قوارب الهجرة غير النظامية تبتلع أطفال تونس.. فمتى يتوقف النزيف
قوارب الهجرة غير النظامية تبتلع أطفال تونس.. فمتى يتوقف النزيف
سبوتنيك عربي
لم تكن صورة الطفلة التونسية ذات الأربع سنوات وهي تصل إلى إيطاليا بعد أن عبرت البحر وحيدة في قوارب الموت، سوى وجها آخر من الوجوه المأساوية للهجرة غير النظامية. 25.10.2022, سبوتنيك عربي
وتشهد تونس في الآونة الأخيرة ارتفاعا غير مسبوق لعمليات الهجرة غير النظامية في اتجاه السواحل الإيطالية أو عبر خط صربيا، انتهت بعضها بالموت الجماعي الذي حصد أحيانا عائلات بأكملها.ولكن اللافت للنظر هو المشاركة المكثفة للأطفال القصر في عمليات الهجرة غير النظامية، حيث يشير تقرير حديث للمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية إلى وصول أكثر من 2600 مهاجرا قاصرا إلى السواحل الإيطالية منذ بداية العام الجاري، من بينهم 1822 قاصرا عبروا البحر دون مرافقة.جثث الأطفال تطفو يوميا على الشواطئويقول رئيس جمعية الأرض للجميع والحقوقي عماد السلطاني في تصريح لسبوتنيك "ربما فاجأ مشهد الطفلة صاحبة الأربع سنوات وهي تعبر البحر وحيدة العالم، ولكنه لم يكن أبدا بالمشهد الغريب على التونسيين".ويؤكد الحقوقي أن عائلات بأكملها تهاجر يوميا عبر قوارب الموت في اتجاه إيطاليا طمعا بالجنة الموعودة، مشيرا إلى أن أعدادا كبيرة من هذه العائلات تصطحب أطفالها متحدية المخاطر الجمة التي ترافق الرحلة.وقال السلطاني إن المنظمات الحقوقية لا تمتلك العدد الرسمي لعدد المهاجرين غير النظاميين من الأطفال لأن الدولة التونسية لا تمتلك الإرادة السياسية لحصر عددهم، مشيرا إلى أن الحوادث اليومية وحدها ما تدل عليهم.ويرى السلطاني أن أسباب تنامي هجرة الأطفال متعددة، فيها ما هو مرتبط بالتعاطي الرسمي مع ملف الهجرة، موضحا "لقد أثبتت الدولة مرة أخرى أنها غائبة وبعيدة كل البعد عن هذا الملف، بعد أن اتهمت وزارة الخارجية والديْ الطفلة بالاتجار بالبشر ليتبين لاحقا أن حادثا هو ما حال دون التحاقهما بطفلتهما".وأشار إلى أن الخارجية التونسية أرسلت لجنة إلى إيطاليا لاستعادة الطفلة، ولكن الأمر يبدو مستحيلا لأن القانون المنظم والمواثيق الدولية يمنعان ترحيل القصر إلا بإذن من الأبوين اللذين احتجزتهما السلطات التونسية.ويؤكد السلطاني أن هذه الاتفاقيات التي وصفها بالمجحفة قادت العديد من العائلات إلى تشريك أطفالهم في الهجرة غير النظامية، مشيرا إلى أن القصر "تحولوا إلى وسيلة لضمان البقاء في بلدان الوصول رغم ما يحيط بهذه الرحلات من مخاطر قاتلة".رحلة باهظة للبحث عن العملوتقول مديرة المكتب المغاربي لمنظمة العمل الدولية رانيا بيخازي لسبوتنيك، إن ظاهرة الهجرة غير النظامية تحولت إلى كابوس مخيف خاصة وأن الموت هو ما ينتظر المئات من المهاجرين.وأضافت "العمل هو حق لجميع الناس، وإذا لم يجدوه في وطنهم فلا يمكن للدولة أن تجبرهم على البقاء في بلدهم. ولكن من المهم أن ينظر المهاجرون إلى مخاطر الهجرة غير النظامية وإلى الثمن الباهظ الذي يمكن أن يترتب عنها".