا، خاصة وقف الحرب في اليمن، والحوار بين طهران الرياض.
ويرى أن القيادة الإيرانية الجديدة استشعرت تلك التطورات، وتدرك أهمية السلطنة كجار لإيران على الضفة الأخرى للخليج، كما أشار إلى ذلك الرئيس الإيراني.
وفيما يتعلق بالعلاقة بين عمان والجانب الأمريكي، أشار الباحث على أنه تساهم في التغلب على تعقيدات الملف النووي الإيراني، وهو ما يؤكد أن الاتصال بين القيادة الجديدة في إيران والسلطان العماني، يهدف إلى تحريك تلك كل هذه الملفات.