تتباين الآراء من الجانبين بشأن احتمالية التصعيد وكذلك الانعكاسات الاقتصادية والاجتماعية، غير أن الأغلبية يرون عدم الذهاب نحو تصعيد عسكري، مع عدم استبعاد الخطوة في المستقبل.
في تصريحات سابقة قال نائب رئيس البرلمان الجزائري، فؤاد سبوتة، إن قطع العلاقات مع المغرب خطوة كانت متوقعة. وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن التحقيقات الأمنية أفضت إلى تورط الطرف المغربي من خلال أجهزته الأمنية، وبعض الأطراف الداخلية في تهديد أمن استقرار الجزائر، من خلال دعمها الحركات الإرهابية الانفصالية.
ما علاقة قضية الصحراء ؟
تتفق الآراء جميعها في المغرب على أن الجزائر تريد الذهاب إلى توترات أعلى مع المغرب، رغم مبادرة الملك محمد السادس، إلا أن الجزائر اتهمت المغرب بالقيام بأعمال عدائية، حسب وصفها.
في الإطار يفسر المستشار الدبلوماسي سمير بنيس، أن الجزائر تحول أن تهرب من أزماتها الداخلية بتصدير الأزمة مع دولة الجوار المغرب.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن ما حققته المملكة المغربية بشأن قضية الصحراء والاعترافات التي وقعت بمغربية الصحراء هي من دفعت الجزائر للتصعيد في إطار أي محاولة إلى أي خطوة من شأنها النزاع المسلح.
وعلى الصعيد المغربي، يرى أن المغرب يتأنى في ردود أفعاله، وأن السياسة التي يتبعها المغرب غير مبنية على العداء، وأنه المغرب حريص على إقامة اتحاد مغاربي قوي.
واستبعد بنيس الانزلاق إلى مستوى الحرب، خاصة أن المغرب لن ينجر إلى مثل هذه الخطوة.
رغم رد الفعل المغربي الهادئ على القرار الذي أعلنته الجزائر، إلا أن تصاعد درجة التوتر غير مستبعدة، وهو ما يترقبه الشارع في البلدين بحالة من الرفض.
من ناحيتها قالت الباحثة السياسية المغربية شامة درشول، إن المغرب خفض تمثيليته الدبلوماسية في الجزائر إلى مستوى قنصلية، مع الإبقاء على القنصل، وعدم مجاراة الجزائر في التصعيد.
وأضافت في حديثها لـ"سبوتنيك"، أن المغرب يلتزم بسياسة ضبط النفس التي اعتاد عليها في علاقته مع الجزائر.
أما السيناريوهات المحتملة فترى أنها تتوقف على أمرين:
الأمر الأول يرتبط بقضية الصحراء، والوضع الداخلي في الجزائر، حيث ترى أن الجزائر تبحث عرقلة تقدم المغرب إقليميا، والهروب من توتر وضعها الداخلي بتهريبه نحو المغرب وخوض سياسة الأرض المحروقة، خاصة بعدما أصبحت ورقة البوليساريو ضعيفة، بحسب نص حديها.
كل الاحتمالات واردة
وبشأن احتمالية انزلاق الأوضاع إلى مواجهات عسكرية، ترى درشول، أن كل السيناريوهات محتملة في سياسات النظام الحاكم في الجزائر.
وتشير درشول إلى ضرورة إبقاء الحدود مغلقة مع الجزائر، في ظل احتمالية الفوضى في الجزائر ودخولها لمرحلة شبيهة بالعشرية السوداء.
التصعيد ضد المغرب
أحد السيناريوهات الذي تشير إليه أيضا هو تكثيف التصعيد ضد المغرب لجره للمواجهات العسكرية وتحقيق ائتلاف شعبي حول التركيبة الحاكمة حاليا، حيث ترى أن اتهام المغرب بالوقوف وراء الحرائق، ودعم الحركات الانفصالية بالقبايل، بمثابة تحضير الرأي العام لتقبل فكرة خوض حرب عسكرية ضد المغرب.
عقب قرار قطع العلاقات دشن نشطاء مواقع التواصل من البلدين حملة على صفحاتهم تحت عنوان (#معاربيون_ضد_القطيعة) وعبروا فيها عن رفضهم للتصعيد وقطع العلاقات بين البلدين، وفي هذا السياق ترى درشول أن الشعوب هي من تؤدي ثمن أخطاء صناع القرار، وأنه يجب منع هذه الأخطاء وتغليب المصلحة العامة على منطق "رقم واحد" والزعامة الإقليمية.
الوضع الاقتصادي بين البلدين
تؤكد المصادر من البلدين أن الأزمة الممتدة منذ سنوات أثرت على الوضع الاقتصادي، وأن قطع العلاقات الحالي، يشير إلى تأثر الجانب الاقتصادي بشكل كبير.
من المتضرر من القطيعة؟
في الإطار قال الدكتور أحمد سواهلية الخبير الاقتصادي الجزائري، أن تأثيرات قطع العلاقات على المستوى الاقتصادي محدودة.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن سعي العلاقات إلى قطع العلاقات الدبلوماسية له أسبابه نظرا لتدهور العلاقات السياسية، فإن العلاقات الاقتصادية لم تكن على المستوى المطلوب .
وأشار إلى أن الجزائر كانت في السابق الشريك الأساسي للمغرب، وأن دول الجوار تسعى للتبادل بينها وبين بعضها لما توفره من حيث التكلفة، في حين أن المغرب يعتبر الجزائر شريكا أساسيا.
وأكد أن قطع العلاقات يؤثر بشكل قوي على الوضع الاقتصادي، خاصة أن الجزائر تحدثت عن إمكانية وقف توريد الغاز عبر الأنبوب المار من المغرب.
ويرى أن المغرب تستفيد في أنبوب الغاز، وأنها وقعت في تناقض، خاصة أنها أصبحت في مأزق حال تغيير الجزائر ممر أنبوب الغاز.
فيما قال رشيد ساري الخبير الاقتصادي المغربي، إن العلاقات التجارية بين المغرب والجزائر في تدهور كبير منذ العام 1994.
وبحسب حديث ساري لـ"سبوتنيك"، تشهد العلاقات هبوطا كبيرا توضحها أرقام السنوات الأخيرة، حيث أن صادرات المغرب انتقلت من 173 مليون دولار سنة 2018 إلى 133 مليون دولار سنة 2020، بنسبة 0.5% من حجم الصادرات المغربية نحو العالم التي بلغت سنة 2020 ما يعادل 28 مليار دولار .
الأمر ذاته ينعكس على الجانب الجزائري إذ انتقل رقم الصادرات من 742 مليون دولار سنة 2018 إلى 433 مليون دولار سنة 2020، إذ يمثل 2% من حجم الصادرات الجزائرية نحو المغرب والتي بلغت ما يقارب 21 مليار دولار نحو العالم سنة 2020.
وأشار إلى أن الركود الاقتصادي والتجاري بين البلدين يضيع على كل منهم 2% من الناتج الداخلي الخام، وعلى منطقة المغرب العربي 5 نقاط.
ويرى أن القرار أحادي غير المفهوم للحكومة الجزائرية حتما سيكون له ما بعده على المستوى الاقتصادي، لكن بشكل جد ضعيف لأن حجم المبادلات التجارية بين البلدين ضعيفة بالأساس.