https://sarabic.ae/20220529/شمسة-بلال-آخر-الأميرات-ثمانينية-سورية-غازلت-صر-الحرير-لـ-60-عاما-1062851262.html

شمسة بلال آخر الأميرات.. ثمانينية سورية غازلت "صر الحرير" لـ 60 عاما

شمسة بلال آخر الأميرات.. ثمانينية سورية غازلت "صر الحرير" لـ 60 عاما

سبوتنيك عربي

تتصدر شمسة بلال قاعة خان أسعد باشا، امرأة كبيرة في السن ومختلفة، ترتصف داخل رأسها خيوط حريرية ناعمة ملونة تحبكها وتمرر عبرها آثار من كانوا هنا قبلاً. 29.05.2022, سبوتنيك عربي

2022-05-29T12:54+0000

2022-05-29T12:54+0000

2022-05-29T14:01+0000

العالم العربي

أخبار سوريا اليوم

تقارير سبوتنيك

https://cdn.img.sarabic.ae/img/07e6/05/1d/1062849957_0:160:3073:1888_1920x0_80_0_0_63bd3801f4d1577c76df95064d1ebc8b.jpg

منذ ستين عاماً، تلتف تلك الخيوط الحريرية على نفسها بمجرد أن تلمسها أنامل شمسة التي تقف اليوم لتغوص في ذكرياتها وتخرج فاتحةً كوّة في جدار أرواح إثني عشر سيدة يجلسون أمامها ينهلون أسرار مهنة "صرّ الحرير" الآسر المتسرب إلى نفوسهم.السيدة شمسة باتت اليوم آخر محترفي "صرّ الحرير".. هذا الوصف يختزن مسيرة إنسانية تتراءى بين جدائل حريرها مسيرة التاريخ السوري لآلاف السنين، وتختزن ألوان خيوطها قصة حياة شخصية بكل حلوها ومرها.كأميرة في حضرة التاريخ، ووصية عليه، تتربع شمسة على عرش الحرير السوري، إلا أن هذه الصورة الدرامية لا تخلو من لمحات تراجيدية، فتلك الأميرة تقف اليوم على عتبات قلعتها مثلما تفعل آخر السلالات النقية، ولئلا يتحول عرشها إلى أطلال المستقبل، ها هي تعكف اليوم على استيلاد أميرات جديدات من لدن أصابعها.عفاف النبواني، الفنانة التشكيلية وعضو في الجمعية الوطنية لإنماء السياحة في سوريا، كانت صاحبة الفكرة، حيث لفت نظرها من خلال جولات السياحة الداخلية التي كانت تقيمها الجمعية إنتاج الحرير في مدينة حماة، وبالتحديد حرفة "صرّ القز"، والتي تعني تربيط خيوط الحرير التي تنتجها دودة القز وهي حرفة آيلة للاندثار في سوريا.تقول النبواني في حديثها لـ "سبوتنيك" إن صر القز هو حرفة سورية قديمة، حيث كان يصنع من حرير دودة القز الثوب الحموي الفلكلوري، وكان هذا الحرير منتشر على امتداد الجغرافية السورية، وكان العاملون به ينتجون أكثر من 72 نوعاً مختلفاً، وكانت مدينة تدمر مركزاً لإنتاج الحرير الذي كان يوزع لبلدان العالم عبر طريق الحرير الشهير، وكان الحرير السوري يتميز عن بقية أنواع الحرير كالهندي والصيني والأوروبي بمتانته العالية وفوائده الصحية، فقد أسماه المنتجون القدماء بـ "الجلد الثاني" بسبب فوائده الصحية لا سيما للأشخاص الذين يعانون من الحساسية الجلدية".تتابع النبواني: "أثناء زيارتي لمدينة حماة، تعرفت على السيدة شمسة بلال، وهي آخر من يمارس حرفة صرّ القز، وتوصلت إلى ضرورة الحفاظ على هذه الحرفة من الزوال وبالتالي التعاون مع السيدة شمسة لتلقين مهنة صرّ القز لعدد من المتدربين الراغبين بتعلمها".