وتشدد بيخازي على أن الحل بيد الدولة التونسية، وهو يتمثل أساسا في توفير فرص عمل للشباب، مشيرة إلى أن الاصلاحات الاقتصادية التي تنوي الحكومة البدء فيها قد تفضي إلى حل جزء من هذا الإشكال.وتابعت "ولكن في المرحلة المؤقتة القادمة، يجب التفكير في هيكلة الراغبين بالهجرة ومعرفة حاجيات الأسواق بالبلدان التي تستقبل اليد العاملة المهاجرة، ثم مساعدتهم على العودة إلى بلدهم والاستفادة من تجاربهم التي اكتسبوها بالخارج".عائلات تشجع على الهجرة وأوروبا تستفيدويعزي رئيس جمعية "أولادنا" التونسية، والأخصائي الاجتماعي رضوان الفارسي تفشي الهجرة غير النظامية في صفوف الأطفال إلى أسباب اقتصادية بالأساس، ومنها الفقر وضيق اليد إلى جانب البطالة التي تلقي بظلالها على جميع أفراد العائلة، إضافة إلى عوامل نفسية.ويضيف الفارسي في حديثه لسبوتنيك: "أصبحت العائلة تساهم في تشجيع الأطفال على الهجرة غير الشرعية، إما بشكل غير مباشر من خلال عدم المتابعة والتأطير وفي بعض الأحيان عدم توفير الحاجيات المادية للأطفال، وإما بشكل مباشر عبر تشجيعهم الشفوي على الهجرة بعدم تحصيل محصل علمي أو تكوين يسمح لهم بالانطلاق في سوق الشغل".ولفت الفارسي إلى وجود أسباب أخرى تدفع بالعائلات إلى تشريك أطفالها في الهجرة، ومنها الامتيازات المتوفرة في الضفة الثانية من البحر الأبيض المتوسط، موضحا "تتمتع الأسر المهاجرة المرفوقة بالأطفال بامتيازات عن الأسر الأخرى ومنها توفير وثائق الإقامة، وهو ما يحيلنا إلى الحديث عن الاتجار بالأطفال بطريقة غير مباشرة".ويشدد الفارسي على أن مخاطر الهجرة غير النظامية تتجاوز فقدان الحياة إلى مسائل أخرى، من بينها أن الدول الأوروبية تستفيد من هجرة الأطفال عبر تكوينهم تكوينا خاصا ثم اعتبارهم مواطنين تابعين لها.وقال الفارسي إن الاشكال الحقيقي يتمثل في أن الدولة التونسية أصبحت غير قادرة على تلبية حاجيات مواطنيها، الأمر الذي يخلف لديهم حالة من اليأس والإحباط ويقودهم إلى التفكير في المخاطرة بحياتهم وحتى بحياة أطفالهم في سبيل الوصول إلى الضفة الثانية من المتوسط طمعا في أمل جديد في الحياة".طالع أيضا: في ليلة واحدة.. إحباط 37 عملية هجرة غير شرعية وإنقاذ 813 شخصا في تونس
لم تكن صورة الطفلة التونسية ذات الأربع سنوات وهي تصل إلى إيطاليا بعد أن عبرت البحر وحيدة في قوارب الموت، سوى وجها آخر من الوجوه المأساوية للهجرة غير النظامية.
وتشهد تونس في الآونة الأخيرة ارتفاعا غير مسبوق لعمليات الهجرة غير النظامية في اتجاه السواحل الإيطالية أو عبر خط صربيا، انتهت بعضها بالموت الجماعي الذي حصد أحيانا عائلات بأكملها.
ولكن اللافت للنظر هو المشاركة المكثفة للأطفال القصر في عمليات الهجرة غير النظامية، حيث يشير تقرير حديث للمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية إلى وصول أكثر من 2600 مهاجرا قاصرا إلى السواحل الإيطالية منذ بداية العام الجاري، من بينهم 1822 قاصرا عبروا البحر دون مرافقة.
