خبراء: تجربة إيران في مواجهة العقوبات بمتناول روسيا وقد تكون ملهمة لها
11:19 GMT 09.03.2022 (تم التحديث: 11:24 GMT 09.03.2022)
© Sputnik . Vladimir Astapkovitsh
/ تابعنا عبر
تتمتع العلاقات الروسية – الإيرانية بمستوى عال وممتاز من التنسيق والتعاون، وفي ظل ذلك قد تكون تجربة طهران في مواجهة العقوبات الأحادية والشاملة ملهمة لموسكو لمواجهة العقوبات الجديدة التي فرضت عليها.
طهران – سبوتنيك. في الآونة الأخيرة تنمو العلاقات الاقتصادية بين موسكو وطهران بشكل مطرد؛ ومساعي كبار المسؤولين الإيرانيين لتعميق العلاقات مع موسكو، تدلّ على أنّ العلاقات الروسية الإيرانية تتّخذ أهمية كبيرة بالنسبة للبلدين، وذلك لأنهما يواجهان عقوبات أمريكية أحادية قاسية فُرضت عليهما منذ سنوات.
روسيا والاقتصاد الإيراني المقاوم
اعتبر الخبير الاستراتيجي والدبلوماسي الإيراني السابق، سيد هادي أفقهي، في تصريحات لوكالة "سبوتنيك"، أن "الاقتصاد المقاوم الذي يجب على روسيا اتباعه حاليا هو التركيز على الإمكانيات الذاتية في الداخل ومحاربة الفساد، ومافيا الاقتصاد والبضائع والمحتكرين.. وهو اقتصاد طرحه المرشد الأعلى في إيران علي خامنئي، والذي يرتكز على تحصين الاقتصاد من الداخل كي لا يتأثر بالارتجاجات الاقتصادية العالمية ومنها انخفاض أسعار النفط وارتفاعها، والبورصة والذهب وما إلى ذلك".
وأضاف أفقهي، أن الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي قام خلال الفترة الماضية بعملية ترشيد للاقتصاد في الداخل وما زال يقوم بمحاربة الفساد.
وتابع "قام رئيسي بمشاركة أبناء الشعب في الإنعاش الاقتصادي وإعطاء الفرص للاستثمار ومحاربة القوانين المعرقلة للاستثمار وإنعاش الاقتصاد والمنتوج والصناعة الوطنية وهذا ما فعله على المستوى الداخلي".
أما على المستوى الخارجي، فإيران فتحت مسافات كبيرة للالتفاف على العقوبات حيث أنها الآن عضو في منظمة شنغهاي الاقتصادية - الأمنية وفي هذه المنظمة أكثر من 27 دولة، واتفق الأعضاء على أن يتعاملوا بالعملة الوطنية وليس بالدولار، كذلك أبرمت إيران اتفاقية مع الصين لمدة 25 عاما بما يقارب 470 مليار دولار، وكذلك كتبت مسودة اتفاقية لمدة عشرين سنة مع روسيا وكذلك إيران عضو في أوراسيا الاقتصادية مع روسيا".
استراتيجيات إيران لمواجهة العقوبات
وتابع أفقهي "إيران تتبع استراتيجيتين وركيزتين أساسيتين لمواجهة العقوبات أحادية الجانب التي تفرضها الولايات المتحدة الأمريكية"، موضحا أن الاستراتيجية الأولى، هي مواجهة العقوبات مباشرة، والاستراتيجية الثانية، هي التحييد والتقليل من أثر العقوبات، موضحا أنه عندما "تتلازم هاتان الدعامتان تشكلان حصانة قوية جدا لاقتصاد البلاد".
وأردف أفقهي، قائلا: "إذا قامت الحكومة الروسية باستخدام هاتين الدعامتين، فإن الاقتصاد الروسي سوف يتخطى صدمة قوية كي لا ينهار، وتحصين الداخل الاقتصادي يجب أن يكون على رأس الأولويات بالنسبة للحكومة الروسية، وتستطيع الحكومة الروسية أن تفسر للشعب الروسي وأصدقاء الشعب الروسي، حقيقة الأزمة الحالية ومن الذي افتعلها وما هي أهدافها، وسوف يؤدي ذلك إلى صبر المجتمع وتلاحمه مع حكومته وكذلك أصدقاء الشعب الروسي.. والصبر هنا عامل مهم جدا، لأنه عندما يعي الشعب حقيقة المشكلة وأين تكمن المشكلة وما هو الحل".
كما ذكر الخبير الاستراتيجي والدبلوماسي الإيراني السابق، أنه يتوجب على الحكومة الروسية في الفترة الحالية، توعية الشعب وإظهار الحقيقة له، وذلك عبر وسائل الإعلام والتلفزة، إذ تستطيع الحكومة الروسية لعب دور في توضيح أسباب العقوبات وكيفية التعامل معها وكيف طورت بلدان أخرى اقتصادها داخليا على مدى الأربعين عاما السابقة كما فعلت إيران مثلا، وهنا تجد صبر الشعب يرتفع وتجد الحلول".
