هل يقدم التحالف العربي والسعودية تنازلات من أجل هدنة جديدة مع "أنصار الله" في اليمن؟
19:44 GMT 13.10.2022 (تم التحديث: 13:01 GMT 14.10.2022)
© AP Photo / Hani Mohammedالجيش اليمني اليمن
© AP Photo / Hani Mohammed
تابعنا عبر
تصريحات وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، بأنه لا تزال هناك فرصة للتوافق حول هدنة جديدة في اليمن طرحت الكثير من التساؤلات حول الآليات التي يمكنها التوفيق بين مطالب كل من "أنصار الله" والتحالف العربي الذي تقوده الرياض.
يرى مراقبون أن قرار التوصل إلى هدنة جديدة من عدمه ليس بيد "أنصار الله" وإنما يخضع لضغوط إقليمية ودولية، خاصة أن الوضع الدولي الراهن فرض معادلات جديدة على الأرض تتطلب غلق ملفات بعينها لأن استمرارها يضر بمصالح تلك الدول.
لكن التوصل إلى هدنة جديدة يتطلب تقديم تنازلات من كل الأطراف وربما يكون القدر الأكبر منها من نصيب التحالف العربي الذي يتطلع إلى التهدئة في الوقت الراهن نظرا للظروف الدولية، وتدرك "أنصار الله" أن الفرصة الآن سانحة لتحقيق أكبر قدر من المكاسب.
هل يقدم التحالف العربي تنازلات لعقد هدنة جديدة مع "أنصار الله"؟
بداية يقول المحلل السياسي السعودي، عبد الله العساف: "أعتقد أن رسالة وزير الخارجية السعودي بشأن تمديد الهدنة في اليمن كانت واضحة برغبة التحالف في إحلال السلام في اليمن، ورغبة الرياض بتمديد الهدنة وحث الأطراف على التوصل إلى هدنة".
قرار خارجي
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، لكن "كما يعلم الجميع أن قرار موافقة الحوثيين (أنصار الله) على الهدنة من عدمه ليس بأيديهم، إنما القرار بيد طهران، ومع ذلك نحن نأمل أن تستجيب طهران مرة أخرى وإن كان هذا مستبعد بصوت العقل وأن تأمر مليشياتها بالاستجابة لتمديد الهدنة، من أجل المنطقة ومن أجل السلام الذي باتت تفقده اليوم طهران أكثر فأكثر، نظرا لما يحدث اليوم في طهران وفي العالم".
وتابع العساف: "نأمل أن جميع ما يحدث اليوم من أحداث مختلفة في العالم أن تلقي بظلالها على المنطقة إلقاء إيجابي بحث يسمع الحوثي هذه الرسالة من السعودية والتي تمد اليد مرة أخرى من أجل السلام".
تنازلات التحالف
وحول إمكانية تقديم التحالفات تنازلات لـ"أنصار الله" كي توافق على تمديد الهدنة يقول العساف: "لا أعتقد أنه ستكون هناك تنازلات، لأن الرؤية كانت واضحة والبنود التي تم الاتفاق عليها فيما يخص مطار صنعاء والعائدات المالية، تلك البنود تم الاتفاق والتوافق عليها رغم إخلال الحوثيين بها وعدم الوفاء بالتزاماته سواء الموارد المالية التي تأتي عن طريق ميناء الحديدة".
وأضاف قائلا: "فلم يتم إيداع تلك العائدات في البنك المركزي ولا تصرف منها مستحقات الموظفين وغيرهم من مستحقي الرواتب والمعاشات في اليمن سواء القائمين بالأعمال أو المتقاعدين، وبالنسبة للمطار لم يتم الاتفاق على وجهات أخرى للطيران من صنعاء".
وأشار المحلل السياسي إلى أن المطالب التي يتحدث عنها الحوثيين "ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب، هم يتحدثون عن الدوافع الإنسانية في الظاهر، في نفس الوقت هناك إخلال وخرق واضح لما يتحدثون عنه، هم لم يقوموا بإيداع موارد الدولة الضخمة والكثيرة و المتحصلة من المشتقات النفطية والموانئ في البنك المركزي، خلال هذه الفترة وحدها فقط تم تحصيل ضرائب على المشتقات النفطية ما يقارب المليار دولار، هذا المبلغ كفيل بصرف المرتبات لأشهر سواء للمتقاعدين أو غيرهم لأشهر طويلة".
