ويدور الحديث عن "قانون الملكية" الذي وقع عليه الرئيس البولندي أندريه دودا وتقول تل أبيب إنه يحرم الناجين من المحرقة النازية "الهولوكوست" ونسلهم، من الحصول على تعويضات على ممتلكاتهم التي سلبت منهم في بولندا على يد النازيين إبان الحرب العالمية الثانية.
وأصبح القانون نافدا ودخل حيز التنفيذ بمجرد توقيع الرئيس، وذلك بعد أيام من مصادقة البرلمان البولندي بغرفتيه على القانون المثير للجدل.
وقال وزير خارجية إسرائيل يائير لابيد إن : "بولندا أصبحت هذه الليلة دولة معادية للديمقراطية وغير ليبرالية لا تحترم أعظم مأساة في تاريخ البشرية"، مؤكدا أن بلاده لا يمكنها أن تصمت حيال هذا القانون الذي اعتبره "معاد للسامية".
في المقابل، دفع رئيس بولندا في مقابلة مع وكالة الأنباء البولندية PAP اليوم، بأن التوقيع على القانون الجديد "سينهي حقبة من الفوضى القانونية، وسيحمي الدولة البولندية مواطنيها من الظلم"، رافضا الادعاءات بأن القانون أضر بالناجين من الهولوكوست ونسلهم.
بداية الأزمة
لكن الأزمة المتصاعدة بين تل أبيب ووارسو ليست وليدة اللحظة، فمنذ عام 2018 تشهد العلاقات بين البلدين توترا ملحوظا يدور حول "المحرقة النازية" التي ارتكبت على أراض بولندية.
ويشير ذلك إلى ما حدث بعد اجتياح ألمانيا النازية بولندا عام 1939، حيث قتلت خلال تلك الفترة 3 ملايين يهودي بولندي، من إجمالي 6 ملايين يهودي قتلوا في تلك الجرائم المعروفة بالهولوكوست.
وترفض بولندا استخدام مصطلحات مثل "معسكرات الموت البولندية" والتي تشير إلى مشاركة البولنديين في أعمال الإبادة التي لحقت باليهود آنذاك، مقابل مكافآت من النازيين، وهو ما تنفيه وارسو وتقول إن تلك المعسكرات وأشهرها معسكر أوشفيتز لم تكن بولندية.
صعدت الأزمة إلى السطح في فبراير/شباط من العام 2018، عندما صوت البرلمان البولندي على قانون يجرم من يتهم علنا بولندا بالمسؤولية أو التواطئ في الجرائم التي ارتكبها الرايخ الألماني الثالث، ويعاقبه بغرامة مالية أو السجن لمدة تصل إلى 3 سنوات، يستثنى من ذلك من يقومون بذلك كجزء من الأنشطة العلمية أو الفنية.
غضبت إسرائيل حينذاك، واعتبر رئيس وزرائها في حينه بنيامين نتنياهو أن القانون ليس سوى محاولة لنكران المحرقة وإعادة كتابة التاريخ.
"البولنديين يرضعون معاداة السامية مع حليب أمهاتهم"
وفي فبراير من العام التالي تسببت تصريحات أدلى بها وزير الخارجية الإسرائيلي وقتها يسرائيل كاتس في إلغاء قمة كان يفترض أن تلتئم في إسرائيل بمشاركة بولندا.
وقال كاتس في تصريحات للإعلام الإسرائيلي، إن بعض البولنديين تعاونوا مع النازيين، مضيفا "مثلما قال إسحاق شامير (رئيس وزراء إسرائيل 1983 إلى 1984 ومن 1986 إلى 1992) إن البولنديين يرضعون معاداة السامية مع حليب أمهاتهم".
ورد السفير البولندي على تصريحات كاتس بقوله "إنه لأمر مدهش أن نرى كيف يعبر وزير الخارجية المعين حديثًا عن نفسه بطريقة عنصرية ومخزية. إنه أمر غير مقبول".
وكان من المقرر أن تضم قمة "فيشيغراد 4" التي كانت مقررة في القدس إسرائيل وبولندا وتشيكيا والمجر وسلوفاكيا، قبل أن تعلن وارسو انسحابها منها على خلفية تصريحات كاتس.
دمية يهوذا
في أبريل/نيسان 2019، أبدت إسرائيل أسفها لواقعة إحراق دمية "يهوذا" في بلدة بروشنيك" جنوب شرقي بولندا خلال احتفالات بيوم الجمعة العظيمة.
وأظهرت مقاطع فيديو وقتها صورا لسكان بينهم أطفال، يقطعون رأس دمية بأنف كبير وسوالف طويلة قبل إحراقها، وهو الحادث الذي وصف بأنه "معاد للسامية" وأدانته الكنيسة والحكومة في بولندا.
الاعتداء على السفير
في مايو/آيار 2019، استعدت وزارة الخارجية البولندية سفيرة إسرائيل في البلاد لتفسير الاعتداء على السفير البولندي في إسرائيل وإهانته في شوارع تل أبيب.
ووقتها، ندد الرئيس البولندي، أندريه دودا، بما وصفه "بالشوفينية والكراهية"، في خطاب أرسله للرئيس الإسرائيلي بعد أن بصق رجل على السفير البولندي في إسرائيل قبل أيام.
مؤتمر الهولوكوست
في يناير/كانون الثاني 2020، ألغى الرئيس البولندي مشاركته في مؤتمر الهولوكوست في متحف "ياد فاشيم" الإسرائيلي بالقدس، احتجاجا على عدم إدراجه ضمن المتحدثين في المؤتمر.
ومجددا عادة الأزمة إلى بعدها الرسمي، وفي 27 يونيو/حزيران الماضي، استدعت وزارة الخارجية الإسرائيلية السفير البولندي لديها، وذلك على خلفية مصادقة البرلمان البولندي على مشروع القانون.
وفي اليوم التالي، وبخت بولندا المسؤولة عن السفارة الإسرائيلية في وارسو "تال بن آري"، مؤكدة مضيّها قدما في سن القانون.