ورأى أفقهي، أن روسيا الصديقة لإيران تمر بنفس هذه المرحلة حاليا التي مرت بها إيران سابقا "وصحيح أن الهجمة عالمية على روسيا لكن بيد روسيا أوراق وتستطيع أن تدير هذه الأزمة بحنكة على غرار الاقتصاد المقاوم والتحصين من الداخل ومقاومة الارتجاجات الاقتصادية العالمية والحصار الاقتصادي وحتى عبر الخيار العسكري"، مؤكدا في الوقت ذاته أن العقوبات لا تضر فقط بالاقتصاد الروسي، وإذا طال أمد هذه الأزمة فإن أول من سوف يصرخ هو الطرف الأوروبي، خاصة أن طوفان الرد الروسي لم يأتي بعد، حيث أن الطرف الروسي لم يستخدم كل أوراقه ورغم ذلك يوجد الآن نزاع ومناكفات بين الأمريكي والأوروبي بشأن العقوبات على الغاز والنفط الروسي وهذه أزمة كبيرة لأوروبا".
الاكتفاء الذاتي والتبادل بالعملة المحلية
من جهته، اعتبر عضو هيئة التدريس في جامعة طهران، محمد صادق كوشكي، في تصريح لوكالة "سبوتنيك"، أن هناك طريقتين يمكن لروسيا عبرهما مقاومة العقوبات والتخفيف من تأثيرها.
وأوضح كوشكي، أن الطريقة الأولى هي عبر التعاون الاقتصادي والتجاري بالعملة المحلية، وأنه يمكن أن يتم ذلك بين إيران وروسيا، وهنا يمكن لروسيا التعاون مع إيران لإيجاد سبل ليقوم التجار الإيرانيين والروس بتبادل البضائع بالعملة المحلية أي بالتومان والروبل، وإيران سوق كبيرة جديدة لروسيا بدلا من السوق الأوروبية". مؤكدا أن هذه الطريقة يمكن أن تساعد موسكو في حل جزء من مواجهة العقوبات التي فرضت على عليها مؤخرا.
أما الطريقة الثانية، فلفت عضو هيئة التدريس في جامعة طهران، إلى أنها تتم من خلال إيران نفسها، حيث يمكن لروسيا أن تستغل العقوبات وتوجه بضائعها إلى السوق الإيرانية وهي سوق مفتوحة أمامها والسوق الإيرانية سوق جديدة لروسيا، ويمكن أن تكون إيران محطة ترانزيت للتجار الروس أيضا إلى الشرق وبعض الدول العربية.
ورأى كوشكي، أن الطريقة الأخيرة هي عبر التعاون المشترك في المجالات التي يمكن التعاون فيها، كالاستثمار المشترك في المجالات التي يحتاجها البلدان (روسيا وإيران)، مؤكدا أنه عبر هذه الطرق يستطيع البلدان الاستغناء عن أوروبا والحاجة إلى السوق الأوروبية والمنتجات الأوروبية.
وذكر عضو هيئة التدريس في جامعة طهران، أن واحدة من أهم تجارب إيران في مواجهة العقوبات هي عبر إيجاد إنتاج داخلي كافي والوصول إلى الاكتفاء الذاتي في العديد من المجالات، "حيث أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية سعت لمواجهة العقوبات على الإنتاج، عبر علمائها، وذلك بإنتاج المنتجات داخليا وخاصة تلك التي فرض عليها عقوبات، وذلك لكي لا تبقى طهران بحاجة الخارج والاستيراد من الخارج".
وأوضح كوشكي، أن إيران سعت إلى إيجاد شركات تابعة للقطاع الخاص مبنية على الدراسات العلمية وتسمى شركات (دانش بنيان)، وهي الشركات التي تبنى على الدراسات العلمية الحديثة وهي شركات خاصة نابعة من الشعب.
وأكد، أن هذه الشركات "ساعدت الحكومة الإيرانية على إنتاج الكثير من المواد والمنتجات التي تحتاجها البلاد بسرعة وكيفية عالية، ومثال على ذلك إنتاج معظم أنواع الأدوية والمعدات الطبية التي تحتاجها البلاد لمواجهة وباء كورونا بعد تفشيه في إيران في ظل العقوبات، وذلك خلال 6 أشهر فقط، مما دفع البلاد إلى عدم الحاجة إلى الاستيراد بل قامت بالتصدير لبعض البلدان ومنها البلدان الأوروبية".
وأعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في 24 شباط/فبراير الماضي، إطلاق عملية عسكرية خاصة في إقليم دونباس، جنوب شرقي أوكرانيا، وذلك في أعقاب طلب جمهوريتي دونيتسك ولوهانسك رسميا دعم روسيا في مواجهة القوات الأوكرانية.
وشدد بوتين على أن روسيا لا تخطط لاحتلال الأراضي الأوكرانية؛ موضحا أن هدف روسيا يتلخص في حماية الأشخاص، الذين تعرضوا على مدى ثماني سنوات، للاضطهاد والإبادة الجماعية، من قبل نظام كييف.
إلى ذلك، تبنت الدول الغربية، ومن بينها بريطانيا، على مدار الأيام الماضية، حزمة عقوبات اقتصادية صارمة ضد روسيا، في محاولة للضغط على موسكو، لوقف العملية العسكرية في أوكرانيا.