وعن دورة تعليم صرّ القز التي يحتضنها أحد أبرز معالم سوريا التراثية، خان أسعد باشا، كشفت النبواني أن جميع المتدربين الإثني عشر هم من المهتمين بالحرير والمدركين لقيمته ولديهم مهارات يدوية مسبقاً في التعامل مع هذه المواد.من جهة أخرى، تحدثت الفنانة عفاف النبواني عن دور الحرير في دعم الاقتصاد السوري، ولفتت إلى أنه في حال الاهتمام بشكل أكبر بإنتاج وصناعة الحرير سيكون أحد أهم روافد الاقتصاد المحلي، فقديماً كان للحرير قيمته الاقتصادية العالية وكان يتم مقايضة غرام الحرير بغرام الذهب، لكن على مر السنين تراجع إنتاج الحرير ولا سيما مؤخراً بسبب الحصار الغربي الجائر على سوريا والذي قيّد صناع الحرير ومنعهم من التشبيك مع الثقافات الأخرى في هذه المهنة والتمازج فيما بينها.تنكبّ السيدة شمسة بلال، آخر ممارسي مهنة صر الحرير، على طاولتها، حاملةً سنواتها الثمانين بكل ما جمعت فيها من خبرات وذكريات، تربطها مع إثني عشر متدربة كما تربط خيوط الحرير مع بعضها، لتنسج جيلاً جديداً من الشغوفين بممارسة هذه المهنة العريقة والحفاظ عليها من الاندثار.تكشف الابتسامة على وجه السيدة شمسة عن مدى سعادتها بالتواجد بين المتدربين وتجاوبهم معها، "أعلّم السيدات هنا هذه الحرفة القديمة لكي لا تنقرض، وتغمرني السعادة حين أراهم يقومون بتربيط خيوط الحرير بكافة ألوانها وأشكالها يدوياً"، بحسب تعبيرها.تستذكر السيدة الثمانينية حين تعلمت هذه المهنة على يد والدة زوجها وعملت بها منذ 60 عاماً، حين كانت كل عروس في المدينة تعدّ ثوباً من الحرير في"جهازها" أي ملابس العروس بعد الزواج، وتجتمع النساء على صنعه، فبعضهنّ يتولين مهمة تربيط خيوط الحرير وتشكيله على هيئة قطع قماشية، وأخريات يقمن بتفصيل القماش وخياطه، وكانت مهنة صرّ القز حينها تدر ربحاً وفيراً وتمكن المشتغلات بها من عيش حياة مريحة.المشاركات في دورة صرّ القز كان لهم رأيهم فيما يخص هذه الحرفة العريقة، حيث أكدت الفنانة أليسا شرابية، وهي خريجة كلية الفنون الجميلة، أنها ترغب بممارسة مهنة إنتاج الحرير لأنها من التراث السوري وتعلمها مكسب مهم لمن يفتخر بتراث بلاده.شرابية لم تكن الوحيدة التي افتخرت بحبها للتراث السوري القديم، حيث أشارت الفنانة جلنار حمدان، وهي أيضاً خريجة كلية الفنون الجميلة، أن مهنة صرّ القز هي مهنة آيلة للاندثار وعلى عاتقنا كأجيال جديدة الحفاظ عليها لأنها من تراثنا.تفتخر إثنا عشر سيدة سورية بتراث بلادهم وبهويتها، فيحملن على عاتقهن الحفاظ على هذا التراث ونقله للأجيال القادمة التي ستحافظ عليه وعلى هوية بلاد لطالما افتخرت أيضاً بأبنائها.

2022

الأخبار

ar_EG

العالم العربي, أخبار سوريا اليوم, تقارير سبوتنيك