وأضاف: "كما أنهم قاموا بالعديد من الخروقات الأمنية وإطلاق الرصاص وتجاوز لبند فتح المعابر الآمنة سواء في تعز أو غيرها"، متهما الحوثيين بأنهم يستخدمون شروط تعجيزية لكنهم يغلفونها بغلاف إنساني للحصول على أكبر قدر من المكاسب.
وتعليقا على مدى إمكانية تجديد الهدنة من عدمه يقول العساف: "الحوثي تلقى إشارة التفعيل وفي هذه المرة ليس فقط من طهران، بل من عواصم غربية محددة ومعروفة للإضرار بمصادر الطاقة في الخليج وفي مضيق باب المندب وهي لا تخفى على أحد، وأعتقد أن الوضع بين روسيا والغرب ربما ألقى بظلاله على ما يحدث في اليمن للضغط على التحالف من أجل الإستجابة لطلبات الغرب".
أمر حتمي
من جانبه يقول الباحث السياسي اليمني، الدكتور عبد الستار الشميري: "في الحقيقة أن هناك تنازلات سوف تقدم للحوثيين من أجل الموافقة على تمديد الهدنة، ليس من التحالف فقط، بل من الأمم المتحدة وعلى رأسها أمريكا".
وأضاف الشميري في حديثه لـ"سبوتنيك" أن: "الجديد في الأمر أن هناك وفدين يتباحثان في الوقت الراهن، وفد سعودي في صنعاء ووفد حوثي في أبها بالسعودية لمناقشة بعض القضايا التفصيلية، وهذه نافذة جديدة لأن هناك قابلية الآن للمجتمع الدولي والإقليمي تحت ضغط الحاجة والاستقرار في البحر الأحمر ومضيق باب المندب لتقديم تنازلات قد تضر بالقضية اليمنية، لكنها قد تكون ضرورية من واقع عدم توازن القوى على الأرض".
كان وزير الخارجية السعودي قد قال في حوار مع قناة "العربية" الإخبارية، إن المملكة والتحالف والحكومة اليمنية حريصون على تمديد الهدنة، ومساعي التمديد لا تزال قائمة
ويوم الأحد قبل الماضي، أعلن المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، هانس غروندبرغ، عدم التوصل إلى اتفاق لتمديد الهدنة في اليمن التي استمرت 6 أشهر منذ مطلع أبريل/ نيسان الماضي.
وأكد غروندبرغ استمرار جهوده مع أطراف الصراع في اليمن من أجل ذلك، داعياً الأطراف إلى "الحفاظ على الهدوء والامتناع عن أي شكل من أشكال الاستفزازات أو الأعمال التي قد تؤدي الى تصعيد العنف".
وأعلنت جماعة "أنصار الله"، السبت قبل الماضي، وصول مفاوضات تمديد الهدنة إلى طريق مسدود، في ظل اشتراط الجماعة دفع الحكومة رواتب الموظفين العموميين من عائدات النفط والغاز المنتج من المحافظات التي تسيطر عليها القوات الحكومية، فيما يتمسك مجلس القيادة الرئاسي اليمني بدفع رواتب الموظفين من رسوم دخول سفن الوقود إلى ميناء الحديدة غربي اليمن.
وتسيطر جماعة أنصار الله، منذ سبتمبر/ أيلول 2014، على غالبية المحافظات وسط وشمال اليمن، بينها العاصمة صنعاء، فيما أطلق تحالف عربي بقيادة السعودية، في 26 مارس/ آذار من 2015، عمليات عسكرية دعماً للجيش اليمني لاستعادة تلك المناطق من قبضة الجماعة.
وأودت الحرب الدائرة في اليمن، حتى أواخر 2021، بحياة 377 ألف شخص، كما ألحقت بالاقتصاد اليمني خسائر تراكمية تقدر بـ 126 مليار دولار، في حين بات 80% من الشعب اليمني بحاجة إلى مساعدات إنسانية، حسب الأمم المتحدة.