جثث الأطفال تطفو يوميا على الشواطئ
ويقول رئيس جمعية الأرض للجميع والحقوقي عماد السلطاني في تصريح لسبوتنيك "ربما فاجأ مشهد الطفلة صاحبة الأربع سنوات وهي تعبر البحر وحيدة العالم، ولكنه لم يكن أبدا بالمشهد الغريب على التونسيين".
ويؤكد الحقوقي أن عائلات بأكملها تهاجر يوميا عبر قوارب الموت في اتجاه إيطاليا طمعا بالجنة الموعودة، مشيرا إلى أن أعدادا كبيرة من هذه العائلات تصطحب أطفالها متحدية المخاطر الجمة التي ترافق الرحلة.
وأضاف: "جثث الأطفال تطفو يوميا على الشواطئ التونسية، هؤلاء لم يختاروا الهجرة عبر قوارب الموت بل فرضت عليهم وهو ليسوا سوى ضحايا".
وقال السلطاني إن المنظمات الحقوقية لا تمتلك العدد الرسمي لعدد المهاجرين غير النظاميين من الأطفال لأن الدولة التونسية لا تمتلك الإرادة السياسية لحصر عددهم، مشيرا إلى أن الحوادث اليومية وحدها ما تدل عليهم.
ويرى السلطاني أن أسباب تنامي هجرة الأطفال متعددة، فيها ما هو مرتبط بالتعاطي الرسمي مع ملف الهجرة، موضحا "لقد أثبتت الدولة مرة أخرى أنها غائبة وبعيدة كل البعد عن هذا الملف، بعد أن اتهمت وزارة الخارجية والديْ الطفلة بالاتجار بالبشر ليتبين لاحقا أن حادثا هو ما حال دون التحاقهما بطفلتهما".
وأشار إلى أن الخارجية التونسية أرسلت لجنة إلى إيطاليا لاستعادة الطفلة، ولكن الأمر يبدو مستحيلا لأن القانون المنظم والمواثيق الدولية يمنعان ترحيل القصر إلا بإذن من الأبوين اللذين احتجزتهما السلطات التونسية.
وتابع السلطاني "ولكن السبب الأساسي الذي يفسر تنامي هجرة الأطفال في تونس هو الاتفاقيات المنظمة للهجرة التي وقعتها تونس مع الجانب الإيطالي، والتي تفرض الترحيل القصري للشباب والبالغين".
ويؤكد السلطاني أن هذه الاتفاقيات التي وصفها بالمجحفة قادت العديد من العائلات إلى تشريك أطفالهم في الهجرة غير النظامية، مشيرا إلى أن القصر "تحولوا إلى وسيلة لضمان البقاء في بلدان الوصول رغم ما يحيط بهذه الرحلات من مخاطر قاتلة".
رحلة باهظة للبحث عن العمل
وتقول مديرة المكتب المغاربي لمنظمة العمل الدولية رانيا بيخازي لسبوتنيك، إن ظاهرة الهجرة غير النظامية تحولت إلى كابوس مخيف خاصة وأن الموت هو ما ينتظر المئات من المهاجرين.
وذكرت أن "جل العائلات التونسية المهاجرة بما فيها تلك التي تصطحب أطفالها يجمعهم هدف واحد وهو البحث عن فرصة عمل يؤمنون بها لقمة العيش لهم ولأطفالهم ويضمنون مستقبلا أفضل لأبنائهم على مستوى التعليم والمعيشة".
وأضافت "العمل هو حق لجميع الناس، وإذا لم يجدوه في وطنهم فلا يمكن للدولة أن تجبرهم على البقاء في بلدهم. ولكن من المهم أن ينظر المهاجرون إلى مخاطر الهجرة غير النظامية وإلى الثمن الباهظ الذي يمكن أن يترتب عنها".
وتشدد بيخازي على أن الحل بيد الدولة التونسية، وهو يتمثل أساسا في توفير فرص عمل للشباب، مشيرة إلى أن الاصلاحات الاقتصادية التي تنوي الحكومة البدء فيها قد تفضي إلى حل جزء من هذا الإشكال.
وتابعت "ولكن في المرحلة المؤقتة القادمة، يجب التفكير في هيكلة الراغبين بالهجرة ومعرفة حاجيات الأسواق بالبلدان التي تستقبل اليد العاملة المهاجرة، ثم مساعدتهم على العودة إلى بلدهم والاستفادة من تجاربهم التي اكتسبوها بالخارج".
عائلات تشجع على الهجرة وأوروبا تستفيد
ويعزي رئيس جمعية "أولادنا" التونسية، والأخصائي الاجتماعي رضوان الفارسي تفشي الهجرة غير النظامية في صفوف الأطفال إلى أسباب اقتصادية بالأساس، ومنها الفقر وضيق اليد إلى جانب البطالة التي تلقي بظلالها على جميع أفراد العائلة، إضافة إلى عوامل نفسية.
ويضيف الفارسي في حديثه لسبوتنيك: "أصبحت العائلة تساهم في تشجيع الأطفال على الهجرة غير الشرعية، إما بشكل غير مباشر من خلال عدم المتابعة والتأطير وفي بعض الأحيان عدم توفير الحاجيات المادية للأطفال، وإما بشكل مباشر عبر تشجيعهم الشفوي على الهجرة بعدم تحصيل محصل علمي أو تكوين يسمح لهم بالانطلاق في سوق الشغل".
وقال إن أعدادا كبيرة من الأطفال يتركون المدارس التي لم تعد بدورها جاذبة للتلاميذ، ويتوجهون إلى الهجرة السرية مدعومين من العائلة التي تقدم لهم الأموال للانخراط في حملات التسفير غير الشرعي بمقابل مادي.
ولفت الفارسي إلى وجود أسباب أخرى تدفع بالعائلات إلى تشريك أطفالها في الهجرة، ومنها الامتيازات المتوفرة في الضفة الثانية من البحر الأبيض المتوسط، موضحا "تتمتع الأسر المهاجرة المرفوقة بالأطفال بامتيازات عن الأسر الأخرى ومنها توفير وثائق الإقامة، وهو ما يحيلنا إلى الحديث عن الاتجار بالأطفال بطريقة غير مباشرة".
ويشدد الفارسي على أن مخاطر الهجرة غير النظامية تتجاوز فقدان الحياة إلى مسائل أخرى، من بينها أن الدول الأوروبية تستفيد من هجرة الأطفال عبر تكوينهم تكوينا خاصا ثم اعتبارهم مواطنين تابعين لها.
وأوضح "معظم الدول الأوروبية تعاني من التشيّخ وارتفاع عدد الأشخاص الغير القادرين على العمل، وبالتالي فإن هجرة الأطفال تساهم في خلق نوع من التشبيب للهرم السكاني لهذه الدول".
وقال الفارسي إن الاشكال الحقيقي يتمثل في أن الدولة التونسية أصبحت غير قادرة على تلبية حاجيات مواطنيها، الأمر الذي يخلف لديهم حالة من اليأس والإحباط ويقودهم إلى التفكير في المخاطرة بحياتهم وحتى بحياة أطفالهم في سبيل الوصول إلى الضفة الثانية من المتوسط طمعا في أمل جديد في الحياة".
تم حظر دخولك إلى المحادثة لانتهاك"a href="https://sarabic.ae/docs/comments.html>القواعد.
ستتمكن من المشاركة مرة أخرى بعد:∞.
إذا كنت غير موافق على الحظر، استخدم<"a href="https://sarabic.ae/?modal=feedback>صيغة الاتصال
تم إغلاق المناقشة. يمكنك المشاركة في المناقشة في غضون 24 ساعة بعد نشر المقال.